خطبة عن ( مفاسد اتباع الهوى والعجب بالنفس)
مارس 22, 2016خطبة عن ( من المهلكات: الشح والبخل)
مارس 22, 2016الخطبة الأولى ( من المهلكات: اتباع الهوى)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (50) القصص، وفي مسند البزار : ( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْمُهْلِكَاتُ ثَلاثٌ : إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبِعٌ) .
إخوة الإسلام
فما معنى الهوى ؟ : الهَوَى محبةُ الإِنسان الشيء وغَلَبَتُه على قلبه، قال الله عز وجل: ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)) النازعات 40، أي: نَهاها عن شَهَواتِها وما تدعو إِليه من معاصي الله عز وجل. واعلموا أن اتباع الهوى صفة ذميمة قد تضافرت على ذمها والتحذير منها نصوص الكتاب والسنة، وما ضل من ضل عن سبيل الرشاد والهداية وأوغل في سبيل الضلال والغواية إلا وكان الهوى العامل الأساس في ذلك، وقد جاء ذم الهوى في القرآن الكريم في أربع عشرين موضعًا، منها قوله تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) [الأنعام:119]،وقوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ ) [القصص:50]، وقوله جل شأنه: ( بَلْ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) [الروم:29]. وكل من ردَّ الحق ورفضه بغير برهان فإن به شبهًا بأعداء الله اليهود، وبئس المتشبّه به، قال الله حاكيًا حالهم: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) [البقرة:87]، وقال تعالى: ( لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ) [المائدة:70]. بل إن الهوى ليتمادى بصاحبه ويتمكن منه حتى يصعب عليه تركه، جاء في حديث معاوية في ذكر الفرق الضالة في هذه الأمة: ((وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِى أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ لاَ يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلاَ مَفْصِلٌ إِلاَّ دَخَلَهُ ». خرجه أحمد.
أيها الإخوة
وقد يصل بالإنسان الأمر أن يكون عبدًا لهواه من دون الله، قال تعالى: ( أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) [الفرقان:43]، قال قتادة : “إن الرجل إذا كان كلما هوي شيئًا ركبه وكلما اشتهى شيئًا أتاه لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى فقد اتخذ إلهه هواه”. ولذلك كان من أخوف ما كان يخافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، مُضِلاَّتِ الْهَوَى ففي مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِى بَرْزَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَىِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلاَّتِ الْهَوَى » ، ولذلك كان كثيرا ما يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستعيذ بالله من الأهواء ، فيقول كما في الترمذي عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ ». وقال الشافعي : “لأن يلقى الله العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيءٍ من الأهواء”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من المهلكات: اتباع الهوى)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد تضافرت أقوال السلف في التحذير من أهل الأهواء الذين يخدعون الناس بمعسول القول وفصيح الكلام، قال ابن عباس : (لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب)، وقال إبراهيم النخعي : “لا تجالسوا أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب وتسلب محاسن الوجوه وتورث البغضة في قلوب المؤمنين”، قال الحسن البصري : “لا تجالسوا أصحاب الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم”، وقال أبو قِلابة : “لا تجالسوا أصحاب الأهواء ولا تجادلوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون”. ـ فالحذر الحذر من الأهواء التي أصبحت تبثّ في هذه الأيام عبر كثير من وسائل الإعلام المرئية منها والمقروءة والمسموعة. قال ابن رجب رحمه الله: “إن جميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله، وكذلك البدع تنشأ من تقديم الهوى على الشرع، ولهذا يسمى أهلها أهل الأهواء، ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه ، كان ذلك نقصًا في إيمانه الواجب، فيجب عليه حينئذٍ التوبة من ذلك والرجوع إلى اتباع ما جاء به الرسول من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النفس ومراداتها كلِّها”
الدعاء