خطبة حول ( قصة نبي الله نوح مع ابنه دروس وعبر )
ديسمبر 31, 2022خطبة حول دعاء ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ )
ديسمبر 31, 2022الخطبة الأولى ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسنه : (عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَانَ مِنْ دُعَاءِ دَاوُدَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَالْعَمَلَ الَّذِى يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى وَأَهْلِي وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ ».، وفيه أيضا : (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم … اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي الكريم ، والذي يرشدنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سؤال الله تعالى محبته ،ومحبة أوليائه ،ومحبة الاعمال التي يحبها الله تعالى ، ففي الحديث الأول يسأل نبي الله (داود) -عليه السلام- ربه -تبارك وتعالى- حبه وحب أوليائه وحب الأعمال الصالحة التي تقربه من ربه – تبارك وتعالى- وهي سبب في محبة الله له، وأن يجعل حبه له – تبارك وتعالى- أكثر من حبه لنفسه وأهله وماله والماء البارد ، وفي الحديث الآخر يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم : (أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ ) ، فلا يوجد قرب أحب من القرب الى الله ، وقرب الله لنا ، ولا يوجد حب أفضل من حب الله ، وحب الله لنا ، فحب الله لعباده على مراتب ودرجات متصلة بحب العبد لله ، فكلما زاد حب العبد لله ورسوله ،زاد حب الله عز وجل لهذا العبد ، وأول من يستحق هذا الحب هم أنبياء الله سبحانه وتعالى ،الذين جعلهم الله سبحانه وتعالى أخلاّءه فقال عز وجل : “واتخذ الله إبراهيم خليلاً ” النساء ، 125.، وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ” إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ” أخرجه الحاكم .، ويتفاوت المؤمنون في هذا الحب بتفاوت أعمالهم التي تقربهم إلى الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : ” من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ” رواه البخاري .، وهذا التقرب يدرك العبد كيفيته بالاطلاع على أوامر الله ونواهيه ، فينفذ الأمر ويتجنب النهي ، ويترك المكروه ، كما يفعل المحبوب ، جاء في الحديث القدسي “وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ” .، وقال عز وجل في تتمة هذا الحديث القدسي ” ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ” رواه البخاري .
وقد عدّد القرآن الكريم الخصال التي تقرب المؤمنين إلى الله وتجعلهم يفوزون بحبه ، فورد في كتابه الكريم أنه سبحانه وتعالى يحب التوّابين ويحب المتطهّرين ، ويحب المتقين ، ويحب الصابرين ويحب المتوكلين ، ويحب المقسطين ، ويحب المحسنين ، فعلى العبد المؤمن أن ينمّي علاقته بربه ، وأن يحاول جاهداً أن يتصف بالصفات التي تقربه منه عز وجل ، وتقوّي في نفسه محبته ، فإذا قويت هذه المحبة أصبح ممن يستحقون حب الله ورضوانه .، وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى في كتابه، أن حب الله تعالى دينٌ ندين به إلى ربنا سبحانه وتعالى، فقد قال الله تبارك وتعالى: “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” آل عمران 31، وقال جل وعلا: “قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ” التوبة 24، ،فحب الله يكون في تحري واتباع منهاجه، والإيمان بما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم من عقيدة، والعمل بمقتضى هذه العقيدة ،وتطبيق العبادات والمعاملات والآداب التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، وأن يكون حب الله تعالى مقدم على كل حب في الدنيا لأب أو أم أو ابن، وذلك بطاعته وتطبيق منهاجه والتحلي بالأخلاق، فبمقدار تطبيقنا لشرع الله تعالى، يزداد حبنا وتعلق قلوبنا به جل وعلا.، كما وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حب الله تعالى ففي الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ » كما أرشدنا علماؤنا فقالوا: لا بد للإنسان المؤمن أن يتعلق بالله تعالى كما يتعلق الطفل الصغير بأمه، فلا يرى غيره ولا ينظر إلا إليه، إذا أراد شيئاً عليه أن يهرع إلى الله تعالى بالدعاء، نعم إنما تتعلق قلوبنا بالله تعالى باستشعار وجوده ورحمته لنا في أي محنة نتعرض لها، سواء في مرض عضوي أو نفسي، فالدعاء يقرب العبد إلى ربه، فعلينا أن نهرع لحاجاتنا إلى الله تعالى بالدعاء، ولِيعلم العبد أن الله سبحانه وتعالى لا يرد الدعاء صفراً بحسب ما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الله حي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين” رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ) ، ففي صحيح البخاري : (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ – رضى الله عنه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ » .، قال ابن بطال: (فدلَّ هذا أنَّ من أحبَّ عبدًا في الله، فإنَّ الله جامع بينه وبينه في جنته ومُدخِله مُدخَله، وإن قصر عن عمله، وهذا معنى قوله: (وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ). يعني في العمل والمنزلة، فأنه لما كان المحبُّ للصالحين وإنما أحبهم من أجل طاعتهم لله، وكانت المحبَّة عملًا من أعمال القلوب واعتقادًا لها، أثاب الله معتقد ذلك ثواب الصالحين؛ إذ النية هي الأصل، والعمل تابع لها، والله يؤتي فضله من يشاء) ، ومحبة أولياء الله وأحبابه عموماً من الإيمان، وهي من أعلى مراتبه، وبغضهم محرم وهو من خصال النفاق؛ لأنه مما لا يتظاهر به غالباً، ومن تظاهر به فقد تظاهر بنفاقه فهو شر ممن كتمه وأخفاه.، ومن كان له مزية في الدين لصحبته النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أو لقرابته أو نصرته فله مزيد خصوصية في محبته وبغضه, ومن كان من أهل السوابق في الإسلام كالمهاجرين الأولين فهو أعظم حقاً مثل علي رضي الله عنه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ) ، ففي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ،) ، فكل طاعة يقوم بها العبد هي سبيله إلى السعادة والراحة في الدارين، فمن أراد أن ينال الرضا والرضوان ومجاورة الكريم المنان فليسع للحصول على هذه اللذة التي لا يستطيع أحد الحصول عليها إلا بمحبة الله والتعلق به، والتوكل عليه، والتلذذ بطاعته، والعمل بما يرضيه.، فللأعمال الصالحة ثمرات كثيرة في الدنيا والآخرة ، يمن الله تعالى بها على من اصطفاه من عباده للتلذذ بنعيم قربه ومناجاته، وطريق الحصول على لذة الطاعة يحتاج لأسباب ، لو التزم بها العبد حصل له مقصوده، وجمع بين سعادة الدنيا ونعيم الآخرة، قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، فالعمل الصالح ثمرته عظيمة ونفعه جليل، ويكفي المؤمن شرفاً أن ينال الحياة الطيبة في الدنيا قبل أن ينتقل إلى الحياة الطيبة في الآخرة، وذلك عن طريق العمل الصالح الخالص لله ،والمتبع فيه لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فلا سعادة للمرء إلا بسلوك طريق العبادة التي ارتضاها الله لعباده المؤمنين، وكلما كان العبد أحرص على أداء العبادة على الوجه الذي يرتضيه ربه كان السبيل للحصول على اللذة سهلاً وميسراً.
الدعاء