خطبة عن (البَخْسُ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ)
نوفمبر 5, 2024خطبة عن (الدُّعَاءُ)
نوفمبر 10, 2024الخطبة الأولى ( تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه 🙁عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ – قَالَ – فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاعِدٌ – قَالَ – فَقَالَتْ لِي نَفْسِي ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لاَ يَغْتَالُونَهُ – قَالَ – ثُمَّ قُلْتُ لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ. فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ – قَالَ – فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي قَالَ « تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ». قَالَ فَقَالَ نَافِعٌ يَا جَابِرُ لاَ نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ.
إخوة الإسلام
هَذا الحَديثُ النبوي الكريم هو مِن عَلاماتِ نُبوَّةِ سيدنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ حيثُ أَخبرَ فيهِ صلى الله عليه وسلم عنْ وُقوعِ أَشياءَ بعدَ موتِه، ومِنها فُتوحاتُ فارسَ والرُّومِ ،فقد قال نافعٌ : فحَفظْتُ مِنه أربعَ كَلِماتٍ، أَعُدُّهن في يَدي (تَغزونَ) أي: بَعدِي (جَزيرةَ العربِ) والمعنى: بَقيَّةَ الجزيرةِ أو جَميعَها، فيَفتَحُها اللهُ عَليكُم (ثُمَّ فارسَ)، أي: ثُمَّ تَغزونَها فيَفتحُها اللهُ، ثُمَّ تَغزونَ الرُّومَ فيَفتحُها اللهُ، ثُمَّ تَغزونَ الدَّجَّالَ، والخِطابُ فيهِ للصَّحابةِ والمُرادُ الأُمَّةُ، (فيَفتَحُه اللهُ)، أي: يَجعلُه مَقهورًا مَغلوبًا، فيَقعُ هَلاكُه على أَيدي المُسلمينَ ،وهذا الخِطابُ وإن كان لأُولئكَ القومِ الحاضِرينَ، فالمُرادُ هُم ومَن كانَ على مِثلِ حالِهم منَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ الَّذينَ فُتِحَتْ بِهم تلكَ الأَقاليمُ المَذكورةُ، ومَن يَكونُ بَعدَهم مِن أهلِ هذا الدِّينِ الَّذين يُقاتلونَ في سَبيلِ اللهِ إلى قيامِ السَّاعةِ .
وهذا الحديث النبوي الشريف يخبرنا عن ملاحم آخر الزمان ،ومن الملاحظ أن تشوف الناس وتطلعهم إلى معرفة ما سيقع في المستقبل يعتبر أمرا طبيعيا، فالنفوس مجبولة على ذلك، وهي تتوق بحسب تكوينها إلى معرفته والإحاطة بعلمه، من هنا يمكن فهم مدى تعلق المسلمين – وربما غيرهم – بالنصوص الدينية المخبرة بما سيحدث في قابل الأيام والأزمان، تلك النصوص التي تندرج تحت باب النبوءات، وتصنف في دائرة أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة ، ولعل تلك النبوءات والأحاديث من أكثر الموضوعات رواجا وانتشارا بين المسلمين – وربما غيرهم كذلك -، ومع أن غالب تلك النصوص صيغت بأساليب يغلب عليها الإبهام والغموض، وجاءت في أغلبها عارية عن تحديد زمان وقوعها، والأحداث الأربع التي جاء ذكرها في الحديث المتقدم : «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ » ،فقد اختلف العلماء حول وقت وزمن حدوثها ، فمنهم من يرى أن الأقرب أن يفسر ذلك أو بعضه بما حدث بالفعل في عهد الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن جزيرة العرب لم يتم فتح جميعها، ويستقر إلا بعد حروب الردة في عهد الصديق، ونقل عن الشوكاني تعليقا على هذا الحديث قوله: “وقعت الثلاث كلمات الأول، وستقع الرابعة إن شاء الله” يعني بالرابعة الدجال، وهذا معناه أن فتح الجزيرة وفارس والروم قد وقع بالفعل ،وبقيت الرابعة وهي ( الدجال) ،
ويرى فريق آخر من العلماء أن هذه الأحداث الأربع لم تقع بعد ،وأنها سوف تقع في آخر الزمان ،وأن الرأي الأكثر قبولاً عند عامة العلماء هو أن هذه الفتوحات الأربعة المتسلسلة المذكورة في هذا الحديث هي فتوحات مستقبلية ،ستحدث عندما تعود الخلافة على منهاج النبوة ،وأن الذين سيقومون بهذه الفتوحات هم المجاهدون الذين سيحاربون تحت راية المهدي
أيها المسلمون
فمن سنن الله الثابتة في هذا الكون هو ديمومة الصراع مع اليهود والنصارى والكافرين ،وإنه سيستمر إلى نهاية العالم، وقد ورد ما يشير إلى بقاء هذا الصراع ومنه قول الله تبارك وتعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) المائدة (14) ،وقوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) البقرة (120) ، وقوله تعالى : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) المائدة (82) ، وقوله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (51) ،(52) المائدة ، إذن فصراع الإسلام مع هؤلاء سيستمر إلى قيام الساعة، وهو فتنة ابتلى الله بها المسلمين، وهذا قدرهم ،وما عليهم إلا الصبر وحتمية المواجهة، وسيكون هذا الصراع بين مد وجزر، تنتهي بالمعركة الفاصلة، وبالملحمة الكبرى التي يحشد لها النصارى قرابة مليون شخص تنتهي بالهزيمة النهائية حيث لا يقف الجيش الإسلامي إلا بعد أن يفتح روما العاصمة الروحية للنصرانية، وعند هذا الفتح تنتهي معركة الروم، ويتحقق ما أخبر به النبي – صلى الله عليه وسلم – بأنه يتم فتح الروم، ويتبع ذلك مباشرة المعارك مع الدجال الذي ينتهي الأمر بقتله، وعندئذٍ, تضع الحرب أوزارها ويقرب العالم من نهايته، ويتحقق وعد الله بتبديل الأرض غير الأرض، ويعود الخلق جميعهم إلى موجدهم لنبدأ بعد ذلك الحياة السرمدية الأخروية.
أيها المسلمون
وانطلاقاً من إيماننا بالغيب، وثقة بما أخبر به الرسول – صلى الله عليه وسلم – فنحن على موعد مع الروم ومع غيرهم من المنافقين واليهود والكفار ، وسيتحقق كل ما أخبر به الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسترفرف رايات المجاهدين فوق دول العالم، وسيطأ المسلمون بأقدامهم عاصمة الفاتيكان الحالية – روما –، وستلتحم هذه الأمة مع أعدائها ويكون الغلبة لها، وستقع المعركة الفاصلة مع الروم، وسيكسر الصليب فوق رؤوس أصحابها، وستكون معركة شديدة قوية، وسيكون قتلاها عدد كبير من الطرفين ، فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِى أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ».، ومن أشراط وعلامات الساعة أيضاً أن يفتح المسلمون القسطنطينية، وسيكون هذا قبل خروج الدجال، وبعد قتال الروم في الملحمة الكبرى، وانتصار المسلمين عليهم، فعندئذٍ, يتوجهون إلى مدينة القسطنطينية، فيفتحها الله للمسلمين بدون قتال، وسلاحهم التكبير والتهليل ،ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ ». قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِى إِسْحَاقَ فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلاَحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ قَالُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا ». قَالَ ثَوْرٌ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ « الَّذِى فِي الْبَحْرِ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الآخَرُ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيُفَرَّجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ فَقَالَ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ. فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ ». والقسطنطينية هي المعروفة الآن ب (اسطنبول) من مدن تركيا، والقسطنطينية لم تفتح في عصر الصحابة، فإن معاوية – رضي الله عنه -، بعث إليها ابنه يزيد في جيش فيهم أبو أيوب الأنصاري ولم يتم لهم فتحها، ثم حاصرها بعد ذلك مسلمة بن عبد الملك، ولم تفتح أيضاً، ولكنه صالح أهلها على بناء مسجد بها، ثم فتحت أيام الترك بقتال، لكنها رجعت تحت حكم العلمانيين، وها نحن ننتظر الفتح الأعظم لها، بإذن الله – عز وجل – وسيسبق ذلك أمور وأحوال، منها عودة ورجوع المسلمين إلى دينهم الذي أعرضوا عنه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد أطلع الله – جل وعلا- نبينا صلى الله عليه وسلم على كل أمارات وعلامات الساعة، وكشف له الأحداث العظيمة التي ستقع في آخر الزمان بين يدي الساعة ، ففي صحيح مسلم من حديث عمرو بن أخطب -رضي الله عنه- قال: “صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا”. والكلام عن الملاحم، لا يجوز أن يكون مدعاة للتكاسل والتواكل أو الجلوس أمام نشرات الأخبار انتظارًا لخروج المهدي، بل إن هذا الكلام مجدد للأمل، معين على العمل، إن الأمل يدفع العقلاء للعمل، الأمل في موعود الله وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم بنصرة الإسلام وظهوره، يدفعنا للعمل لديننا، وإعداد أنفسنا وتربية أبنائنا، وإصلاح مجتمعاتنا، لنكون مؤهلين حقًا لحمل لواء الدين، وإنقاذ البشرية ولو بعد حين, وهناك فرق بين أعمار الأمم وأعمار الأفراد، ونحن مسؤولون عن أعمارنا فقط. ويجب أن لا يصاب أحد منا بيأس أو قنوط حتى ولو اشتدت ظلمات الواقع، فهي إرهاصات بين يدي الفتح المقبل -إن شاء الله- (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) [الزمر:20]. والتزوُّد بالتقوى والعمل الصالح: كل علامات الساعة الصغرى التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم قد وقعت، وإرهاصات المهدي موجودة بين أيدينا الآن، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أن الله سيصلحه في ليلة، فالبدار بالتوبة، والتزود للآخرة (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197].وحتى تنجو من الفتن، وتسلم من الدجال، وتلحق بركب الموحدين الأبطال، احرص -رعاك الله- على التسلح بالعلم الشرعي والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الدعاء