خطبة عن ( من المهلكات: الشح والبخل)
مارس 22, 2016خطبة عن ( أنواع الْوَسِيلَة: وسيلة مشروعة وغير مشروعة)
مارس 23, 2016الخطبة الأولى ( ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بنفْسِهِ)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الطبراني في معجمه وحسنه الألباني عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بنفْسِهِ من الخيلاء ، وَثَلاثٌ مُنَجِّيَاتٍ العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفاقة ومخافة الله في السر والعلانية )
إخوة الإسلام
لقد جمع هذا الحديث وصايا نافعة ، وتوجيهات مفيدة ، ولذا كان حريًّا بكل مسلم أن يتأمله ويتدبره ويسعى جاهدًا للنجاة من تلك المهلكات والظفر بالثلاث المنجيات ،أما قوله صلى الله عليه وسلم : (ثلاث مهلكات) أي موقعات لفاعلها في المهالك. وأول هذه الصفات والأخلاق المهلكة ( شح مطاع )، والشح: هو منع الحقوق، وهو يشمل البخل، ولكن الشح أسوأ من البخل، يقول عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: “الشح أشد من البخل، الشحيح يشح على ما في يديه فيحبسه، وهذا ما يفعله البخيل، ويشح على ما في أيدي الناس حتى يأخذه”، إذن فالفرق بين الشح والبخل: أن الشح هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه، والبخل: هو منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشح، والشح يدعو إلى البخل، والشح كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحه، ومن لم يبخل فقد عصى شحه ووقى شره”. ((والشح المطاع )) خصلة ذميمة ، وخلة شنيعة، فشدة الحرص توجب البخل والظلم، ومنع الخير ، بل وكراهية الخير، ومما ورد في ذم الشح وأهله في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم : أولا: فمن الآيات في كتابه العزيز :– قوله تعالى: ((وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)).آل عمران 180، – وقوله تعالى: ((الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )) النساء 37. – وقوله تعالى: ((هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )) سورة محمد 38. – وقوله تعالى: ((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )). الحشر 9،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بنفْسِهِ)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما ما ورد في السنة النبوية المطهرة في ذم الشح والتحذير منه ، فمنها ما في البخاري ومسلم واللفظ له ( أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ « الْقَتْلُ ». وفي سنن أبي داود وغيره أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ ». ، وإنما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الشح بكونه شر ما في الإنسان من خلائقه لأن الشح يحمل صاحبه على كل عظيمة، من منع حقوق الله عز وجل التي أوجبها في ماله كالزكاة، ويحول بينه وبين أداء ما يلزمه للناس من الديون، ولأهله من النفقات، ويدعوه إلى السرق وغصب الناس أموالهم وخيانتهم فيما ائتمنوه عليه، وأشباه ذلك من الأمور التي يمل تعدادها”. تهذيب السنن والآثار ،وروى مسلم في صحيحه (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ ». وقد كان عبد الرحمن بن عوف يكثر في طوافه بالبيت وبالوقوف بعرفة أن يقول: (اللهم قني شح نفسي)، فسئل عن ذلك فقال: إذا وقيت شح نفسي وقيت الظلم، والبخل والقطيعة، وفى رواية عنه قال: إني أخاف أن أكون قد هلكت قيل وما ذاك: قال أسمع الله يقول: ((ومن يوق شح نفسه)) وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء ، فقالوا: ليس ذاك بالشح الذي ذكره الله في القرآن إنما الشح إن تأكل مال أخيك ظلما ، وإنما يكن بالبخل وبئس الشيء البخل”. ولنا مع الموضوع لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء