خطبة حول حديث ( تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ )
مايو 15, 2021خطبة عن (قصة قَارُونَ دروس وعبر) مختصرة 1
مايو 17, 2021الخطبة الأولى (قصة قَارُونَ دروس وعبر) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى على لسان قارون : (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) القصص (78)،
إخوة الإسلام
لم يستجب قارون لوعظ الواعظين، ولا نصيحة الناصحين من قومه ،بل تمادى في طغيانه وعناده وتكبره ،واجابهم بقوله (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) ،أي: إنَّما جمعت هذه الأموال وحصلته بكسْبي ، ومعرفتي ،وعلمي ،وخبرتي ،وذكائي ،هذه الكنوز هي نتيجة لتعبي وكدي ومهارتي ، وردا على كفره بنعم الله تعالى ،وهذا الكبر والبغي ،وتلك الافتراءات ،قال الله تعالى : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) القصص (78)، فهذا الباغي ،هذا المتكبر الجاحد لنعم الله عليه الذي استولت عليه الغفلة ،وأنسته قدرة الله تعالى عليه ،وأنساه الشيطان فضل الله عليه (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا) ،فقد أهلك الله تعالى من قبله أمما ظالمة وباغية ،كانت تملك من أسباب القوة ،والعدد والعدة والعتاد أعظم مما يملك قارون ، ألم يغرق الله قوم نوح ،ألم الله يهلك بقدرته عادا قوم هود ،ألم تأخذ الصيحة ثمود قوم صالح ، غيرهم ، وغيرهم ،فلا تغتر بما أنعم الله عليك من المال والجاه والسلطان ،فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يسلبك هذا كله في أي لحظة . كان قارون يخرج بزينته وأمواله وكنوزه إلى الناس ليفتخر بها أمامهم ويتكبر عليهم ، فيلبس أحسن الثياب ، وأجمل الحلي ، ويخرج في حاشيته ليراه الناس ، ويتحسروا على فقرهم ،وحالهم ،ويتمنون لو كانوا أوفر حظاً .قال الله تعالى :(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ،قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) القصص (79) ،(80)، وهكذا انقسم الناس من حوله إلى قسمين : قسم تعلق قلبه بالحياة الدنيا وزينتها، وأخذ يحسد قارون على حظه العظيم ، ويتمنى ما عند قارون ، قصر قارون ، كنوز قارون ، حراس قارون ، وزينة قارون ،أما القسم الثاني فهم أهل العلم والإيمان الذين تعلقت قلوبهم بالله تعالى وبالآخرة ، فلم يفتنوا بمال قارون وملكه، وأخذوا يحذرون غيرهم مما هم فيه ، ويذكرونهم بثواب الله العظيم ، وأن الآخرة أفضل من الدنيا بجمالها وفتنتها. (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) القصص (79) ،(80)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية(قصة قَارُونَ دروس وعبر)2
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي أحد الأيام خرج قارون في زينته بين قومه ،ومعه كنوزه وأمواله ،كعادته التي اعتاد عليها ؛ ليجعلهم يندبون حظهم ، ويشعر هو بخيلائه وغروره ،ولكن فجأة جاء وعد الله وعقابه ،وحانت لحظة العذاب، فاهتزت الأرض من تحت أقدام قارون ، والجميع أخذ يهرب ،الحرس يهربون ،الخدم يفرون ،الناس ينفضون من حوله ،الكل ينجوا بنفسه من هول ما يحدث ، ولكن قارون ظل واقفا ،يريد كنوزه التي عاش يفخر بها ، ينادى حراسه لا أحد يجيب ، ينادي خدمه لا أحد يجيب ؛ فقد نزل أمر الله عز وجل .قال الله تعالى :(فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) القصص (81) ،(82) ، هكذا انشقت الأرض بقارون ،وخسف الله به وبقصره الأرض ، فالأرض جند من جنود الله، أمر الله تعالى الأرض أن تدفن قارون بجبروته ، وسلطانه ، وماله ،فيصبح بين ثراها ،ففعلت الأرض وأصبح قارون كأن لم يكن، وتعجب الناس من هول الفاجعة ، وأخذوا يحمدون الله على ما هم به ،وأنه لم يخسف بهم، ويقولون الحمد لله أنه لم يعطنا مثل ما أعطى هارون ؛ حتى لا نكون من الهالكين . وبعدها عرف الناس أن كل هذا النعيم زائل ، فالمال زائل ،والملك زائل ، ولا تبقى إلا طاعة الإنسان وعمله ، فالمال فتنة لأصحابه وقد كرم الله سبحانه وتعالى الفقراء المؤمنين ،وجعلهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة سنة ،(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ » رواه الترمذي. ثم بين الله سبحانه وتعالى أن الدار الآخرة ،وما أعده الله فيها من نعيم مقيم في جنات النعيم إنما هي للمؤمنين المتقين ،هي للمتواضعين والمحسنين ،هي للمنفقين والمتصدقين ، هي للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ،ولا يطلبون مناصبها وكراسيها ، هم يصلحون في الأرض ولا يفسدون ،قال الله تعالى :(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص (83)، هذه هي قصة قارون ، وتلك نهاية الطغاة والمتكبرين، ألا فاتعظوا وكونوا من المهتدين ،
الدعاء