خطبة عن (يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) مختصرة
مايو 17, 2022خطبة عن (جزاء من لم يؤمن بالقرآن)
مايو 21, 2022الخطبة الأولى ( الْبَسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي في سننه : (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « الْبَسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ ».
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي الكريم يرغبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبس الأبيض من الثياب ، وذلك لأن الثِّياب البِيض مِن أفضلِ الثيابِ، ففِيها تَظهرُ نظافةُ الإنسانِ، (فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ ) وجاء في بعض الروايات قوله صلى الله عليه وسلم : (الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِن خَيْرِ ثِيابِكُمْ)، فقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإنَّها مِن خَيرِ ثِيابِكمْ)، أي مِن أفضلِها وأبرقِها وأنظفِها؛ فإنَّها سُرعانَ ما يُعرفُ اتِّساخُها؛ فيُبادر المسلمُ إلى تَنظيفِها، ويأمرُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بِتَكفينِ مَوتى المسلِمينَ فيها. وقوله صلى الله عليه وسلم : (فَإِنَّهَا أَطْهَرُ ) لأن اللون الأبيض يُظْهِر أيَّ نجاسة تعلق بالثوب، فيسهل على المسلم تطهيره، وهي (أطيب) لأنها تُشِيع أجواء الهدوء والراحة، وهو أمر تكاد تُجمع عليه الشعوب المختلفة.. فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه السُّنَّة أن يجعل شكل المسلم مألوفًا مقبولاً من الجميع، وعليه فإن لبس الأبيض – خاصة في التجمُّعات الكبرى، كصلاة الجمعة والأعياد- لأمر يدفع إلى السرور والراحة، وهو في النهاية تقليد لرسول الله صلى الله عليه وسلم نطمع أن يكون لنا فيه أجر. والأصل في اللباس الحل بجميع الأنواع، هذا هو الأصل في اللباس؛ لأن الله خلق لعباده حاجاتهم من أنواع اللباس، فقال الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ يعني عوراتكم وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف:26]، وقال جل وعلا: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ يعني والبرد وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) [النحل:81]. فأذن الله تعالى في اللباس ما تنبت لهم الأرض ومما يصنعون من الدروع من الحديد للحرب، وغير ذلك مما يحتاجون إليه من الجلود كالخفاف والنعال، ومن الصوف ومن الوبر ومن الشعر، ومن غير ذلك، ولكن دلت الأحاديث على أن البياض أفضل، وإلا فجميع أنواع الملابس وجميع أنواع النبات من أصفر وأحمر وأسود وأخضر كله جائز إلا أن البياض أفضل؛ لهذين الحديثين: حديث ابن عباس، وحديث سمرة. وقد ثبت عنه ﷺ أنه لبس الأحمر، وله قبة حمراء، وثبت عنه ﷺ أنه طاف ببرد أحمر عليه الصلاة والسلام، وعن أبي جُحَيْفَةَ وهْبِ بنِ عبدِاللَّهِ (رضي الله عنه) قَالَ: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ بمَكَّةَ وَهُوَ بِالأَبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حمْراءَ مِنْ أَدَمٍ فَخَرَجَ بِلالٌ بِوَضوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ ونَائِلٍ، فَخَرَجَ النبيُّ ﷺ وعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأَنِّى أَنْظرُ إِلى بَيَاضِ ساقَيْهِ، فَتَوضَّأَ وَأَذَّنَ بِلالٌ، فَجَعَلْتُ أَتَتبَّعُ فَاهُ ههُنَا وههُنَا، يقولُ يَمِينًا وشِمَالًا: حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، حيَّ عَلَى الفَلاَحِ. ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الكَلْبُ وَالحِمَارُ لاَ يُمْنعُ). متَّفقٌ عَلَيْهِ. ، وجاء عنه أنه دخل مكة بعمامة سوداء، والأمر في هذا واسع، لكن ليس للرجل التشبه بالنساء، وليس للنساء التشبه بالرجال، فعلى الرجل أن يلبس لباسًا لا يشبه النساء، وعلى المرأة أن تلبس لباسًا لا تشبه الرجال، وهكذا ليس له أن يلبس لبسة الكفار، بل يجب الحذر من مشابهة الكفرة ومشابهة النساء، أما الألوان فلا حرج فيها، فالممنوع المشابهة . فكن أخا الإسلام: منفذاً للمراد من هذه الوصية.. التي مضمونها أنه من الخير لنا أن نؤثر الثياب البيضاء علي غيرها في نحو قميص أو عمامة أو إزار.. مع ملاحظة أن الأمر فيها- كما جاء في نص الوصية- للندب، وذلك لأنها من خير ثيابنا وأطهرها وأطيبها..
أيها المسلمون
ولما كان هذا الحديث الذي نتناوله اليوم يشير إلى ما ينبغي أن نكفن فيه موتانا.. من الذكور والإناث.. فقد رأيت أن أقف معكم على ما جاء مختصرا عن تكفين الميت : فقد ذكر العلماء أن تكفين الميت فرض كفاية بالإجماع لقوله صلى الله عليه وسلم- في شأن المحرم الذي وقصته ناقته: « وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ».. ففي الصحيحين : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَمَاتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا » ، ويقدم التكفين على الَّدين والوصية.. فإن كان الميت موسراً كُفِّن من ماله، وإلا فكفنه على من تلزمه نفقته ، ويستحب في الكفن أن يكون أبيضاً،- بنص الأحاديث الواردة في هذا – كما يستحب تطييب الكفن وتراً، بأن يدار بالمجمر وفيه العود مرة أو ثلاثاً أو خمساً على الكفن بعد أن يرش عليه ماء الورد لتعلق الرائحة به (لحديث) جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِذَا أَجْمَرْتُمُ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوهُ ثَلاَثاً » أخرجه أحمد والبزار والحاكم ،وأخرجه البيهقي بلفظ: « إِذَا أَجْمَرْتُمُ الْمَيِّتَ فَأَوْتِرُوا » ،(وهذا) في حق غير المحرم ، أما المحرم فلا يبخر كفنه لحديث ابن عباس المتقدم ذكره (أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَمَاتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الْبَسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
(ويستحب) تحسين كفن الميت بتنظيفه وكونه متوسطاً ساتراً الميت غير مُحرم استعماله (لحديث) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ » رواه مسلم.و(ينبغي) تجنب المغالاة في الكفن (روى) عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال عند موته: ابتاعوا لي كفناً، فأتى بحلة ثمنها ثلثمائة وخمسين درهماً فقال: لا حاجة لي بها، اشتروا لي ثوبين أبيضين ولا عليكم ألا تغالوا فإنهما لم يتركا على إلا قليلاً حتى أبدل بهما خيراً منهما أو شراً منهما) أخرجه ابن شيبة والحاكم والبيهقي. (والثوب) الغسيل والجديد سواء ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ – رضى الله عنه – فَقَالَ فِي كَمْ كَفَّنْتُمُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَتْ فِى ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ . وَقَالَ لَهَا فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَتْ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ . قَالَ فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا قَالَتْ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ . قَالَ أَرْجُو فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ . فَنَظَرَ إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ ، بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا ، وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُونِي فِيهَا . قُلْتُ إِنَّ هَذَا خَلَقٌ . قَالَ إِنَّ الْحَىَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ ، إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ . فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ) ، ويكفن الميت فيما يحل له لبسه حياً، فلا يكفن الرجل في الحرير إلا إذا لم يوجد غيره لكن لا يزاد على ثوب. (وأما) المرأة فيكره تكفينها في الحرير عند وجود غيره عند الجمهور لأن فيه سَرفاً وإضاعة المال بخلاف اللبس في الحياة فإنه تجمل للزوج ، أما كفن الرجل : أقله ثوب يستر جميع البدن ، فقد روى البخاري في صحيحه : (أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى ، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَتَرَكَ نَمِرَةً ، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ . وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا) ، (والسنة) في كفن المرأة البالغة المراهقة خمسة: قميص، وإزار، وخمار، ولفافة، وخرقة- عرضها ما بين الثدي والفخذ- يربط بها ثدياها وبطنها
الدعاء