خطبة حول ( لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ )
ديسمبر 17, 2022خطبة عن (بشر الناس أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة )
ديسمبر 17, 2022الخطبة الأولى ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) (111) الاسراء
إخوة الإسلام
القرآن الكريم هو أساس رسالة التوحيد، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، وهو الرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزغ عنها إلا هالك ، وموعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذه الآية من كتاب الله ، نتلوها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار مراميها ، ونعمل -إن شاء الله- بما جاء فيها ، فقد جاء في تفسيرها في التفسير الميسر : وقل -أيها الرسول-: الحمد لله الذي له الكمال والثناء، الذي تنزَّه عن الولد والشريك في ألوهيته، ولا يكون له سبحانه وليٌّ مِن خلقه ،فهو الغني القوي، وهم الفقراء المحتاجون إليه، وعظِّمه تعظيمًا تامًا بالثناء عليه ،وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين كله له. ، وفي تفسير الوسيط لطنطاوي قال ، المعنى : أي : وقل – أيها الرسول الكريم: الحمد الكامل ، والثناء الجميل ، لله تعالى وحده ، الذى لم يتخذ ولدًا؛ لأنه هو الغنى ، كما قال الله تعالى : (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ..) يونس 68، ولم يكن له سبحانه (شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) بل هو المالك لكل شيء ،ليس له في هذا الكون من يزاحمه ،أو يشاركه في ملكه ، أو في عبادته . كما قال الله تعالى – : (قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) الاسراء (42) ،(43) ، وكما قال الله عز وجل : (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) المؤمنون (91) ،(92) ، وأما قوله تعالى 🙁 وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذل ) أي : ولم يكن له سبحانه ناصر ينصره من ذل أصابه أو نزل به ، لأنه – عز وجل – هو أقوى الأقوياء ، وقاهر الجبابرة ، ومذل الطغاة ،( وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذل وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً )، (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أي : وعظمه تعظيمًا تامًا كاملاً ، يليق بجلاله عز وجل . قال الإِمام ابن كثير : عن قتادة أنه قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله كبيرهم وصغيرهم هذه الآية . ( الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً..) ، ثم قال ابن كثير : وقد جاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها آية العز .
أيها المسلمون
وعن قوله تعالى : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) ،فقد ذكر الله عز وجل أمره بتكبيره، في هذه الآية الكريمة في سياق ذكر شيء من مظاهر العظمة والجلال، والعزة والكبرياء، التي يتصف بها جل جلاله، وأَمْرُ الله عز وجل بتكبيره، يدل على أن تكبيره جل وعلا عبادة، محبوبة له سبحانه ومعنى التكبير: (التعظيم) ، فالله تبارك وتعالى أكبر، وأعظم، وأجل، من كل شيء، فهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، ودانت له الخلائق، وتواضعت لجلاله الأشياء، واستكانت بين يديه وتحت حكمه وقهره جميع المخلوقات، ويدور تكبير المؤمن لله عز وجل، في اعتقاده، على أمور: أن يعتقد أن الله عز وجل أكبر من كل شيء في أفعاله، من خلق، ورزق، وتدبير، وإحياء، وإماتة، وتصرف في الكائنات.، وأن يعتقد أن الله سبحانه أكبر من كل شيء في استحقاقه للعبادة، فلا يستحق أن يعبد إلا هو سبحانه، فكل أنواع العبادة، القولية، العملية، من أعمال القلوب، وأعمال الجوارح، لا ينبغي أن تصرف لغير الله تبارك وتعالى. ، وأن يعتقد أن الله تبارك وتعالى أكبر من كل شيء ، في أسمائه ، وصفاته، فإن لله سبحانه الأسماء الحسنى، والصفات العلا، لا يماثله فيها مماثل، فهو الله الذي لا إله إلا هو، المتصف بصفات الكمال، من صفات الجلال، وصفات الجمال. ، وأن يعتقد أن الله جل جلاله أكبر من كل شيء في حكمه الشرعي، فما أمر الله عز وجل به في كتابه، أو في سنة نبيه «صلى الله عليه وسلم»؛ خير كله، وما نهى عنه سبحانه في كتابه، أو في سنة نبيه «صلى الله عليه وسلم»؛ شر كله. ، وأن يعتقد أن الله ـ تقدست أسماؤه أكبر من كل شيء في حكمه الكوني، فما يقع في هذا الكون، من سراء وضراء، وحسنة وسيئة، وابتلاء بنعمة من النعم أو مصيبة من المصائب؛ فكله بقضاء وقدر، وكله لحكمة بالغة. فإذا تلفظ المؤمن بكلمة «الله أكبر»، في افتتاح صلاته، أو في أذانه، أو في أذكاره ادبار صلاته، أو سمع هذه الكلمة، فيتذكر أن الله أكبر من كل شيء، يقول ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير قول الله عز وجل: وكبره تكبيرا: وعظِّم ربك يا محمد بما أمرك أن تعظمه به من قول وفعل، وأطعه فيما أمرك ونهاك. فانتظمت في هذه الكلمة، هذه المعاني العميقة، التي تغيب عن بال الإنسان، إذا لم يمعن الفكر والنظر، ويعيد التأمل والتدبر، في خير الكلام وأحسنه، كلام الله عز وجل.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
و«الله أكبر» من الذكر، بل إنه من أعظم الذكر، ففيه الثناء على الخالق بما هو أهل له، و«الله أكبر» معناها: إن الله أكبر من كل شيء في ذاته وأسمائه وصفاته وكل ما تحتمله هذه الكلمة من معنى، فكل معنى لهذه الكلمة من معانى الكبرياء فهو ثابت لله عز وجل. فالله أكبر من الدنيا وما فيها.. والله أكبر هي أول كلمة في الأذان، و الله أكبر هي باب الدخول على الله في الصلاة، فالله أكبر من همومك وأحزانك، والله أكبر من آلامك وأوجاعك، والله أكبر لو تجمعت ضدك مؤامرات الدنيا، والله أكبر عند ذبح الذبائح، والله أكبر عند رمي الجمرات في الحج، والله أكبر تقال في العيدين، والله أكبر ترتفع في أيام التشريق ، والله أكبر في سجود التلاوة، وغيرها ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: « سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ » رواه أبو داود وغيره ، وفي صحيح مسلم : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا ». قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « عَجِبْتُ لَهَا فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ». قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ذَلِكَ).، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ عَلِّمْنِي كَلاَمًا أَقُولُهُ قَالَ « قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ». قَالَ فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّى فَمَا لِي قَالَ « قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي » ،
الله أكبر.. انظر إلى ملكه : قال الله تعالى : «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا» فاطر 41،، وما السماء الأولى في السماء الثانية إلا كحبة في صحراء.. الله أكبر.. بكل شيء عليم.. الله أكبر بكل شيء محيط.. الله أكبر.. «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ» غافر 19،.. الله أكبر.. «لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ» طه 6،. الله أكبر : «وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» لقمان 27،، لو أن كل شجر الأرض تحول إلى أقلام ولو بحار الدنيا تحولت إلى حبر تكتب بالأقلام.. فسينفد الحبر والأقلام، ولن ينفد علم وحكمة الله في الكون. ، وقال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) المدثر (1) ،(3) ، كبر ربك في قلبك.. في حياتك.. كبر ربنا في الناس حولك.. «وَقُلْ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيك فِي الْمُلْك وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِىّ مِنْ الذُّلّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا».. اجعل الله أكبر شيء في قلبك.. أكبر شيء في حياتك.. هل في حياتك أحد أكبر من الله؟! ، داوم على ذكر الله أكبر، فإنه يثبت في قلبك وعقلك إن الله أكبر.. قل بكل إحساسك الله أكبر.. فإن «قول العبد (الله أكبر) خير من الدنيا وما فيها»، كما روى عن عمر بن الخطاب.
الدعاء