خطبة عن ( ما يعين الانسان على حفظ اللسان )
فبراير 2, 2016خطبة عن (حفظ اللسان )
فبراير 2, 2016الخطبة الأولى ( ضوابط الكلام وحفظ اللسان )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه : ( عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِى الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِى مِنَ النَّارِ. قَالَ « لَقَدْ سَأَلْتَنِى عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ». ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ». قَالَ ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ». ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ »
إخوة الإسلام
للكلام ضوابط ضبطها الشرع من خلال ما جاء في كتب الله المنزلة وعلى لسان الرسل والأنبياء بالدعوة . ونجد من أفضل ما قيل على لسان الحكماء, قول لقمان الحكيم لآبنه وهو يعظه : (اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)) ، ولا شك أنها عظة عظيمة ، لو عمل بها الناس ، بعد استشعارها لارتاحوا ,واستراحوا…فاللسان على رغم صغره يعظم خطره ,كما قال الصديق رضي الله عنه : (إن هذا أوردنا الموارد) ، ولهذا كان حفظ اللسان من الأخلاق العظيمة التي حثنا عليها الشرع … والمقصود بحفظ اللسان ألا يتحدث الانسان إلا بالخير فقط , ويبتعد عن قبيح الكلام, وسيئه ومن هذا الكلام “الغيبة والنميمة القذف والفحش والبداءة” ، والإنسان مسؤول أمام الله على ما يخرج من بين فكيه قال الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق 18، أما من أطلق عذبة اللسان، وأهمله مرخيَ العنان، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هارٍ، أن يضطره إلى دار البوار، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. كما في سنن الترمذي قال صلى الله عليه وسلم « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ »
وما أجمل قول القائل :
احـفظ لســانك أيهـا الإنســـــان لا يلــــدغـنـــك إنـــه ثعــبـــان
كـم فـي المقابر مـن قتيل لسـانه كـانت تخــاف لقـاءه الشــجعان
أيها المسلمون
واللسان الذي جاء ذكره، في كتاب الله العزيز، أكثر من خمس وعشرين مرّة، فهو سلاح عند الإنسان، بحدّين، وفوائده أو مضاره، كلّ منهما له شقّان، أو ما يسميه بعضهم: سلاح ذو حدين، وكلّ حدّ منهما له مهمة، في النفع والضر. فقد كان الزبرقان بن بدْر، في يوم مّا، من الوافدين على رسول الله، وفي المجلس مدحه رجل، بكلام حسن، ولكنّه لم يعجب الزبرقان، ويريد ثناء أكثر، فقال الزبرقان: يا رسول الله إنه يعلم فيَّ أكثر مما قال، ولكنه حسدني، وأخذته الغيرة ضدي، وحَسَبِي ونَسَبِي، فعاد الرجل ليقول فيه: يا رسول، إنه لبئس الخال، والمحتد، وإنه لوضيع فينا، فبان الأثر في وجه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فزاد الرجل بالقول: والله يا رسول ما كذبت في الأولى، ولقد صدقت في الثانية.. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (وإن من البيان لسحرًا). ولذا فإنّ بعض العقلاء يحسب للكلمة، قبل انفلاتها ألف حساب، فيزيّنها ويتردد في إخراجها، حاسبا النتيجة، وماذا تلاقي عند المستمع: مصلحة مرجوّة، أو إيذاء يُكسب عداوة، فبعضهم في محاسبته لنفسه، حول الكلمة قبل انفلاتها يقول: يا ليت حلقي حلق نعامة، وما ذلك إلا لطول رقبتها، والكلمة تخرج من الإنسان مع الحنجرة، فالقائل يريد التردّد في كلامه، قبل خروج ذلك الكلام من الإنسان، حتى يتوجس تأثيره ونفسه، أو ضرره وماذا يلحقه من ورائه من تبعات.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (حفظ اللسان )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومعلوم أن الكلام لا يخرج للناس، إلا بنطق اللسان فإن كان هذا الكلام المنطوق – قل أو كثر – .. ذا مردود حسن، ارتاح عنه وأخرجه، أما إذا كان ذا أثر ومردود سيئ، أمكن حجزه في هذه الرقبة الطويلة.. قبل أن يخرج. و حُكي عن بعض الحكماء رأى رجلاً يُكثر الكلام ويُقل السكوت ، فقال : إن الله – تعالى – إنما خلق لك أذنين ولسانا واحداً ، ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به . وروى الربيع بن صبيح أن رجلاً قال للحسن : يا أبا سعيد إني أرى أمراً أكرهه ، قال : وما ذاك يا ابن أخي ، قال : أرى أقواماً يحضرون مجلسك يحفظون عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك ، فقال : يا ابن أخي : لا يكبرن هذا عليك ، أخبرك بما هو أعجب ، قال : وما ذاك يا عم ؟ قال : أطعت نفسي في جوار الرحمن وملوك الجنان والنجاة من النيران ، ومرافقة الأنبياء ولم أطع نفسي في السمعة من الناس ، إنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي خلقهم ، فإذا لم يسلم من خلقهم فالمخلوق أجدر ألا يسلم . وقال جبير بن عبد الله : شهدت وهب ابن منبه وجاءه رجل فقال : إن فلاناً يقع منك ، فقال وهب : أما وجد الشيطان أحداً يستخف به غيرك ؟ فما كان بأسرع من أن جاء الرجل ، فرفع مجلسه وأكرمه . وجاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا ويكتب عليه حتى أنينه في مرضه ، فلما مرض الإمام أحمد فقيل له: إن طاووساً كان يكره أنين المرض ، فتركه . وقال عمر بن عبد العزيز : من علم أن كلامه من عَمَلِهِ ، قل كلامه إلا فيما يعنيه . ونستكمل الحديث عن حفظ اللسان في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء