خطبة عن(مع الصحابة في رمضان)
مارس 9, 2024خطبة عن (صوم رمضان من أسباب العتق من النار)
مارس 9, 2024الخطبة الأولى (علاقة رمضان بالقرآن ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة (185)
إخوة الإسلام
إن المتأمل في هذه الآية الكريمة يدرك العلاقة الكبيرة بين القرآن الكريم ،الذي به تزكو النفوس ،وترتاح بتلاوته القلوب، وبين شهر رمضان الذي تحصل به التقوى، فالله تبارك وتعالى أنزل القرآن جملة واحد إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر من اللوح المحفوظ، قال سبحانه:(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر:1]، وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) [الدخان:3]، ورغم أنَّه صلى الله عليه وسلم كان أجوَدَ النَّاس قبل رمضان وبعده، فإنَّ جوده وكرمه كان يبلغ الذروة حال مدارسته القرآن؛ وقد جسَّد ابن عباس رضي الله عنهما ذلك كلَّه في قوله: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاقة بين شهر ومضان والقرآن فقال صلى الله عليه وسلم: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ» ففي شهر رمضان يجتمع الصوم والقرآنُ، فتدركُ المؤمنَ الصادقَ شفاعتان؛ يشفع له القرآن لقيامِه، ويشفع له الصيام لصيامه؛ وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-«يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ» رواه ابن ماجه.وهذا الشهر الكريم لم يَرتق إلى تلك المكانة ولم يرتفِع إلى هذه المنزلة، إلَّا حين ارتبط ذِكره بالقرآن العظيم وصار محلًّا زمنيًّا لنزوله، بل إنَّ ليلة القَدر ذاتها لم تَبلغ ما بلغَت من المكانة والرِّفعة، وبلغت أن تكون خيرًا من ألف شَهر، إلا بعد أن شرَّفها الله تعالى واختارها موعدًا لنزول الكتاب العزيز. فالقرآن روح للروح، ونور للبصائر والأبصار ، وهو كتابٌ مبارَك؛ مَن تمسَّك به، ناله من نوره وبركاته على قَدر صِدقه في تمسُّكه واتصاله به ومن هنا نَفهم أنَّ هذا الشرف وهذه المكانة التي حظي بها شَهر رمضان، إنَّما كانت ببركة كتاب الله تعالى، وأنَّها ليست مقصورة على الشَّهر الكريم، بل تمتدُّ إلى كل من اتَّصل بكتاب الله جلَّ ذكره. ومن هنا فأنا أدعو نفسي وإخواني إلى اغتنام هذه المناسبة العظيمة، والإقبال على كتاب الله تعالى قراءةً وسماعًا، وفهمًا وتدبُّرًا وعملًا.. وليجعل كلُّ واحد منَّا لنفسه وِردًا من القراءة والسماع، والتفسيرِ والتدبر يُعينه على إحسان السَّير إلى الله جلَّ وعلا. والمؤمنَ يجتمعُ له في شهر رمضان جِهادان لنفسِه: جهادٌ بالنهار على الصيام، وجهادٌ بالليل على القيام ،فمن جمع بينَ هذَيْنِ الجهادَيْنِ، ووفَّى بحقوقهما، وصبر عليهما، وُفِّي أجرَه بغير حساب”؛ ومن صور اختصاص شهر رمضانَ بالقرآن الكريم صلاةُ التراويح، فهذه الصلاة أكثر ما فيها قراءةُ القرآن، وكأنها شُرعت ليسمع الناس كتابَ الله مجوَّدًا مرتَّلًا؛ ولذلك استُحبَّ للإمام أن يختم فيها ختمة كاملة.
أيها المسلمون
والسؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان : لماذا نقرأ القرآن ؟، والجواب : نقْرأُ القرآن؛ لأنه شفاء: قال الله تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]، ونقرأ القرآن؛ لأن الله تعالى يُفرِّج به الهموم، ويُذْهِب به الغموم: ففي مسند أحمد 🙁قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِى بِيَدِكَ مَاضٍ فِىَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِىَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِى كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِى عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِى وَجَلاَءَ حُزْنِى وَذَهَابَ هَمِّى. إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً»
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (علاقة رمضان بالقرآن )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونحن نَقْرأُ القرآن؛ لأنه سبب لنزول السكينة وغشيان الرحمة: فقد روى الإمام مسلمٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) ونحن نقْرأُ القرآنَ؛ حتى يكون نورًا لنا في الدنيا، وذخرًا لنا في الآخرة: فقد أخرج ابن حبَّان (عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسولَ اللهِ، أوصِني، قال: (عليك بتقوى اللهِ؛ فإنه رأسُ الأمر كلِّه)، قلت: يا رسولَ الله، زِدْني، قال:(عليك بتلاوة القرآن؛ فإنه نورٌ لك في الأرض، وذخرٌ لك في السماء) ، ونحن نقْرأُ القرآن؛ حتى يُزاد لنا في الإيمان :فمَن أراد زيادة الإيمان يومًا بعد يوم، فعليه بكتاب الله؛ فقد قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال: 2]، وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: 124].، ونحن نقْرأُ القرآن؛ حتى لا نكْتَب من الغافلين: فقد أخرج الحاكم (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قرأ عشرَ آيات في ليلة، لم يُكتب من الغافلين، ومن قرأ مائةَ آية، كُتِبَ من القانتين) ، ونحن نقْرأُ القرآنَ الكريم؛ حتى نتحصَّل على جبال من الحسنات فقد أخرج الترمذي :(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لاَ أَقُولُ الم َحرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» ونحن نقْرأُ القرآن؛ لأنه خيرٌ من الدنيا وما فيها: فإذا فرح أهل الدنيا بدنياهم، وأهل المناصب بمناصبهم، وأهل الأموال بأموالهم، فجدير أن يفرح حامل القرآن بكلام الله الذي لا توازيه الدنيا بكل ما فيها
الدعاء