خطبة عن الطائفة المنصورة ، وحديث ( لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ )
سبتمبر 6, 2021خطبة عن ( الأُسْوَةُ والْقُدْوَةُ )
سبتمبر 7, 2021الخطبة الأولى (السجود لله تعالى) مختصرة 1
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى:(كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) (19) العلق ،وقال الله تعالى:(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (15) السجدة،
إخوة الإسلام
السجود لله تعالى عبادة عظيمة، ففي السجود لله خضوع للجبار، وتذلل للقهار، وتمريغ للأنف، وتعفير للوجه، وتجرد من أوسمة العظمة، وتخلّ عن رُتَب الفخامة، وألقاب الزعامة. فالسجود لله تعالى غاية التواضع والعبودية، ففيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها وهو الوجه في التراب، فما أعظم السجود لله ،ففيه روضة خاصة، إذا دخلها القلب لا يخرج منها أبدًا، وفيها من اللذة والانشراح ما لا يُوصَف، ولا يحيط به قلم، وفي السجود لله يكون العبد أقرب ما يكون من ربه ،فيتنعَّم بلقاء المحبوب ،ويسأله المطلوب ،وتُسكَب فيه العبرات، وتُنسى فيه الآهات، وتُطرح فيه الحاجات، وتُجاب عنده الدعوات، وترفرف الأفئدة نشوةً وفرحًا بما تنعم به في مِثل هذه اللحظات. وفي السجود لله لقاء لا يَحضُره أحد ،ولا يُمنع منه أحد، ولا يدري به أحد، فهو بين العبد والرب، لقاءٌ بعيد عن الدنيا ومن فيها وما فيها، تختلط فيه الدموع بالدعوات، والخوف بالرجاء، والسرور بالبكاء. فالسجود لله تعالى عنوان العبودية، ورمز الخضوع، ومدرسة الاعتراف، فسبعة أعضاء تسجد لله وتحمل البدن، كلها مُنطرِحة غير متأفِّفة ولا مستكبِرة، بل راغبة مُحبَّة طالبة للعز والرفعة. والسجود فيه الاعتراف في ذُلٍّ بعظمة الخالق وجبروته وكبريائه، وهو طريق معبَّد للمرور إلى جنات النعيم ، ومنازل المقربين ،وبستان المشتاقين .
أيها المسلمون
وللسجود لله تعالى فضائل وثمرات وفوائد ،فمن فوائد السجود لله تعالى وثماره : أن في السجود لله تعالى رفعة للدرجات ،ففي كلِّ سجدة تسجدها مطمئنًّا مؤمنًا ترتفع بها درجة، فلا تبخل على نفسك، ولا تعجل في سجودك، فأطِل؛ فاللذة تأتي كلما طال بقاؤك ساجدًا حتى إنك تود ألا ترفع رأسك. وفي صحيح مسلم 🙁قَالَ صلى الله عليه وسلم :« عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً »، وفي مسند أحمد 🙁 أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً »، ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن في السجود لله تعالى وقاية من النار: ففي صحيح مسلم 🙁 قَالَ رَبِيعَة بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيُّ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي « سَلْ ». فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ « أَوَغَيْرَ ذَلِكَ ». قُلْتُ هُوَ ذَاكَ. قَالَ « فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ » ،ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن السجود لله تعالى به يفرج الهم وينفس الكرب: فالمسلم عندما تتكالب عليه الدنيا بمشكلاتها ومعضلاتها، وتعترضه المحن وتحل به الابتلاءات يجد في السجود عوناً على ذلك ،ومخرجاً منه، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق:19] أي اقترب من الله وتوكل عليه بطاعته والسجود إليه، وهو توجيه بالصد عن أعراض المعرضين وتكذيبهم والاستعانة على مواجهتهم بالطاعة والسجود، وتأمل كذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: 97-98]، فهذا يعني أن في السجود علاجا لضيق الصدور،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (السجود لله تعالى) مختصرة 1
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: أن الساجدين يأتون يوم القيامة غُراً محجلين من آثار الوضوء والسجود، ففي صحيح مسلم :(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ وَأَنَا أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ ». قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتَعْرِفُنَا قَالَ « نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ تَرِدُونَ عَلَىَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ)، فوجوههم مضيئة مشرقة من آثار السجود ،فلما سجدوا لله نوّر الله وجوههم ، فهي بيّضها يوم القيامة، قال الله تعالى :﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران:106]. ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره: تذكر البداية والنهاية: فالسجود لله تعالى فيه التصاق بالأرض يتذكر به العبد البداية والنهاية؛ لأن الإنسان في سجوده يمرّغ جبهته بالتراب فيتذكر أن أصل خلقته من التراب وأنه عائد إلى هذا التراب، وأن الله سبحانه وتعالى يبعثه يوم القيامة للنشر والحساب من هذا التراب، ومن فوائد السجود لله تعالى وثماره :مشاركة كل الأعضاء: فالسجود فيه مشاركة لمعظم الأعضاء، فالمصلي في سجوده يكون على هذه الأرض بيديه وقدميه وركبتيه وجبهته وأنفه، ففي الصحيحين : (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلاَ نَكُفَّ ثَوْبًا وَلاَ شَعَرًا »، فهذا كله دليل على أنه كله لله سبحانه وتعالى، وأن كل حواسه ينبغي أن تكون لله عز وجل وفق أمر الله، فلا ينبغي أن يسجد ثم ينظر إلى المحرمات بعينه، أو يعتدي على المحرمات بيديه، أو يمشي إلى المنكرات برجليه، وهذا المعنى يتحقق للمتأمل في السجود ومعانيه. وماذا أيضا عن فوائد السجود لله وثماره ، ذلك ما نستكمله في لقاء قادم إن شاء الله تعالى
الدعاء