خطبة عن (الكفارات والدرجات)
يوليو 9, 2016خطبة عن ( اغْتَنِمْ : حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ )
يوليو 9, 2016الخطبة الاولى (حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : ( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ». روى الترمذي وغيره عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هي قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا. فَإِذَا هي يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا. فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا)
أيها الموحدون
يبين لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الحق تبارك وتعالى لَمَّا خَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ لينظر إلى ما أعده الله فيها من النعيم لعباده المؤمنين ،فلما ذهب سيدنا جبريل إلى الجنة ونظر فيها ورأى ما أعده الله تبارك وتعالى من ألوان المتعة والنعيم فوق ما يتصوره العقل .. لأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،.. وجدها لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ملاطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم،… وجدها جنة عرضها السماوات والأرض، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضًا، فيها غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها،.فيها شجرة يسير الراكب الجواد المضمّر السريع مائة عام ما يقطعها، ، فيها من كل فاكهة زوجان… قد ذللت قطوفها تذليلاً…فيها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، يطوف عليهم ولدان مخلدون، إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا ، يطوفون عليهم بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين وأكواب من فضة في صفاء القوارير، شرابهم التسنيم والزنجبيل والكافور، وطعامهم فاكهة مما يتخيرون، ، ولحم طير مما يشتهون، يُعطى الواحد منهم قوة مائة في الأكل والشرب والجماع، ورشحهم المسك،..،ولو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس، لا غل بينهم ولا حسد ولا بغضاء. أما نساؤهم من الحور العين فلو اطلعت إحداهن إلى الأرض لأضاءت الدنيا، ولملأت ما بينها ريحًا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها، وللرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين، على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب، وأنشأهن الله إنشاءً فجعلهن أبكارًا، كلما أتاها زوجها رجعت بكرًا كما كانت،.. متوددة إلى زوجها… محببة إليه، قصرت طرفها عليه،..طاهرة مطهرة من الأنجاس والأقذار والأرجاس، وإنهن ليغنين لأزواجهن بأحسن أصوات، .وإن أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤًا ولباسهم فيها حرير، هم وأزواجهم في ظلال على الأراك متكئون، متكئون على فرش بطائنها من إستبرق، وجنى الجنتين دان،يلهمون التسبيح كما تلهمون النفس. فلما رأى جبريل عليه السلام ذلك النعيم الذي لم ير مثله قبله قال (فَوَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا) ،نعم لقد أقسم سيدنا جبريل بعزة الله أنه لا يسمع بهذه الجنة وبذاك النعيم مخلوق عاقل رشيد إلا أسرع بالدخول إليها لأنه نعيم ما بعده نعيم.. وكل النفوس تشتاق إليه وتتمناه..وهنا .. أمر الله سبحانه وتعالى أن تحف الجنة وتحاط طريقها بالمكاره فما هي هذه المكاره التى تجعل الطريق الى الجنة صعبا
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له .واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أمر الله سبحانه وتعالى أن تحف الجنة وتحاط بالمكاره أي بما تكرهه النفوس من التكاليف الشرعية ، من فعل الطاعات ، وترك المنكرات ، ليختبر الله بذلك العباد ،نعم.. حفت الطريق إلى الجنة بمشقة التوحيد وتنزيه الله.. وإخلاص العمل له بعيدًا عن السمعة والرياء حفت بالاغتسال ،وبالوضوء في البرد القارس و بالصلاة في وقت الحر وفي ظلمة الليل وعند الفجر …حفت الجنة ببذل المال بالزكاة والصدقة و حفت الجنة بالجهاد في سبيل الله وقتال الأعداء حتى الموت لإعلاء كلمة الحق لا اله إلا الله.. حفت بترك الأولاد والزوجات والأموال دفاعا عن الدين والوطن , حفت بالعفو عمن ظلم ووصل من قطع والإحسان إلى من أساء حفت بالصبر… نعم بالصبر على البلاء… بالصبر على الظلم ..على الفقر والمرض بالصبر على الأولاد والأهل والجيران والأرحام بالصبر على شهوة البطن والفرج وشهوة التملك والانتقام حفت الجنة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وهكذا حفت الطريق إلى الجنة بكل ما تكرهه النفس ،وهنا أمر الله عز وجل سيدنا جبريل أن عود مرة اخرى إلى الجنة :(فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هي قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ) ،نعم فبعدما حفت الجنة بالمكاره خشي سيدنا جبريل ألا يدخل الحنة احد .لأن القليل من الناس من يستطيعون مقاومة شهوات النفس.. والشيطان والهوى..القليل من الناس من يحب العبادات و الطاعات ويتحمل التكاليف الشرعية طاعة لله. ثم أمر جبريل أن يذهب إلى النار ( قَالَ اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا. فَإِذَا هي يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا.) ،ويعني: أحدٌ عاقل راشد،.؟ لأنه رأى النار يركب بعضها بعضًا، كما وصفها ربها: ( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ) الملك 8، رأى نارًا وقودها الناس والحجارة، . فماذا كان رد فعله عليه السلام تجاه هذا الجحيم؟ أقسم: ((وعزتك، لا يسمع بها أحد فيدخلها)) وهنا( فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ) ،نعم حفت الطريق إلى النار بالشهوات حفت بما تشتهيه النفوس من النساء والغناء والخمر والرقص والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والمناصب البراقة والكبر والعجب والرياء والسمعة والفخر حفت . بالزنا والربا والرشوة والتبرج والسفور، حفت بالكذب والخيانة والغيبة والنميمة .. حفت بالطمع والأمل والشح والبخل .. حفت بالانتقام والظلم والغضب .. وكل هذه الشهوات محببة إلى النفوس، ولها جاذبية تشدّها إلى نار جهنم شدًا، وإبليس قائم لا يفتر (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).وهنا أمر الله جبريل (فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا. فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا)
أيها الإخوة
إن الشهوات التي تؤدي إلى النار كثيرة، كما أن المكاره في طريق الجنة متعددة، وصاحب الشهوات المحرمة لا يفتر ولا يشبع ، بل كلما ظفر بشهوة رغب في أخرى، فلا الشهوات تنتهي ولا المكاره تتوقف، حتى يحين الأجل وهو قريب،..و العاقل من يوازن ويقارن، فيؤثر ما يبقى على ما يفنى،فلذةُ الشهوات المحرمة مؤقتة سرعان ما تنقضي، ويبقى ألمها حسرة وندامة، ومشقةُ الطاعات وألمُها مؤقت كذلك، وسرعان ما يزول ويبقى أجرها ذخرًا عند الله. فلا خير في لذة بعدها النار ولا شر في مشقة بعدها الجنة روى مسلم عن أنس قال: قال : ((يؤتى بأنعمَ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في جهنم صبغةً، ثم يقال له: يا ابن آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغةً، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدةً قط)). فإذا كنا نشتاق إلى الجنة فلابد أن نتعرف على طريقها فما هو طريق الجنة؟ ذلك هو موضوعنا القادم إن شاء الله ..فالله إنا نسألك الجنة وما قرب إليها
الدعاء