خطبة عن ( قصة ثلاثة الغار دروس وعبر)
يوليو 8, 2016خطبة عن( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
يوليو 8, 2016الخطبة الأولى ( ثلاثة الغار )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلاَءِ لاَ يُنْجِيكُمْ إِلاَّ الصِّدْقُ ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ . فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَجِيرٌ عَمِلَ لِى عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ ، وَأَنِّى عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا ، وَأَنَّهُ أَتَانِى يَطْلُبُ أَجْرَهُ فَقُلْتُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ . فَسُقْهَا ، فَقَالَ لِى إِنَّمَا لِى عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ . فَقُلْتُ لَهُ اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ ، فَسَاقَهَا ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ ، فَفَرِّجْ عَنَّا . فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ . فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِى ، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِى وَعِيَالِى يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ ، فَكُنْتُ لاَ أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَاىَ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا ، فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا ، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ ، فَفَرِّجْ عَنَّا . فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ ، حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ . فَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِى ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ ، وَأَنِّى رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلاَّ أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا ، فَأَمْكَنَتْنِى مِنْ نَفْسِهَا ، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا ، فَقَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ . فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا . فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا »
إخوة الإسلام
عندما تحيط بك الهموم والكربات أو تحاصرك الأوجاع والأسقام..أو تنزل بك المصائب المفاجئة .فتشل تفكيرك .وتنقطع أسبابك وتغلق في وجهك الأبواب..فهناك باب مفتوح في انتظارك..إنه باب من يجيب المضطر إذا دعاه .. باب من لا ينقطع منه الرجاء.. باب من يفرح بصوت الداعي اذا دعاه .نعم . إنه باب الله . فهو مفرج الكروب .. وكاشف الهموم .. وشافي الأمراض والأسقام .. فما عليك أيها المؤمن الموحد ..إلا أن ترفع يديك إلى الله بالدعاء .. وأن تتوسل إليه بالتوسل المشروع..فالتوسل المشروع يكون بإحدى ثلاث .. أولها التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وثانيها هو التوسل إلى الله تعالى بدعاء الأحياء من الصالحين .. وثالثها.. التوسل إلى الله تبارك وتعالى بالعمل الصالح.. ولا تتوسل أيها المسلم الموحد بالأموات أوبالأضرحة أو بالمشايخ فهذا توسل حرام وغير مشروع ..واليوم إن شاء الله تعالوا بنا نعيش لحظات مع قصة هؤلاء النفر الذين تعرضوا لكرب ومصيبة مفاجئة .. تعجز الأسباب عن حلها .. فهي فوق طاقتهم .. ولا كاشف لها إلا الله سبحانه وتعالى ..ففي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ.(أي يمشون في الصحراء ).. أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ ،( أي نزل عليهم المطر من السماء بغزارة).. فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِى الْجَبَلِ ،( أي من شدة المطردخلوا غارا قريبا منهم (والغارهو الكهف.. ونسميه المغارة).فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ ( وفي رواية (فَعَالَجُوهَا فَلَمْ يَسْتَطِيعُوهَا) ( أي سقطت على مدخل الغار صخرة كبيرة فسدت باب الغار..وأصبح من المستحيل خروجهم من هذا الغار..بل أصبح موتهم محققا.. وأنا أسأل .. كيف تتصرف إذا تعرضت لمثل هذا الموقف؟ ..هل تبكي وتصرخ؟ فالبكاء لا يجدي..هل تفزع وتلطم الخدود ؟..الفزع والهلع لا يحل المشكلة..هل تطلب العون والمدد من الولي الفلاني أو الشيخ العلاني؟ .. أقول لك هذا شرك ..وإذا مت على هذا الإعتقاد مت ميتتة الجاهلية وعلى غير دين محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله سبحانه وتعالى يقول لمثل هؤلاء في كتابه الكريم :(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) الاعراف 194..إذا.. فما هو الحل؟ .. الحل.. هو في اللجوء إلى الله، الحل.. هو التوجه إلى مدبر الكون.. وكاشف الهم و الغم ومفرج الكروب ..الحل أن تدعو الله وتتوسل إليه .. وهذا هو ما فعله أولئك النفر الذين تعرضوا لهذه المشكلة ) ،( فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.. انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا) ( وفي رواية (لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُنْجِينَا مِنْ هَذَا ) ، وأقول لكم .. هل يتذكر أحدكم الآن عملا صالحا فعله في السر خالصا لله ..ويستطيع أن يدعوه به ويتوسل به إليه ؟ إذا كانت الاجابة لا.. فالآن عاهد ربك أن تتقرب إليه بعمل صالح في السر خالص لوجهه تعالى تتوسل به إليه ولا يطلع عليه غيره ) . فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ ) ونستكمل الحديث بعد جلسة الاستراحة إن شاء الله
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ثلاثة الغار )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث : ( فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ،(وفي رواية وامرأتي ) . وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ ..كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ ..( أي ارعى الماشية واسقيهم من ألبانها )، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ ( أي رجعت آخر اليوم ).. فَحَلَبْتُ .بَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِى. (وهذا من البر بالوالدين والشفقة عليهم ..والرحمة بهم) وَإِنَّهُ (أي في يوم من الأيام ) نَاءَ بِىَ الشَّجَر(أو)ُ(نَأَى بِى) ( بعد مكان أشجار المرعي ) فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ ( أي رجع متأخرا في المساء ).. فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا ، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ ، فَجِئْتُ بِالْحِلاَبِ (الإناء الذي يحلب فيه ) فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا ، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ.. (أي يصيحون ويبكون ويستغيثون من شدة الجوع ) ..فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمْ ( أي (هكذا كان حالي وحالهم ) حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ،(أي هو واقف على قدميه يحمل إناء اللبن على يديه من العشاء وحتى طلوع الفجر لم يشرب هو ولا زوجته ولا أولاده ولم ينم طيلة ليلته رغم تعبه ).. ( ثم توجه إلى الله.. متوسلا بهذا العمل قائلا ) ..فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ..( أي بري بوالدي ) .. ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ( وفي رواية (إِنَّمَا فَعَلْتُهُ مِنْ خَشْيَتِكَ ).. فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ ، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ ..وَقَالَ الثَّانِي اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِى ابْنَةُ عَمٍّ .. أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ .فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ). فكيف تصرف معها .أستكمل الحديث في اللقاء القادم إن شاء الله
الدعاء