خطبة عن قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
أبريل 23, 2016خطبة عن (درجات اليقين وأقسامه وعلاماته)
أبريل 24, 2016الخطبة الأولى (اليقين بالله تعالى: معناه وفضائله)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20] ،وروى الترمذي في سننه بسند حسن : (قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ « سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ ». وفي رواية للإمام أحمد « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْراً مِنَ الْيَقِينِ وَالْمُعَافَاةِ فَسَلُوهُمَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ». وفي رواية للبزار في سننه (مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ حُسْنِ الْيَقِينِ وَالْعَافِيَةِ ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ حُسْنَ الْيَقِينِ وَالْعَافِيَةِ. ) ،وروى الإمام أحمد في مسنده (وَقَدْ أُرِيتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ يُسْأَلُ أَحَدُكُمْ مَا كُنْتَ تَقُولُ وَمَا كُنْتَ تَعْبُدُ فَإِنْ قَالَ لاَ أَدْرِى رَأَيْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ وَيَصْنَعُونَ شَيْئاً فَصَنَعْتُهُ. قِيلَ لَهُ أَجَلْ عَلَى الشَّكِّ عِشْتَ وَعَلَيْهِ مِتَّ هَذَا مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ. وَإِنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. قِيلَ عَلَى الْيَقِينِ عِشْتَ وَعَلَيْهِ مِتَّ هَذَا مَقْعَدُكَ مِنَ الْجَنَّةِ )
إخوة الاسلام
اليقين بالله تعالى شعبة عظيمة من شعب الإيمان , وصفة من صفات أهل التقوى والإحسان ، فهو كالروح للجسد ، وبه يتفاضل العارفون، وفيه يتنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون ، وبه حصول الإمامة في الدين ، قال الله – سبحانه تعالى- : ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ السجدة: 24]. فاليقين هو روح أعمال القلوب ، وهو حقيقة الصديقية، وهو قطب الإيمان ، ومتى وصل اليقين إلى القلب ، امتلأ نورا وإشراقا ، وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وهم وغم ، فامتلأ محبة لله وخوفا منه ، ورضي به وشكرا له وتوكلا عليه وإنابة إليه ،ولهذا قال أبو بكر الوراق رحمه الله: ‘اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله، وبالعقل عُقل عن الله ‘. ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : “اللهم قْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ , وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ , وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا ) ، واليقين : لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا به ، ولذلك ، فأهل اليقين هم أهل الهدى والفلاح والفوز والنجاح قال الله تعالى : ﴿ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: 4-5]. وأهل اليقين هم المنتفعون بالآيات والبراهين فقال سبحانه وهو أصدق القائلين: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20], وأخبر سبحانه عن أهل النار: بأنهم لم يكونوا من أهل اليقين ، فقال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: 32].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اليقين بالله تعالى: معناه وفضائله)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومعنى اليقين بالله :”هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك ، وهو: العِلْم المستودَع في القلْب، الذي يُعارِض اللَّبْسَ والتشكيك والرَّيب، وهو مِن الإيمان الجازم بمنزلة الرُّوح من الجسد، فقد أخرج الطبراني من طريق عبدالله بن مسعود، عن النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((إِنَّ اللَّهَ تَعالى بِقِسْطِه وَعَدْلِه جَعَلَ الرَّوْحَ والْفَرحَ في الرِّضا وَالْيَقِين)) ، واليقين بالمفهوم الإيماني : هو الاعتقاد الجازم بأنّ الله عزّ وجل هو مدبّر الأمور ، وينتج عن ذلك حسن الظنّ بالله ، والشعور بالرضا بقضائه فإنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((اللهمَّ إني أسألك إيمانًا تباشِر به قلْبي، ويَقينًا حتى أعلمَ أنه لا يمنعني رِزقًا قسمتَه لي، ورِضًا من المعيشة بما قسمتَ لي)) وقيل اليقين : رؤية العيان بقوة الإيمان، لا بالحجة والبرهان. وقيل اليقين : مشاهدة الغيوب بصفاء القلوب، وملاحظة الأسرار بمحافظة الأفكار. فاليقين : أن يكون العبد مؤمنا بالله عن جزم وعن يقين ، يؤمن بأن الله ربه المعبود بحق، وأنه لا يستحق العبادة سواه، وأنه خالق كل شيء وأنه الكامل، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه لا رب سواه ولا خالق غيره، فاليقين من أهم أعمال القلوب ،والتي تجعل القلب مستقرا ومطمئنا ، وأصحاب اليقين هم أهل الذكاء والفطنة الأكياس
الدعاء