خطبة عن (عِبَادٌ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ)
أكتوبر 22, 2023خطبة عن (أيها المجاهدون: لكم المغفرة والجنات قبل النصر والبُشريات)
أكتوبر 24, 2023الخطبة الأولى ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة: 85]، وقال الله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الحجر(91) :(93)
إخوة الإسلام
لقد ذم الله تعالى من فرق بين آيات القرآن الكريم، فقبل بعضها ،ورد بعضها الآخر، وآمن ببعض الكتاب ،وكفر ببعض، وتوعدهم بوعيد شديد ،فقال الله تعالى : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ..) [البقرة: 85].، وقال عز وجل: (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) [الحجر: 91]. وقد روى البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ ،جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً ،فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ) ،وقيل :معنى (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أيْ: محرفا، فقالوا كهانة، وقالوا أساطير الأولين إلى غير ذلك ، فإذا كانت الآية تنكر على أهل الكتاب تجزئتهم للقرآن، حيث آمنوا ببعض ،وكفروا ببعض ،وترفض منهم هذا التقسيم المرفوض ،فإن الآيات السابقة تتوجه إلى كل من فعل ذلك، لتنكر عليه فهمه الخاطئ لآيات القرآن الكريم، وتحريفه لمفاهيمها، وتشويهه لمعانيها، وتوظيفه لهذه الآيات، كي تشهد لرأيه الفاسد، أو تنصر فكره الباطل، أو تدعم تلاعبه بدين الله, وأحكامه ,وتشريعاته
فمن المسالك المضلة ،والطرق المهلكة ،أن يرجع العبد للقرآن ليأخذ منه ما يوافق هواه، وأما ما خالفه ،فإنه يحرفه عن موضعه، فيسوقه القرآن إلى النار، بخلاف من جعل القرآن أمامه ، فقاده إلى الجنة، كما هو حال أهل الإيمان ،فهم كما وصفهم ابن القيم في (إعلام الموقعين) حيث قال: (لم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع، حيث جعلوها عضين، وأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين) ،وقال الشيخ (الغنيمان) في (شرح فتح المجيد): (ومن المعلوم أن أصحاب البدع والأهواء ،يتعلقون بالشبهات، ويفرحون إذا وجدوا شيئا يتعلقون به من القرآن ،أو من الأحاديث، ومن الأمور التي ينبغي أن تعلم: (أن القرآن فيه شيء مما قد يشتبه في اللفظ للدلالة، وإذا صار الإنسان عنده سوء فهم ،أو سوء اتجاه يكون فتنة له، وهذا الذي يشير إليه قوله جل وعلا: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:7] ،فهم يبحثون عن الشيء الذي يتفق مع أهوائهم، ومع مناهجهم ومقاصدهم، بغض النظر عن مراد المتكلم سبحانه وتعالى، ولو كانوا يريدون مراد المتكلم ،لكان الأمر واضحا جليا؛ لأن هناك آيات واضحات تبين هذا، إذا أرجعت إليها زال الإشكال نهائيا).
أيا المسلمون
لقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم، كتاب هداية يحيى به موات النفوس، وينظم الحياة، ويأخذ بأيدي البشر إلى أقوم السبل، ويحقق السعادتين الدنيوية والأخروية ،ولقد حقق القرآن الكريم هذا الدور في حياة الصحابة ،والتابعين وأتباع التابعين، وأحدث أعظم حركة تغييرية شهدها التاريخ، وقد نتساءل لماذا لا يحقق القرآن الكريم هذا الدور في حياة البشرية اليوم؟ أليس القرآن هو القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم؟ ،فالحق أن فهم القرآن الكريم هو الذي تعرض للخلل، فلم يعد أكثر المسلمين يفهمون القرآن كما أنزل، ولم يعودوا يتعاملون مع الآية من خلال رصيدها الحقيقي من المعاني، وأصبح المسلم يستعمل الآية في غير ما أنزلت له، فمن مظاهر سوء الفهم للنص : وضعه في غير موضعه الصحيح، وهذا يُعد من المزالق الخطيرة ،التي ينبغي التيقظ والالتفات إليها ،والتنبه عليها، فكثيراً ما يكون النص صحيحاً، ولكن العيب في الاحتجاج بهذا النص على أمر معين، وهو لا يدل عليه ،لأنه سيق مساقاً آخر، وقد يأتي ذلك كله من الخلل في الفكر ،وسوء الفهم للنص، وذلك نتيجة العجلة ،التي نراها ونلمسها عند السطحيين من الناس، الذين يتخرصون على النصوص بغير بينه ،ويتطاولون بغير سلطان آتاهم ،ويقولون على الله ما لا يعلمون ،وقد يكون ذلك من الخلل في الضمير ،وفساد النية، حيث يَعمد بعضُ الناس إلى ليِّ أعناق النصوص ، لتوافق هواه ، فمن أشد ما تتعرض له النصوص خطراً : سوء التأويل لها، بمعنى أن تُفسر تفسيراً يُخرجها عما أراد الله تعالى ورسوله بها ،إلى معنى أخر يريدها المؤولون بها، وقد تكون هذه المعاني صحيحة في نفسها ،ولكن هذه النصوص لا تدل عليها، وقد تكون المعاني فاسدة في ذاتها ،وأيضاً لا تدل النصوص عليها ،فيكون الفساد في الدليل والمدلول معاً .
أيها المسلمون
وإذا كان الله تعالى قد حفظ كتابه من التحريف كما قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحج (9)، فإنه سبحانه وتعالى قد هيا حراسا أمناء لفهم كتابه على أحسن وجه، يدافعون عنها الأخطاء والتحريفات، ويتصدون لكلّ من خرج بنتائج خاطئة ،أو مفاهيم مغلوطة ،ويحتفظ تاريخنا الاسلامي بنماذجَ باهرةٍ ،لهؤلاء الذين حرصوا على فهم كتاب الله فهما سويا، ودفعوا عنه كلّ تحريف في دلالاته، وفي مقدمة هؤلاء هو رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ،ثم أصحابه الكرام من بعده ،ثم التابعين من بعدهم ،وأذكر لكم بعض النماذج لتصحيح الرسول صلى الله عليه وسلم لفهم بعض الصحابة لبعض آيات القرآن ،وكذا تصحيح الصحابة لمن فهم الآية على غير مرادها ،فقد روى البخاري في صحيحه: (عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ – رضى الله عنه – قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي ،فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ ،فَلاَ يَسْتَبِينُ لِي ،فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ « إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ » ،وفي رواية للبيهقي : (عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ). الآيَةَ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَيْنِ عِقَالٍ أَبْيَضَ وَعِقَالٍ أَسْوَدَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَأُنْظُرُ فَلاَ يَتَبَيَّنُ لِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْتُهُ فَضَحِكَ وَقَالَ :« إِنْ كَانَ وِسَادُكَ لَعَرِيضًا ، إِنَّمَا ذَاكَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ » ،فعديّ بن حاتم (رضي الله عنه) أخذ الخيطين عل ظاهرهما، وفهم من الآية أنّ المراد هو التمييز بين الخيطين فيمسك عن الطعام. وصحّح له الرسول فهمه للآية ،وبين له المراد هو سواد الليل وبياض النهار، وليس حقيقة الخيط ،فقال صلى الله عليه وسلم: « إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ » ،
ونموذج آخر ،ففي صحيح البخاري: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) الانعام 82، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ « لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ ( لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) بِشِرْكٍ ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ ( يَا بُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان 13، فالصحابة (رضوان الله عليهم) حملوا الظلم في الآية على المعاصي والذنوب؛ ولهذا قالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ بمعنى أينا لا يذنب؟ فصحح لهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) خطأهم، ووضح لهم المرام بالظلم فيها، وهو ليس المعصية ،بل هو الشرك بالله ؛ لذا ، فهم بريئون منه ،لأنهم موحدون ،وقد استعان الرسول صلى الله عليه وسلم بآية من سورة لقمان في تفسير الآية، بمعنى تفسير القرآن بالقرآن ،
وروى ابن حبان عن المغيرة بن شعبة قال : [ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران ،فقال لي أهل نجران : (ألستم تقرؤون هذه الآية 🙁يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (28) مريم ،وقد عرفتم ما بين موسى وعيسى ؟ ،فلم أدر ما أرد عليهم؟ ،حتى قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ،فقال لي :(أفلا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم )
وأخرج البخاري من حديث عروة قال : [ عَنْ عُرْوَةَ سَأَلْت عَائِشَةَ فَقُلْت لَهَا: أَرَأَيْت قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَوَاَللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَلاَ يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ بِئْسَ مَا قُلْت يَا ابْنَ أُخْتِي إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتُهَا عَلَيْهِ كَانَتْ لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلاَ يَطُوفَ بِهِمَا وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الأَنْصَارِ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لإِحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا] ، فمن الواضح أنّ عروة فهم من الآية رفع الإثم على من طاف بين الصفا والمروة، ونفي الإثم يعني كونه مباحا يستوي فعله وتركه. ولو اخذ به لكان السعي بين الصفا والمروة مباحا وليس ركنا، فصوّبت عائشة لعروة فهمه وبينت أنّ الآية سكتت عن الوجوب أو عدمه، وإنما تهدف إلى رفع الحرج على من سعى بينهما، وتعالج حرجا في نفوس الأنصار. أمّا الوجوب فقد أخذ من أحاديث الرسول وفعله .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فمن الواجب على العبد أن يتخلى عن هوى النفس، ومن الأغراض التي تكون على خلاف مراد الرب -جل وعلا- أو مراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومعلوم أن هذا يحتاج إلى مجاهدة، ويحتاج إلى توفيق من الله -جل وعلا-، والإنسان قد لا يملك نفسه ،قال الله تعالى :{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة:41] ،إلا أنه إذا فعل الإنسان الأسباب التي أمر الله بها ،فغالبا ما يوفقه الله تعالى ،بخلاف الذي يعرض عن أمر الله من أول وهلة ،اتباعا لشيء يريده، إما يريد علوا على الخلق ،أو يريد أن يكون هو أفضل منهم ،وأعلى منهم، أو كان له أغراض دنيوية، أو عنده حسد وحقد على الآخرين؛ فهذا غالبا لا يوفق، ويزداد ضلالا إلى ضلاله ،ولهذا يقول الله -جل وعلا-: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5]، ويقول الله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:110] ، والتعامل من أمثال هؤلاء يكون على مقتضى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا لِمَنْ قَالَ « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ». رواه مسلم، فمن النصيحة لكتاب الله تعالى: الدعوة إلى منهجه، وامتثال جميع أحكامه، والعمل بكل آياته، والذب عنه في مواجهة المناهج المنحرفة، ومن النصيحة للمسلمين: تحذيرهم من طرق الغواية, وأسباب الضلال والانحراف، وتعريفهم سبيل المجرمين ليتجنبوها .
الدعاء