خطبة عن (جهاد الكلمة: باللسان والقلم) (وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ)
أغسطس 28, 2021خطبة عن ( قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
أغسطس 30, 2021الخطبة الأولى ( تَعَلَّمُوا أَنْسَابكُمْ ، واحذروا أن تتفاخروا بالأنساب )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي في سننه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ ،فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ»
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي الكريم يقول صلى الله عليه وسلم:(تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ) ،فحري بكل إنسان مسلم أن يتعلم ويتعرف على نسبه ،وأن يتعلم أسماء آبائِه وأجدادِه، وأعمامِه وأخوالِه ،وسائرِ أقاربِه، والسؤال : ما الهدف ،وما الغاية من تعلم الأنساب؟ ، فتأتي الاجابة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ) ،فإذن ،فالهدف من تعلم النسب هو أن يصل رحمه، فإذا تعلم الانسان نسبه ،وتعرف على أرحامه وأقاربه ،لزمه أن يصلهم، وأن يزورهم، وأن يحسن إليهم ، ففي صلة الأرحام وزيارتهم قربى إلى الله تعالى من أعظم القربات، وعبادة من أجل العبادات، يترتب عليها الخير الكثير، والدرجات العاليات ،فيقول صلى الله عليه وسلم : (فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ) فأول فائدة من صلة الأرحام: إنَّها تؤدي إلى محبة الأهل والأقارب ،فهي سَببٌ للودِّ بينك وبينهم، وهي أيضا: (مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ) أي أن صلة الرحم سببٌ لكثرةِ المالِ وزيادته، وحلول البركة فيه، وهي 🙁مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ) أي من فوائد صلة الأرحام أنها سببٌ لطول العمر وتأخيرِ الأجَلِ وفي صحيح الأدب المفرد للبخاري وصححه الألباني : (أَخْبَرَ جُبَيْرُ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ، ثُمَّ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لِيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ الشَّيْءُ، وَلَوْ يَعْلَمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دَاخِلَةِ الرَّحِمِ، لَأَوْزَعَهُ ذَلِكَ عَنِ انْتِهَاكِه».
إخوة الإسلام
وإذا كان رسول الاسلام صلى الله عليه وسلم قد دعانا إلى تعلم الانساب ، لنصل بها الأرحام ،فإنه صلى الله عليه وسلم حذرنا أشد التحذير من التفاخر بالأنساب، فلا حرج للإنسان أن يعرف ويتعلم نسبه، فللنسب مكانة بين الناس، ولذلك، لم يأتِ الإسلام بإلغائه نهائياً، وإنّما دعا إلى تهذيبه ،وعدم التفاخر والتعالي على الناس بسببه، ،فهناك فرق كبير بين أن تتعلم الأنساب ،وبين أن تتفاخر بالأنساب ،نعم ،لك أن تتعلم نسبك ، وأن تتعرف على أهلك وعشيرتك وأقاربك فهذا جميل ،ولك أن تعتز بنسبك وعائلتك وقبيلتك وأقاربك، فهذا حسن، ففي سنن الترمذي: (أَقْبَلَ سَعْدٌ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ » وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَتْ أُمُّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَنِي زُهْرَةَ ،فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «هَذَا خَالِي».
فلك أن تتكلم بنسبك وحسبك ،ولكن، هناك حد يجب أن تتوقف عنده، وهو ألا تتفاخر أمام الناس بحسبك ونسبك، وألا تقلل من شأن ونسب الآخرين ،أو تقدح في نسبهم ،ولا يدعوك ذلك إلى أن ترى نفسك أنك أفضل من الناس، أو أنك حسيب والآخر وضيع ،أو أنك شريف والآخر مجهول النسب ،فالفخر والتفاخر بالأنساب من أمور الجاهلية المذمومة والتي حرمها الاسلام، فهو حرام ،بل هو من كبائر الذنوب والمعاصي ،لأنه يسبب الفرقة بين المسلمين، فالتفاخر بالأنساب يفرق ولا يوحد، ويشتت ولا يجمع ،وفي سنن الترمذي:(عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا) (ثم قال) (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ» .وفي مسند أحمد : (انْتَسَب رَجُلاَنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ فَمَنْ أَنْتَ لاَ أُمَّ لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «انْتَسَبَ رَجُلاَنِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً فَمَنْ أَنْتَ لاَ أُمَّ لَكَ قَالَ أَنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ابْنُ الإِسْلاَمِ . قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ أَمَّا أَنْتُ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( تَعَلَّمُوا أَنْسَابكُمْ )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد أيها المسلمون
ومن الخطإ أن يتكل الانسان على حسبه ونسبه ويترك العمل، فالإنسان إنما يشرف بإيمانه وأفعاله ،ولا ينفعه شرف آبائه وأجداده إذا كان عمله وسعيه فاسدا، ففي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ». وقال الشاعر:
(إذا افتخرتَ بأقوامٍ لهم شرفٌ قُلنا صدقتَ ولكن بئسَ ما وَلَدوا )،
وليكن معلوما أن المعيار الصحيح الذي ينبغي أن يتخذ مقياساً يقاس به الأفراد في قربهم وبعدهم من الله تعالى هو التقوى، قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، فجعلنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف ونتآلف ،ونتراحم ونتزاور، ثم جاءت القاعدة العظيمة: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات13، وفي مسند أحمد : قال صلى الله عليه وسلم في خطبته :« يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ». قَالُوا بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-) ،وفي المستدرك للحاكم : (عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه تلا قول الله عز وجل : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فقال: إن الله يقول يوم القيامة: يا أيها الناس: إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم، وأبيتم إلا أن تقولون فلان ابن فلان أكرم من فلان ابن فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم، أين المتقون، أين المتقون)
الدعاء