خطبة عن متاع الدنيا ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى )
فبراير 6, 2021خطبة عن حسن الخلق ،وحديث (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً )
فبراير 6, 2021الخطبة الأولى ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روي في الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ » ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَبِى بَكْرٍ : كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم – إن شاء الله – مع هذا الأدب النبوي الكريم ، والذي فيه بيان للتعامل مع الكفار ، وبيان لحرمة دم المسلم وماله ، وفي الحديث أيضا مسائل متعددة وهامة ،ومنها : المسألة الأولى : دل الحديث على مشروعية قتال الكفار ،على اختلاف أجناسهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ ). وهذا الحكم لم ينسخ ، بل هو باق إلى يوم القيامة ، فالأصل قتالهم عند الاستطاعة على ذلك ، لإعلاء كلمة الله ، ودخولهم في حكم الإسلام قال الله تعالى : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) (193) البقرة ، وقال بعض العلماء أن كلمة (الناس) في قوله صلى الله عليه وسلم (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) لا يقصد منها الكون كله أو البشرية كلها، لأن (أل) في الناس للعهد، أي ناس معهودين ومخصوصين؛ وهم مشركو مكة الذين أخرجوا المسلمين، وحاربوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونكثوا عهودهم ولا يَرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، وبالتالي فإن المقصود بقتال الناس قتال المشركين المعتدين آنذاك، حيث إن كلمة (الناس) هي من العام الذي أريد به الخاص، و(أقاتل) تعني رد العدوان المبدوء من جهة المشركين.
ولكن القول الأول هو الأرجح ، وهو قتال الكفار على اختلاف أجناسهم قال الله تعالى : (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (29) التوبة
كما اختلف أهل العلم في السبب المبيح لقتالهم : فذهب الجمهور من العلماء إلى أن السبب المبيح لقتالهم : هو وصف القتال منهم ، والصد عن سبيل الله ، ومنعهم من إظهار دين الإسلام ، فهذا هو المبيح لقتالهم ، فمن قاتل يقاتل ، ومن سالم لا يقاتل ، ولعل هذا هو القول الأظهر , قال ابن تيمية : (وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ، ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا ، فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة ، كالنساء ، والصبيان ، والراهب ، والشيخ الكبير ، والأعمى ، والزمن ، ونحوهم ، فلا يقتل عند جمهور العلماء ، إلا أن يقاتل بقوله ، أو فعله ، ( وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان لكونهم مالا للمسلمين) والأول هو الصواب ، لأن القتال هو لمن يقاتلنا ،إذا أردنا إظهار دين الله كما قال الله تعالى : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (190) البقرة ، وقال يحي بن يحي الغساني: كتبت إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن قوله : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }. قال : فكتب إلي: إن ذلك في النساء ، والذرية ، ومن لم ينصب الحرب منهم .
ولكن ، ليكن معلوما : أن قتال الكفار من صلاحيات الإمام الشرعي ، وخصائصه ، وليس لأحد من العامة ، أن يفتات على حقه ، قال ابن قدامة : ( وأمر الجهاد موكول إلى الإمام ، واجتهاده ، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ) ، فالإمام يجتهد ، ويقدر مصلحة المسلمين ،وحفظ بيضتهم ،على حسب قوة وضعف المسلمين ،واتحاد كلمتهم ، وحال الكفار ،فإن رأى القتال أصلح قاتل ،وإن رأى الهدنة أصلح هادن وسالم ، والجهاد ضربان : قتال طلب وهو أعلاهما, وقتال دفع ، وكلاهما قد دلت النصوص على شرعيته ،فليس القتال مقصودا لذاته في الإسلام ، وإنما شرع القتال وسيلة لنشر الدين ، وإظهاره في الأرض ، وإزالة العوائق والموانع التي تحول دون سماع الحق واتباعه ، ولهذا جعل الشارع الحكيم للقتال آدابا ، وضوابط تهذبه ، وترقى به وتميزه عن الوحشية والظلم.
المسألة الثانية : جعل النبي صلى الله عليه وسلم دخول الكفار في الإسلام غاية لترك القتال كما قال تعالى : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (5) التوبة ،وقد دل القرآن أيضا على أنهم إذا أعطوا الجزية وعاهدوا ترك قتالهم كما قال الله تعالى : (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (29) التوبة ،وقد ثبت في صحيح مسلم : (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ – أَوْ خِلاَلٍ – فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ) ،فالحاصل أن الكفار يخيرون : إما أن يدخلوا في الإسلام ، وإما أن يعاهدوا ويعطوا الجزية ، وإما القتال ، فإن أسلموا ، أو أعطوا الجزية ، كف عنهم ، وإلا قوتلوا.
المسألة الثالثة : في الحديث إشارة إلى أن الطريق الشرعي في دخول الإسلام هو النطق بالشهادتين فحسب ،لقوله صلى الله عليه وسلم (حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ) أي يقروا بالتوحيد ، والرسالة ، ولا يصح إسلام أحد بغير هذا ،
المسألة الرابعة : من أقرّ بالشهادتين قبل منه ,وعصم دمه وماله ، وعومل معاملة المسلمين ، ثم إذا دخل في الإسلام أمر ببقية شرائع الإسلام ،فإن التزم كان مسلما ،وإن لم يلتزم الشرائع ، أو حصل منه شيء من النواقض بطل إسلامه ، ولم يحكم له بذلك ، ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد قتله من قال لا إلاه إلا الله لما رفع عليه السيف ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يلتزم الصلاة والزكاة ، كما روي أنه صلى الله عليه وسلم قبل من ثقيف الإسلام واشترطوا عدم الزكاة ، فإذا اطمأنت قلوبهم بالإيمان ،وحصل منهم إذعان، أمروا بالشرائع ، وهذا أدب التدرج في فقه دعوة الكفار وتألفهم على الإسلام ، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ « إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ».
المسألة الخامسة – قوله صلى الله عليه وسلم (إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ ) يفيد جواز قتل من أبيحت حرمته بحق الإسلام ، ولو نطق بالشهادتين ، فمن ارتكب فعلا يبيح دم المسلم بالشرع ، قتل وأبيح دمه وماله ، كما ثبت في الصحيحين : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ » ،
المسألة السادسة – أفاد الحديث عظم حرمة دم المسلم ، وتحريم قتله لأي سبب من الأسباب ، مهما أخل بالواجبات ، وفعل من الكبائر ، إلا ما دل الشرع عليه ، فلا يحل لأحد التعرض للمسلم ، وانتهاك حرمته ، والاستخفاف بدماء المسلمين واستباحتها ، وفي سنن النسائي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ».ونظر ابن عمر -رضي الله عنهما- يوما إلى البيت ، أو إلى الكعبة فقال : “ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك”. وكذلك الذمي المعاهد ، والمستأمن ، الذي حرم الشرع دمه ، ففي البخاري : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ». وفي الصحيحين : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
المسألة السابعة – أن قوله صلى الله عليه وسلم (وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) يعني أن الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة تعصم دم صاحبها وماله في الدنيا ، أما في الآخرة فحسابه على الله عز وجل ، فإن كان صادقا أدخله الله الجنة بذلك ، وإن كان كاذبا كان في جملة المنافقين ، الذين يدخلهم الله في الدرك الأسفل من النار ، كما قال الله تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) (145) النساء ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين الذين يظهرون الإسلام معاملة المسلمين ،ويجريهم على أحكام الإسلام الظاهرة ،مع علمه بنفاق بعضهم في الباطن.
المسألة الثامنة – إذا تواطأ أهل قرية أو جماعة لهم منعة على ترك شيء من شعائر الدين الظاهرة كالصلاة والزكاة مستحلين ذلك قوتلوا على ذلك ، كما قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه من امتنع عن الزكاة ، وقد تقدم ذكر الحديث ،
المسألة التاسعة – من فقه الحديث أن الحكم على الناس في الدنيا ، بما ظهر من أعمالهم ، وتوكل سرائرهم إلى الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فقد روى البخاري في صحيحه : (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رضى الله عنه – يَقُولُ : إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْىِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، وَإِنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ)
الدعاء