خطبة عن (الهجرة) مختصرة
يوليو 19, 2023خطبة عن التحذير من المبالغة في المدح والاطراء وحديث (لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ)
يوليو 25, 2023الخطبة الأولى ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْر )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (24) :(28) محمد
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع آيات من كتاب الله العزيز ، نتلوها ، ونتدبرها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار راميها ، ونؤمن ونعمل بما جاء فيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) محمد (25) ،(26) ، قال السعدي في تفسيره: يخبر تعالى عن حالة المرتدين عن الهدى والإيمان على أعقابهم إلى الضلال والكفران، ذلك لا عن دليل دلهم ولا برهان، وإنما هو تسويل من عدوهم الشيطان وتزيين لهم، وإملاء منه لهم:{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا } وذلك أنهم قد تبين لهم الهدى، فزهدوا فيه ورفضوه، و{ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ} من المبارزين العداوة لله ولرسوله {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ } أي: الذي يوافق أهواءهم، فلذلك عاقبهم الله بالضلال، والإقامة على ما يوصلهم إلى الشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي.{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} فلذلك فضحهم، وبينها لعباده المؤمنين، لئلا يغتروا بها.{فَكَيْفَ} ترى حالهم الشنيعة، ورؤيتهم الفظيعة {إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَة} الموكلون بقبض أرواحهم، { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} بالمقامع الشديدة؟!.{ذَلِكَ} العذاب الذي استحقوه ونالوه { بـ } سبب { أنهم اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} من كل كفر وفسوق وعصيان. { وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} فلم يكن لهم رغبة فيما يقربهم إليه، ولا يدنيهم منه، {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} أي: أبطلها وأذهبها، وهذا بخلاف من اتبع ما يرضي الله وكره سخطه، فإنه سيكفر عنه سيئاته، ويضاعف أجره وثوابه.
فقوله تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} : فهم لم يعلنوا العداء لله علانية ،وإنما أبطنوه ،وتواعدوا مع كارهي الرسالة على التضامن والتعاون في بعض الأمور , فوصفهم تعالى بأنهم ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى، وذلك أدعى أن يحذر المؤمن على عقيدته أن تفسد بمتابعته لأعداء الله وكارهي أحكامه وشرائعه ،والميل إليهم ولو في بعض اعتقاداتهم , فالله يعلم السرائر ،ولا تخفى عليه خافية , وأمثال هؤلاء تهينهم الملائكة منذ لحظة الوفاة بالضرب على الوجوه والأدبار, جزاء لاتباعهم ما أسخط الله عليهم وبسببه أحبط أعمالهم الصالحة فلم يعد لديهم أي رصيد من خير.
أيها المسلمون
فليحذر المسلم العاقل من هذه الآية : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) ، فمن صور ومظاهر الردة عن الاسلام طاعة الكافرين ولو في بعض الأمر الذي يخالف شرع الله ودينه وأحكامه ، فقد حكم الله تعالى على من قال لأعداء الله تعالى من الكفار والمرتدين – الذين يكرهون ما أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم ، من قرآن ، وأحكام ، وتشريعات فيها الحلال والحرام ، وقالوا لهم : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) – ولمّا يطيعونهم بعد – فقد حكم عليهم (أنهم مرتدون) ، وأن الشيطان سول لهم عملهم هذا ،وأملى لهم ، فإذا كان هذا حكم من وعد الكفار فقط بالطاعة ،ولمَّا يطيعونهم بعد، فكيف بمن أطاعهم فعلا في بعض الأمر؟ ،وكيف بمن أطاعهم فعلا في كل الأمر، بل نفذ مخططاتهم ضد الإسلام والمسلمين، بل وحارب أهل الإسلام إرضاء لهم؟ ،
فليحذر المسلم الفطن عند التعامل مع الكافرين من (اليهود والنصارى والملحدين) فليحذر من هذه الآية : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) ،وليلتفت المسلم إلى هذا العقاب الكبير: (إحباط الأعمال) لمن اتبع ما يسخط الله، مثل: طاعة الكافرين، في تحكيم القوانين الوضعية، فإنه محبط للأعمال! ، إلى غير ذلك من: نواقض الإسلام، و نواقض الإيمان، وكل هذا من تعظيم هذا الدين، وتعظيم شعائره، ورعاية حرمته، وحفظه من العاديات عليه ،
فموالاة الذين كرهوا ما أنزل الله ، هو من الجرائم الكبرى في الإسلام، والتصفيق لسيئاتهم ، والنفاق أمامهم ، لهي من علامات السقوط، أمَّا طاعتهم في ظلمهم وفسقهم ،وعدم التغيير عليهم ، وإنكار مؤامراتهم ،فهي مما يُجَرِّئُ الظلمة على محارم الله وعلى عباد الله المؤمنين ، فالله سبحانه وتعالى هو الحق، وكلماته هي الحق، والنظام الذي وضعه سبحانه للناس هو الذي يصلح الخلق، وأما سواه فهو باطل باطل ، يفسد ولا يصلح، ويسيء ولا يحسن.
أيها المسلمون
والمتدبر لقوله تعالى : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) ، فهم ليسوا كرهين ما أنزل الله ،بل هم الذين قالوا لهؤلاء الكارهين سنطيعكم، وهم لم يقولوا لهم سنطيعكم في كلِّ الأمر، بل قالوا : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ )، فكيف بالذين كرهوا ما أنزل الله، والذين لا يحكمون بما أنزل الله، وكيف بأولئك المنافقين في بلاد المسلمين ،الذين يسبحون بحمد الكافرين ، ويصنعون لهم من الفضائل ما لا يخطر على بال ،ويصفونهم بالعدالة ، والنزاهة ، والرقي والحضارة ، و… ، ويُصفِّقون لهم على الغثّ والسمين ، ويطيعونهم في كل أمر، وقد يقتلون الناس إرضاءً لهم!،
لهذا فقد حذرنا الله منهم ، وبين سبحانه وتعالى عقابهم الشديد على سوء صنيعهم ، فالملائكة تضرب وجوههم وأدبارهم ، للدلالة على شدة عذابهم، ذلك لأنهم كانوا في دنياهم أتباعاً لكل ما يغضب الله، أتباعاً للظالمين ،لا يُغَيِّرون عليهم بقول أو فعل، ويتبعون ما يسخط الله ،ويكرهون رضوانه، فتكون النتيجة :أن تحبط أعمالهم ،ويكونوا من الخاسرين : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (28) محمد
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْر )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إنها صرخة إنذار وتحذير ، وإنه لحريّ بأصحاب العقول أن يتدبّروا هذه الآيات ، ليدركوا أن طاعة الظالمين الذين لا يعملون بما أنزل الله في أمر واحد من أوامرهم تكون جريمة ، يستحقون عليها العذاب الشديد، فكيف بطاعتهم في كلِّ الأمر، بل إن مجرد الرضى والسكوت على ظلمهم يوصل إلى سخط الله وغضبه. يقول صلى الله عليه وسلم : «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» (رواه مسلم) .
فطاعة هؤلاء تزيد هؤلاء الظالمين ظلماً، وتجرئهم على التمادي في المنكر والموبقات، وتزيدهم استخفافاً بالناس واستهتاراً بهم كحال فرعون مع قومه ، قال الله تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (الزخرف:54) .
وما نراه في بلاد المسلمين من الجرأة على أحكام الله ، وعلى دين الله ، وعلى عباد الله ، وعلى أرض الله ، ما هو إلا بسبب سكوت الناس وطاعتهم للمارقين عن الدين ، فهل يتدبر المسلمون آيات الله، ولا يطيعون الظالمين بل يعملون على تغييرهم؟ هل يتدبرون؟
الدعاء