خطبة عن (موقف المسلم من وباء (الكورونا) وغيره من الابتلاءات)
مارس 17, 2020خطبة عن حديث (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ)
مارس 21, 2020الخطبة الأولى ( إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري 🙁 حدث حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ – رضى الله عنهما – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – :« إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا ،أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ »
إخوة الإسلام
في هذا الحَديثِ النبوي الكريم يَقولُ ابنُ عُمرَ (رَضيَ اللهُ عَنهُما) : قالَ رَسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم) :(إذا أَنزلَ اللهُ بِقَومٍ عَذابًا)، أي: عُقوبَةً لَهُم على سَيِّئِ أَعمالِهِم (أَصابَ العَذابُ مَن كانَ فيهِم)، أي: مِمَّن لَيسَ هوَ على مِنهاجِهم ورَأيِهم، وممن ليس على طريقتهم وسنتهم، (ثُمَّ بُعِثوا على أَعمالِهِم)، أي: بُعِثَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم يوم القيامة بِحَسبِ عَملِه ،إذا كانَ صالِحًا فَعُقباهُ حَسنةٌ، وإذا كان فاسدا فَعُقباهُ سيِّئةٌ ،فيكون ذلك العذاب طهرة للصالحين ،ونقمة على الفاسقين ،ويؤيد معنى هذا الحديث ما رواه أحمد في مسنده : (عَنْ عَائِشَةَ تَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الأَرْضِ أَنْزَلَ اللَّهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ بَأْسَهُ ». قَالَتْ وَفِيهِمْ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « نَعَمْ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ». كما روى ابن حبان في صحيحه : (عن عائشة قالت قلت يا رسول الله إن الله إذا انزل سطوته بأهل الأرض وفيهم الصالحون فيهلكون بهلاكهم فقال يا عائشة ان الله إذا انزل سطوته بأهل نقمته وفيهم الصالحون فيصابون معهم ثم يبعثون على نياتهم واعمالهم) ،وفي الصحيحين من حديث زينب بنت جحش: (فَقَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ « نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ » ، .وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا ظَالِمًا فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ ».،ومثله حديث عائشة كما في صحيح مسلم : (أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ عَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَنَامِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ. فَقَالَ « الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِى يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ ». فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ. قَالَ « نَعَمْ فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ».وفي رواية أخرى فيه : (دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِى رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ وَأَنَا مَعَهُمَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلاَهَا عَنِ الْجَيْشِ الَّذِى يُخْسَفُ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ « يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ ». وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هِيَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ.
أيها المسلمون
وفي صحيح البخاري : ( أن عَامِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا . فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا » ففي ذلك شاهد ودليل على تعذيب العامة بذنوب الخاصة، وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يقول قائل: أليس الله عز وجل يقول: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164]، فإن ذلك يُوجِب ألا يُؤخَذ أحدٌ بذنب أحد؛ وإنما تتعلَّق العقوبة بصاحب الذنب فقط؟ ،فالجواب : أن الناس إذا تظاهروا بالمنكر، فمن الفرض على كل من رآه أن يُغيِّره، فإذا سكت عليه فكلهم عاصٍ، هذا بفعله وهذا برضاه، وقد جعل الله في حكمه وحكمته الراضي بمنزلة العامل، قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (25) الأنفال ، والمعنى: واتقوا فتنةً تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح ،يقول العلامة الطاهر بن عاشور: “فعلى عقلاء الأقوام وأصحاب الأحلام منهم إذا رأوا دبيب الفساد في عامَّتِهم ،أن يُبادروا للسعي إلى بيان ما حلَّ بالناس من الضلال في نفوسهم، وأن يكشفوا لهم ماهيَّته وشبهته وعواقبه، وأن يمنعوهم منه بما أوتوه من الموعظة والسلطان، ويزجروا المفسدين عن ذلك الفساد حتى يرتدعوا، فإن هم تركوا ذلك، وتوانوا فيه لم يلبث الفساد أن يسري في النفوس، وينتقل بالعدوى من واحد إلى غيره، حتى يعمَّ أو يكاد، فيعسر اقتلاعه من النفوس، وذلك الاختلال يفسد على الصالحين صلاحهم، وينكد عيشهم على الرغم من صلاحهم واستقامتهم، فظهر أن الفتنة إذا حلَّت بقوم لا تصيب الظالم خاصةً؛ بل تعمه والصالح، فمن أجل ذلك وجب اتِّقاؤها على الكل؛ لأن أضرار حلولها تصيب جميعهم “. ولا يفهم من هذا تساوي الفريقين في المصير والمآل يوم القيامة، فالمؤمنون يكون العذاب الذي أصابهم في الدنيا طُهرة لهم، ومآلهم الجنة بإذن الله، وأما العصاة فمآلهم جهنم والعياذ بالله؛ فقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري عن ابن عمر « إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا ، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ » ، فهذا يدلُّ على أن الهلاك العام منه ما يكون طهرةً للمؤمنين، ومنه ما يكون نقمةً للفاسقين. وعليه، فإن المؤمن مطالب بالدعوة إلى الله، وخاصة العصاة منهم؛ إقامةً للحُجَّة، وإبراءً للذِّمَّة، ورجاءً في صلاح أحوالهم، وقد قال تبارك وتعالى في قصة أصحاب السبت: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164]، وقال تعالى: ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ﴾ [الذاريات: 54]، فدل على أنه لو لم يخرج من العهدة، لكان ملومًا، وقال تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]
أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (59) القصص، وقال الله تعالى 🙁وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (33) الانفال، فهذا يدل على تعميم العذاب لمن لم ينه عن المنكر وإن لم يتعطاه ،وكما في قوله تعالى : ( فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) النساء 140، فيستفاد من هذا مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة، لأن الإقامة معهم هي من إلقاء النفس إلى التهلكة، هذا إذا لم يعنهم ولم يرض بأفعالهم ،فإن أعانهم أو رضي بفعلهم فهو منهم، ويؤيد ذلك أيضا أمره صلى الله عليه وسلم بالإسراع في الخروج من ديار ثمود، ففي الصحيحين : (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ »، وأما بعثهم على أعمالهم فحكم عدل ،لأن أعمالهم الصالحة إنما يجازون بها في الآخرة، وأما في الدنيا فمهما أصابهم من بلاء كان تكفيرا لما قدموه من عمل سيئ، فكان العذاب المرسل في الدنيا على الذين ظلموا يتناول من كان معهم ولم ينكر عليهم فكان ذلك جزاء لهم على مداهنتهم ،ثم يوم القيامة يبعث كل منهم فيجازى بعمله. ولقد شوهدت في الحوادث السفينة ملأى من الرجال والنساء والأطفال تغرق فيهلكون جميعا ، ومثله الدار الكبيرة تحترق بمن فيها، وكذلك الرفقة الكثيرة تخرج عليها قطاع الطريق فيهلكون جميعا أو أكثرهم ، والبلد من بلاد المسلمين يهجمها الكفار فيبذلون السيف في أهلها ، وقد وقع ذلك من الخوارج قديما ثم من القرامطة ثم من التتر أخيرا ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقوله صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا ،أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ،ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ »، فيه تحذير من ظهور المنكرات ،وأن الواجب القضاء عليها، كما جاء في الحديث يقول ﷺ: « إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ » رواه احمد، فواجب على أهل الحل والعقد ،وعلى كل مؤمن أن يجتهد في إزالة المنكرات ،والقضاء عليها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالتواصي بالحق ،والتعاون على البر والتقوى، رجاء ثواب الله ،وخشية عقابه سبحانه وتعالى، وفي الحديث أيضا بيان بأن لله سننًا في هذا الكون، ومن هذه السنن أن الله لا ينصر هذا الدين إلا إذا قام أهله بنصرته، ولعل ما في هذا الحديث ما يشير إلى ذلك، فوجود أناس صالحين في الأمة لا يمنع من وقوع العذاب على الجميع في حالة التقصير، فهؤلاء الصالحون يصيبهم العذاب لأنهم لم يأخذوا على يد الظالم، ولم يغيّروا عليه، فأصابهم ما أصاب غيرهم من العذاب في الدنيا، ولهم أجرهم يوم القيامة. كما ثبت في الشرع الحكيم أن الله سبحانه وتعالى، قد يعزل الصالحين عن الطالحين إذا أراد أن ينزل كارثة كما فعل سبحانه وتعالى مع قوم لوط ، كما في قوله تعالى : ( قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) (32) العنكبوت، وقوله عز وجل : (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (116)، (117) هود، فهذا شرط في رفع الهلاك ،أن يقوم الصالحون بالإصلاح، أما السكوت عن دفع الظلم ،ونصرة كلمة الحق ، فيؤدي إلى غضب الله على عباده ،وإنزال عقابه عليهم، حتى وإن كانوا صالحين، لأن من واجبات الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا أنزل العذاب وقع على الظالم لظلمه، ووقع على المظلوم لسكوته عن دفع هذا الظلم، فكم من بلد فيه الصالحون والأبرار، والأطفال والكبار ،أصابته زلازل فهلك به البر والفاجر، والصالح والطالح، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : « إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا ، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ »
الدعاء