خطبة عن ( اعجاب المرء بنفسه مهلكة)
مارس 22, 2016خطبة عن ( من المهلكات: اتباع الهوى)
مارس 22, 2016الخطبة الأولى ( مفاسد اتباع الهوى والعجب )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (23) الجاثية ، وفي مسند البزار : ( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : الْمُهْلِكَاتُ ثَلاثٌ : إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوًى مُتَّبِعٌ.)
إخوة الإسلام
إن الهوى المتبع خطير عظيم، فالهوى يهوي بصاحبه في النار، والهوى المتّبع، يجذب، ولكنه يسحب إلى الدركات السفلى، فصاحب الهوى لا يرى إلا الهوى، فإذا تكلم تكلم بهواه، وإذا صمت صمت بهواه، وإذا أعطى أعطى لهواه، وإذا منع منع لهوى، فيعيش لهواه، يُعميه ويصميه، ولذلك كان لاتباع الهوى مفاسد عظيمة سأذكر لكم بعضا منها : المفسدة الأولى: أن يعلم أن الهوى ما خالط شيئا إلا أفسده ،فإن وقع الهوى في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء ،وإن وقع الهوى في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة ،وإن وقع الهوى في الحكم أخرج صاحبه إلى الظلم وصده عن الحق ، وإن وقع الهوى في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور ، وإن وقع في الولاية والعزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين حيث يولي بهواه ويعزل بهواه ، وإن وقع الهوى في العبادة خرجت عن أن تكون طاعة وقربة فما قارن شيئا إلا أفسده. المفسدة الثانية: أن الله سبحانه وتعالى شبه أتباع الهوى بأخس الحيوانات صورة ومعنى ، فشبههم بالكلب تارة ، كقوله تعالى : وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)) الاعراف 176، وبالحمر تارة كقوله تعالى ((كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ)) المدثر 50 ، وقلب صورهم إلى صورة القردة والخنازير تارة. المفسدة الثالثة من مفاسد اتباع الهوى: أن الله سبحانه وتعالى جعل متبع الهوى بمنزلة عابد الوثن، فقال تعالى: ((أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ )) الفرقان 43، قال الحسن: هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه. وقال أيضا: المنافق عبد هواه لا يهوى شيئا إلا فعله. المفسدة الرابعة من مفاسد اتباع الهوى: أن الهوى داء ودواؤه مخالفته، قال بعض العارفين : إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بدوائك ،(داؤك هواك ،ودواؤك ترك هواك ومخالفته).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مفاسد اتباع الهوى والعجب )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الآفات والأمراض التي تصيب الإنسان : إعجابه بنفسه ،فمن الناس من يُعجب بذكائه وتفكيره ، وعبقريته ورأيه، ومنهم من يُعجب بخطه، ومنهم من يُعجب بعضلاته وجسده وقوته، ومنهم من يُعجب بمنصبه، ومنهم من يُعجب بماله، ومنهم من يُعجب بأولاده، منهم من يُعجب بخدمه، منهم من يُعجب ببيته ومركبه، فإعجاب المرء بنفسه مرض قاتل ، وداء فتاك ، وخلق ذميم ، رأى محمد بن واسع ابناً له يمشي مشية منكرة فقال له: “تدري بكم شريت أمك؛ لأن أمه كانت أمة، بثلاثمائة درهم، وأما والدك فلا أكثر الله في المسلمين مثله، وأنت تمشي هذه المشية”، وقال بعضهم: رأيت في الطواف رجلاً بين يديه خُدام يمنعون منه الناس، ثم رأيته بعد ذلك على جسر ببغداد ذليل يسأل الناس، فتعجبت منه، فقلت: أنت الذي كنت في مكة؟ قال: نعم، إني تكبرت في موضع يتواضع الناس فيه، فابتلاني الله بالذل في موضع يترفع الناس فيه. وإعجاب المرء بنفسه، يورث الكبر الباطن الذي يثمر التكبر الظاهر في الأعمال والأقوال والأحوال، وهو يدعو صاحبه إلى نسيان التوبة من الذنوب، ويجعل صاحبه يستعظم العبادات والأعمال ،ويمن على الله بفعلها، والمعجَب بنفسه ورأيه يأمن مكر الله وعذابَه.
الدعاء