خطبة عن (نستقبل شهر رمضان) مختصرة
فبراير 25, 2024خطبة عن (من أخلاق الصائمين) 2
فبراير 26, 2024الخطبة الأولى ( مرحبا شهر رمضان مرحبا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام البخاري في صحيحه : ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -:«إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ،وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ،وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ »
إخوة الإسلام
بعد أيام قلائل يهل علينا ضيف كريم ،وينزل برحابنا زائر مقل ،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر به أصحابه ،ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ : « قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ »، كما كان سلف الأمة – رضوان الله عليهم – يتباشرون بقدومه، ويُهنئ بعضهم بعضاً بقولهم: (اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر، فسلمه لنا وسلمنا له، وارزقنا صيامه وقيامه، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والنشاط، وأعذنا فيه من الفتن) ،وذلك لما يعلمون من فضل رمضان، وسعة فضل الله عليهم فيه، وما ينزله الله تعالى على عباده من الرحمات، ويفيضه عليهم من النفحات، ويوسع عليهم من الأرزاق والخيرات، ويجنبهم فيه من الوقوع في الزلات والموبقات ،حيث يفتح لهم أبواب الجنان، ويغلق عنهم أبواب النيران، ويُصفِّدُ فيه مردة الجان، فهو للأمة ربيعها، وللعبادات موسمها، وللخيرات سوقها، فلا شهر أفضل للمؤمن منه، ولا عمل يفضل عما فيه، فهو بحق غنيمة المؤمنين، وموسم الطاعة للمتقين، والسوق الرائجة للمتنافسين، يرتقي فيه أقوام إلى أعالي الدرجات، ويُسِفُّ فيه أقوام استعبدتهم الأهواء والشهوات ،فالمسلم المتهلل بقدوم شهر رمضان لديه هذا الشعور بهذا الكسب العظيم، الذي لا يدرك مثله في سائر الشهور، ولا ريب أنه مدرك ذلك لا محالة إن كان قد عقد العزم على اكتسابه ،لأن الله تعالى يكتب أجره بهذه النية الصالحة، وإن حال دون صيامه عجز أو هلاك.
أيها المسلمون
فنحن نستقبل شهراً كريماً، وموسماً عظيماً، خصَّه الله بالتشريف والتكريم، وأنزل فيه القرآن العظيم، وفرض صيامه على المسلمين، وسن قيامه الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – فهو شهر التقوى، وشهر القرآن، وشهر إفطار الصائمين والإطعام، وهو شهر الصدقات، وشهر إجابة الدعوات، ومضاعفة الحسنات، ورفع الدرجات، وإجزال الهبات، وكثرة النفحات، وهو شهر التوبة، وشهر الأوبة، وشهر تسكب فيه العبرات، وتكثر فيه الصدقات، وتقشعر فيه الجلود لرب الأرض والسماوات، وهو شهر تكفير السيئات، والصفح عن الزلات، وإقالة العثرات، شهر فضَّل الله أوقاته على سائر الأوقات، وخصَّه بأسمى المزايا والصفات، (فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ». رواه الترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني ،ففي الصيام استعلاء على الشهوات، وترفعاً عن سفاسف الأمور، ووصولاً إلى مدارج التقوى، وفي الصيام تمسك الجوارح عن كل مؤثر على الصوم، فيصوم البصر عن نظر الحرام، ويصوم اللسان عن قول الزور، ويصوم السمع عن سماع الحرام، وتصوم البطن عن أكل الحرام، ويصوم الفرج عن الوقوع في الزنا والآثام، وتصوم الجوارح كلها عما يصدها عن عبادة الرحيم الرحمن ،نعم ،فهذا هو شهر رمضان المبارك، الذي خصنا الله تعالى به من بين سائر الأمم، وهو الشهر الذي يترقب بلوغه أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فكلهم يحمد الله ويشكره على أن سلمه لرمضان، ويريد كل منهم أن يكون موسم الفوز بالتقوى والمغفرة، كما بشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ،وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ »،
فينبغي على كل مسلم أن يكون قد وطّن نفسه لأن يكون متبتلاً فيه لربه سبحانه بما يقدر عليه، لاسيما قراءة القرآن الكريم، فإن هذا الشهر هو شهر القرآن، لكونه تنزّل فيه، وكان عليه الصلاة والسلام له ورد خاص بمدارسةً القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان، ففي مسند أحمد وغيره :(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ)، وكان السلف الصالح إذا دخل رمضان لم يشتغلوا بغيره، تأسياً بحال النبي عليه الصلاة والسلام، فكانوا يتركون الدروس والمواعظ وغيرها، ويملؤون وقتهم ليلاً ونهاراً بالقرآن الكريم، ولهم ذكر حسن في عدد ختماته من مقل ومستكثر، والموفق من نافسهم في سلوكهم ومنهجهم. والناس في استقبال شهر رمضان صنفان : صنف يستقبل رمضان بالموائد والمطاعم والمشارب , يقضي معظم النهار نائماً ,ويقطع معظم ليله هائماً ،والصنف الآخر يستقبل رمضان بالعودة إلى الله والتوبة والاستغفار وترك ما نهى الله عنه من العصيان ،لا سيما في شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران ،فيجب علينا استقبال الخير والإحسان بالخير والإحسان ,وبهجر المنكرات ,وترك الموبقات ،وعلينا بصلة الأرحام ،وبر الوالدين فإنها ترضي الرحمن ،وتدخل بها الجنان برفقة المصطفى العدنان ،إنه شهر الخير والعطاء ،والبر والنماء ,إنه شهر الإحسان والجود والكرم والبذل في سبيل الله ,فلا تنسوا أحبتي إخوانكم الفقراء والمساكين ,والأرامل والأيتام المحتاجين ,فأروا الله من أنفسكم خيراً ،فإن أكرم الناس بذلاً من أعطى من لا يرجوه ،وأعظم الناس عفواً من عفا عن قدرة , وأوصل الناس رحماً من وصل عن قطيعة .
أيها المسلمون
فمرحباً بشهر قد اختص الله تعالى فيه جزاء الصائمين ،وجعله له وهو يجزي به جزاء الكريم ففي الصحيحين :(أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ ،فَإِنَّهُ لِي ،وَأَنَا أَجْزِى بِهِ) ،ومرحباً بشهر اختص الله سبحانه الصائمين فيه بباب الريان ،ففي الصحيحين واللفظ لمسلم :(عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ – رضي الله عنه – قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ ،يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ».،فمرحباً به وأهلاً ،ونعم المجيء جاء، مرحباً به لنتفيأ فيه ظلال العبودية لله تعالى التي هي أشرف مقامات الإنسان، وتتحقق بالاشتغال بوظائف هذا الشهر الكريم الكثيرة، صياماً وقياماً، وتلاوة للقرآن الكريم وتدبراً له، وصدقات وزكوات وفعل خيرات، وحضور مجالس الذكر، وصلة الأرحام، وغير ذلك مما يجدد الإيمان ويزيده ثباتاً، ويكسب التقوى، ويشرح الصدر، ويعظم الأجر، ويضاعف الحسنات ، إنه الشهر العظيم الذي ينتظره المسلمون بشغف ولهفة ,وينتظره المؤمنون بشوقٍ ودمعة , دموع فرح باستقبال أغلى وأكرم الشهور على قلوبهم ،إنه شهر الخير والرحمة ,شهر النقاء والعفة, شهر الطهر والصفاء ،فيه تصفو القلوب ,وتسمو النفوس ,وترقى الأرواح ،فهنيئاً لكم أيها المسلمون بقدوم شهر الخيرات ,شهر المبرات ,شهر المسرات ,يباهي الله بكم ملائكته, وينظر إلى تنافسكم فيه
مرحبا أيها الشهر العظيم، فأنت تزورنا في كل عام مرة، فتجلب معك السعادة والبركة والنشاط. فرمضان هو شهر الطاعة والزهد والتقشف والقيام لله عز وجل، وهو شهر شرع لتربية الأمة المسلمة على الصبر وتحمل المشاق في سبيل الله، فالأمة المسلمة أمة عمل وإنتاج وجهاد، ولا يتم ذلك من دون الصبر، فالصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، وكفى بالصيام باعثاً على الصبر، فيه يحبس الإنسان نفسه طواعية عن لذائذ الحياة ابتغاء وجه الله عز وجل، وهذا الحبس يولد في نفسه القدرة على التحمل في أعتى الظروف، ويربي فيه الإرادة الحرة التي لا تخضع إلا لله تعالى، فشهر الصيام شهر عمل ونشاط، وليس شهر الكسل والخمول، والنجاح في هذا الشهر عندما نخرج منه وقد تحررنا من العبودية للشهوات الجامحة، والرغبات الفاسدة، والأهواء القاتلة، وذلك لا يتم إلا عندما نقهر الحقد بالصفح، والعداوة بالتسامح، والعجلة بالصبر، والذنوب بالتوبة ، فمرحبًا بك يا شهر الخير. مرحبًا بك يا شهر الإنسانية الكاملة. مرحبًا بك يا شهر الروحانية الفاضلة. مرحبًا بك يا شهر الحرية الصحيحة. مرحبًا بك يا شهر رمضان. أقبل أقبل، وأقم طويلاً في هذه الأمة الطيبة المسكينة، وألق عليها درسًا من هذه الدروس البليغة، ولا تفارقها حتى تزكي أرواحها، وتصفي نفوسها، وتصلح أخلاقها، وتجدد حياتها، وتقيم موازين التقدير فيها، فتعلم أن المطامع أساس الاستعباد، وأن الشهوات قيود الأسْر، وأن أساس الحرية الاستغناء، وأن الاستغناء يستتبع المشقة، ولكنها مشقة عذبة لذيذة؛ لأنها ستنتج الحرية، والحرية أحلى من الحياة
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام يا حبيباً زارنا في كل عام
قد ألفناك بحب مفعم كل حب في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم منا صومنا ثم زدنا من عطاياك الجسام
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مرحبا شهر رمضان مرحبا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فحييت يا شهر الغفران ،حييت يا شهر القرآن ،يا شهر تتزين فيه الجنان ،وشهر العتق من النيران ،فحق علينا يا رمضان أن نرحب بك ضيفاً كريماً، وموسماً عظيماً، وخيرات تتوالى، وبركات تتعاظم، وحسنات تتضاعف، وسيئات تتناثر، وحري بنا أن نفرح بحلولك والقلوب فيك – بذكر الله – تطمئن، والنفوس تسعد وتأنس، والأرواح ترق وتسمو، والعزائم تقوى وتعلو، والأرحام تُوصل، والزكوات تُخرج، والآيات تُتلى، والعبرات تُسكب. نهارك – بالصوم والعبادة – سكينة وطمأنينة، وليلك – بالدعاء والقيام – ضياء وأنوار، من كل وجه وفي كل ناحية خير وعطايا تستحق الشكر والتعظيم، وتستوجب الترحيب والتكريم.. مرحباً بك يا رمضان مقرباً للجنان، ومباعداً من النيران …مرحباً بك يا رمضان منقذاً من الغفلة والنسيان، وموجهاً للذكر والقرآن…مرحباً بك يا رمضان صارفاً عن الشهوات، وسائقاً إلى الطاعات…مرحباً بك يا رمضان معالجاً للشح والبخل، ومحفزاً للجود والكرم… مرحباً بترك الطعام والشراب، مرحباً بسهر الليل في القيام، مرحباً بإتلاف المال بالإنفاق في سبيل الله، مرحباً بك يا رمضان بكل ما فيك من مشقة مرغوبة، وتعب لذيذ، وجهد مريح، نعم ،فنحن- المؤمنين- لا نرى فيك ثقلاً ،ولا في صومك عبئاً، بل العكس هو الصحيح، فمرحبا بك يا رمضان .
الدعاء