خطبة عن ( الأُسْوَةُ والْقُدْوَةُ )
سبتمبر 7, 2021خطبة عن مرض ( إعجابُ المرء بنفسه )
سبتمبر 9, 2021الخطبة الأولى ( سِتَّةٌ لَعَنْتُهُم وَلَعَنُهُم اللهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَاب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ : ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (سِتَّةٌ لَعَنْتُهُم وَلَعَنُهُم اللهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَاب : الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللهِ، وَالْمُسْتَحِلُ لِحَرَمِ اللهِ، وَالْمُسْتَحِلُ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللهُ وَيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّ اللهُ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي)·
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الكريم ،والذي يحذرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ستة أمور وأفعال ، يستحق فاعلها لعن الله تعالى ، فقوله صلى الله عليه وسلم : (سِتَّةٌ لَعَنْتُهُم وَلَعَنُهُم اللهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَاب) أي هناك ستة أفعال ، من وقع فيها استحق اللعنة من الله ورسوله وكل نبي مرسل ، واللَّعْنُ هُوَ الإِبْعَادُ مِنَ الْخَيْرِ والرحمة ، والْمَعْنَى أَنَّ هَؤُلاءِ السِّتَّة مُبْعَدُونَ مِنَ الْخَيْرِ ، ومحرومون من رحمة الله وفضله وأَوَّلُ هؤلاء الستة : الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَالزِّيَادَةُ أَنْوَاعٌ مِنْهَا : أَنْ يَزِيدَ الشَّخْصُ بِنِيَّةِ أَنْ يُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ هَذَا قُرْءَانٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنَ الْقُرْءَانِ فَهَذَا أَشَدُّهُمْ إِثْمًا، فَمَنْ زَادَ شَيْئًا فِي الْقُرْءَانِ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ فَقَد كَفَرَ· وَالثَّانِي : هُوَ مَنْ يَزِيدُ حَرْفًا مِنْ أَجْلِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ عَمْدًا لَيْسَ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهُ مِنَ الْقُرْءَانِ فَهَذَا أَقَلُّ إِثْمًا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ· وَالثَّالِثُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ حَرْفًا مِنْ دُونِ تَعَمُّدٍ إِنَّمَا جَهْلاً مِنْهُ بِالتِّلاوَةِ الَّتِي أُنْزِلَت عَلَى النَّبِيِّ فَهَذَا أَقَلُّ إِثْمًا مِنَ الأَوَّلَيْنِ، كَمَنْ يُوَلِّدُ حَرْفًا بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ فَيَقُولُ: إِيينَّا بَدَلَ إنَّا، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَلا يَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَفَنَّنَ فِيهَا بِزِيَادَةِ حَرْفٍ أَوْ تَغْيِيرِ حَرْفٍ ، وأما الصنف الثاني ممن يستحق اللعنة بفعله ، فكما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللهِ ) : فالقدر ثابت بكتاب الله تعالى، فقد قال الله سبحانه : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) {القمر: 49}. وقال الله تعالى : (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ) {الأحزاب: 38}. وقال الله تعالى : (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) {المرسلات: 23} ،وفي صحيح مسلم : (عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاَءِ فِي الْقَدَرِ فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلاً الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلاَمَ إِلَىَّ فَقُلْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ : إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ – وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ – وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لاَ قَدَرَ وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّى بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّى وَالَّذِى يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ..) ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من التكذيب بالقدر، ففي مسند أحمد : (عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلاَ مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ وِلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلاَ مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ »
أيها المسلمون
ثم نأتي إلى الصنف الثالث ممن لعنهم الله ورسوله ، وهو في قوله صلى الله عليه وسلم : (وَالْمُسْتَحِلُ لِحَرَمِ اللهِ ) أي : حرم مكة ، وذلك من فعل في حرم الله ما يحرم فعله كاصطياد ونحوه ، فلا يخفى على كل من له أدنى علم، وأدنى بصيرة حرمة مكة، ومكانة البيت العتيق ، لأن ذلك أمر قد أوضحه الله في كتابه العظيم في آيات كثيرة، وبينه رسوله محمد عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة، وبينه أهل العلم في كتبهم ومناسكهم ،فحرم الله بمكة جعله الله آمناً يأمن فيه العباد، وجعله آمناً للصيد الذي فيه، فهو حرم آمن، يأمن فيه الصيد الذي أباح الله للمسلمين أكله خارج الحرم، يأمن فيه حال وجوده به، حتى يخرج لا ينفر ولا يقتل. ويقول سبحانه: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} آل عمران 97، يعني : وجب أن يؤمن، وليس المعنى أنه لا يقع فيه أذى لأحد، ولا قتل، بل ذلك قد يقع، وإنما المقصود أن الواجب تأمين من دخله، وعدم التعرض له بسوء. وكانت الجاهلية تعرف ذلك، فكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يؤذيه بشيء حتى يخرج، فهذا البيت العتيق، وهذا الحرم العظيم، جعله الله مثابة للناس وأمناً، ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يوم فتح مكة، وأخبر أنه حرم آمن، وأن الله حرمه يوم خلق السموات والأرض، ولم يحرمه الناس، ففي مسند أحمد : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : « إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ الْقَتْلُ لأَحَدٍ قَبْلِي وَأُحِلَّ لِي سَاعَةً فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهُ ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِبُيُوتِهِمْ وَلِقَيْنِهِمْ. فَقَالَ « إِلاَّ الإِذْخِرَ وَلاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا » ، فيجب على المسلمين، وعلى ولاة الأمور، أن يحترموه ويعظموه، وأن يحذروا ما حرم الله فيه من إيذاء المسلمين، والظلم لهم، والتعدي عليهم حجاجاً أو عماراً أو غيرهم
أيها المسلمون
أما الصنف الرابع ممن لعنهم الله ورسوله ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : (وَالْمُسْتَحِلُ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ ) فعترته أي: قرابته ، والمعنى: من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم، فإن اعتقد حله فكافر، وإلا فمذنب، وخصهما باللعن لتأكد حق الحرم والعترة، وعظم قدرهما بإضافتهما إلى الله وإلى رسوله ،وفي سنن الترمذي : (إنِّي تارِكٌ فيكُم ما إن تمسَّكتُمْ بِهِ لن تضلُّوا بَعدي أحدُهُما أعظَمُ منَ الآخرِ: كتابُ اللَّهِ حَبلٌ ممدودٌ منَ السَّماءِ إلى الأرضِ. وعِترتي أَهْلُ بيتي، ولَن يتفرَّقا حتَّى يَرِدا عليَّ الحوضَ فانظُروا كيفَ تخلُفوني فيهِما)، فقوله صلى الله عليه وسلم “وعِتْرتي أهلُ بيتي”، أي: أحبُّوهم وتَمسَّكوا بما كانوا عليه واهْتَدُوا بهَديِهم وسِيرتِهم، وعِترتُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هم أزواجُه ونِساؤُه وقرابتُه، الَّذين ساروا على طَريقِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، المتَّبِعون لسُنَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فلهُم الحبُّ والتَّكريمُ والتَّوقيرُ والإحسانُ إليهم، كعَليٍّ وبَنيه، والعبَّاسِ وبَنيه، وأَهْلُ الْبَيْتِ غَالِبًا يَكونونَ أَعرَفَ بِصاحِبِ البَيْتِ وأَحوالِه، فالمُرادُ بِهم أهلُ العِلْمِ مِنْهم المُطَّلِعونَ على سيرَتِه، الواقِفونَ على طَريقَتِه، العارِفونَ بحُكْمِه وحِكْمَتِه، ثم نأتي إلى الصنف الخامس من الملعونين بأفعالهم ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : (وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللهُ وَيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّ اللهُ) ، أي : الإنسان المستولي المتقوي الغالب ، أو الحاكم بالتكبر والعظمة الناشئ عن الشوكة والولاية ، والجبر هو القهر ، وقيل : وإنما يطلق ذلك في صفة الإنسان على من يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي ، ولا يستحقها ، أو بتولية المناصب من لا يستحقها ،ومنعها من يستحقها (لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللهُ وَيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّ اللهُ)) أي : من أذله الله لفسقه أو لكفره يرفع مرتبته على المسلمين ، أو يحكمه فيهم ، كما فعل كثير من حكام الجور برفع اليهود والنصارى على كثير من المسلمين ، والفسقة على العدول المبرزين ، ويذل من أعزه الله بأن يخفض مراتب العلماء والصلحاء أو نحوهم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( سِتَّةٌ لَعَنْتُهُم وَلَعَنُهُم اللهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَاب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والصنف السادس والأخير ، جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : (وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي ) : وذلك بأن أعرض عنها بالكلية، أو ترك بعضها استخفافا أو قلة احتفال بها، فإن السنة التي يراد بها ما سوى الفرض، لا إثم ولا عقاب في تركها أحيانا، إلا أنه لا ينبغي المواظبة على تركها، بل ينبغي للمسلم الحرص على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال. والمحافظة على السنن تحمل على المحافظة على الفرائض، ففعل السنن حجاب بين العبد وبين ترك الواجب، كما أن ترك المكروه والمشبهات، حجاب بين العبد وبين فعل ما استبان تحريمه، وترك السنن تهاونا بها، يدل على زهد المرء في الخير، وعدم رغبته في الثواب، بل إن بعضهم ذكر أنه يأثم من داوم على ترك السنن. وفي كتاب الجامع: لا يعذب أحد على ترك شيء من النوافل، وقد سن رسول الله سننا غير الفرائض التي فرضها الله، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون بالسنن التي سنها رسول الله مثل: الفطر، والأضحى، والوتر، والأضحية وما أشبه ذلك؛ فإن تركها تهاونا بها، فهو معذب إلا أن يرحمه الله، وأما الأوامر والنواهي النبوية، فتجب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيها بامتثال أمره، واجتناب ما نهى عنه ، ومن تعمد مخالفته، فهو متوعد بالعقوبة؛ فإن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، طاعة لله تعالى، قال الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) {النساء:80}. وقال الله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) {النور:63}، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ) رواه مسلم ، وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، إِلاَّ مَنْ أَبَى » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ : « مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى » .وفي سنن الترمذي : (عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « أَلاَ هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الْحَدِيثُ عَنِّى وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلاَلاً اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ ». وبهذا يعلم أن سنته صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى سنة واجبة، لا يجوز لمسلم مخالفتها، وإن خالفها أثم، وهي : ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقم دليل يصرف ذلك الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وإلى سنة مستحبة وهي : ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، على سبيل الاستحباب؛ لوجود الصارف له، أو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، مجرد فعل، ولم يؤكده بأمر، ولا هو مبين لواجب، وذلك مثل سنة قيام الليل، وسنة الضحى، وما شابه ذلك.
الدعاء