خطبة حول حديث (وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ)
مارس 13, 2016خطبة حول حديث (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)
مارس 13, 2016الخطبة الأولى (نفخ الروح في الجنين وحديث (ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ».
إخوة الإسلام
الروح أمر غيبي ،وهو سر الحياة الذي حير العلماء، فلا تدركه العقول ، وكأن الحق تبارك وتعالى يظهر للإنسان ضعفه وعجزه ، ويبين له قدره ، فيامن نزلت على سطح القمر ، وغصت في عالم البحار ،ها أنت وقفت عاجزا حائرا أمام روحك والتي هي جزء منك ، فهذه الروح التي بين جنبيك ، أنت لا تعلم عنها شيئا ، وإذا كانت الروح وهي مخلوق من مخلوقات الله لا تستطيع إدراكها أيها الإنسان ، فكيف تريد أن تدرك خالقها وخالقك ؟ سبحانه وتعالى : (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الانعام 103، وهذه الروح تقول للإنسان إن الله غيب ، وآمنا به وهو غيب عنا ، كما أننا مؤمنون بوجود الروح وهي غيب عنا ، ولا تدركها حواسنا ، ولا يصل إليها علمنا ، هذه الروح هي حقيقة الإنسان ، فهي التي تمتطي هذا الجسد في الدنيا ، وهي التي تفارقه عند الموت ، وتكون إما في أعلى عليين كما هي أرواح المؤمنين ، وإما أن تكون في أسفل سافلين كما هي أرواح الكفرة والمجرمين والفجرة ، ففي صحيح مسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) قَالَ أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ ) ، وفي موطأ الامام مالك (كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ ». أما روح الكافر ففي مسند أحمد فيقال لها (مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) « فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحاً ». ثُمَّ قَرَأَ (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)
أيها المسلمون
وعودة إلى الحديث ، فيقول صلى الله عليه وسلم (وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ ) هكذا يؤمر الملك بكتابة أربعة أشياء أولها رزق هذا العبد ، فالأرزاق بيد الله وبأمره ، فلا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ،وكلمة رزق لا تعني المال فحسب ، بل هي أوسع وأشمل من ذلك ، فهي تعني كل ما ينتفع به العبد في حياته ، هي تعني رزقه من المال ، ورزقه من الصحة والعلم والأخلاق والنساء والأولاد والجيران والأصدقاء ، والماء والطعام والهواء ، والصبر والرحمة والتواضع والحياء وهكذا
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (نفخ الروح في الجنين وحديث (ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي المستدرك (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشرط الثاني ) فالمرأة رزق ، وفي مسند أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ ) ، فالأخلاق رزق ، وفي سنن البيهقي وغيره (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لاَ تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدٌ يَمُوتُ حَتَّى يَبْلُغَهُ آخِرُ رِزْقٍ هُوَ لَهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ مِنَ الْحَلاَلِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ ». وفي المعجم للطبراني : (فو الذي نفس أبي القاسم بيده إن أحدكم ليطلبه رزقه كما يطلبه أجله )، وفي صحيح ابن حبان (عن بن عمر قال جاء سائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تمرة عائرة فأعطاه إياها ،وقال النبي صلى الله عليه وسلم خذها لو لم تأتها لأتتك ) ، وما على العبد إلا أن يعمل بالأسباب ، قال تعالى :(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) الملك 15 ، وماذا عن الرزق ؟ ذلك ما نستكمله إن شاء الله
الدعاء