خطبة عن (أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ) مختصرة
نوفمبر 6, 2021خطبة عن حديث ( أربع من السعادة) مختصرة
نوفمبر 6, 2021الخطبة الأولى (حُدُودُ اللهِ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} البقرة 187، ويقول الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}البقرة 229،
إخوة الإسلام
حدود الله لفظ عام ،يشمل كل أحكام الله تعالى وشرائعه التي شرعها لعباده، فحدود الله تتضمن كل الأوامر والنواهي ،والفرائض والمحرمات، والعقوبات المحدَّدة شرعا، مثل (حد الزنا والقذف وحد السرقة وحد والقتل) وغيرها من الحدود ،ففي مستدرك الحاكم عَن أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ اللَّهَ حَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَفَرَضَ لَكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَتَرَكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَكِنْ رَحْمَةٌ مِنْهُ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا فِيهَا” ،وقد سُمّيت الحدود بهذا الاسم لأنّها تمنع أن يدخل فيها ما ليس منها، ولأنّها تمنع أصحابهما من العود إلى أمثالها فأيّ مؤمن يتعد حدّا من حدود الله، يعرض نفسه للهلاك والعذاب، قال الله تعالى : {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} الطلاق 1، وفي الصحيحين: (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ».
أيها المسلمون
فالله سبحانه وتعالى أمرنا بعبادته وطاعته، وفِعْل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحد حدوداً لمصالح عباده، ووعد من أطاعه السعادة في الدنيا، والجنة في الآخرة ، وتوعد من عصاه وتعدى حدوده بالشقاء في الدنيا، والعذاب في الآخرة ، ومن فعل ذنبا فقد فتح الله له باب التوبة والاستغفار، فإن أصر على معصية الله تعالى، وأبى إلا أن يتعدى حدوده ،ويغشى حماه، ويتعدى على أعراض الناس وأموالهم وأنفسهم، فهذا لابد من كبح جماحه بإقامة حدود الله التي تردعه وتردع غيره، وتحفظ الأمة من الشر والفساد في الأرض، ومن المعلوم أن حدود الله تعالى على ثلاثة أنواع : النوع الأول: حدود الله التي نهى عن تعديها : وهي كل ما أذن الله تعالى بفعله، والاعتداء فيها يكون بتجاوزها ومخالفتها، وهي التي أشار الله إليها بقوله سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } البقرة: 229،
النوع الثاني من حدود الله : المحارم التي نهى الله عن فعلها كالزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق ،وهي التي أشار الله إليها بقوله سبحانه :{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }[البقرة: 187].، النوع الثالث من حدود الله: الحدود المقدرة الرادعة عن محارم الله ،كعقوبة الرجم والجلد وقطع يد السارق والقصاص من القاتل ونحوها ، فهذه يجب الوقوف عندها بلا زيادة ولا نقصان، ويحرم التحايل على حدود الله ،فإن بني إسرائيل لما وقع منهم التحايل على حدود الله بصيد السمك يوم السبت مسخهم الله جل جلاله قردة وخنازير، قال تعالى:{فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف: 166].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (حُدُودُ اللهِ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحدود الله كلها رحمة من الله، ونعمة على الجميع، فهي للمحدود طهرة من إثم المعصية، وكفارة عن عقابها الأخروي، وهي له ولغيره رادعة عن الوقوع في المعاصي، وفي الصحيحين: (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ « تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ».، وحدود الله ضمان وأمان للأمة على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبإقامتها يصلح الكون، ويسود الأمن والعدل، وتحصل الطمأنينة. يقول الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: (وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (112) التوبة فالمحافظ على “حدود الله” داخل في زمرة المبشرين من المؤمنين وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) رواه البخاري. فقد صنف النبي صلى الله عليه وسلم الناس في المجتمع من خلال هذا الحديث الشريف إلى ثلاثة أصناف، أولهم: المستقيم على حدود الله تعالى الذي لم يتجاوزها، وهو الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، وثانيهم: التارك للمعروف المرتكب للمنكر، وثالثهم: المتباطئ عن دفع المنكر والنهي عنه.
الدعاء