خطبة حول حديث (الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ وَالدَّابَّةِ)
يونيو 11, 2022خطبة حول قوله تعالى (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)
يوليو 16, 2022الخطبة الأولى ( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (40) الرعد
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، واليوم -إن شاء الله- موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (40) الرعد ، يقول الامام الطبري في تفسيرها : (يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإما نرينك ، يا محمد في حياتك بعضَ الذي نعدُ هؤلاء المشركين بالله من العقاب على كفرهم ، أو نتوفيَنَّكَ قبل أن نُريَك ذلك, فإنما عليك أن تنتهِيَ إلى طاعة ربك فيما أمرك به من تبليغهم رسالتَه, لا طلبَ صلاحِهم ولا فسادهِم, وعلينا محاسبتهم، فمجازاتهم بأعمالهم, إن خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ ) ، وفي التفسير الميسر : (وإن أريناك -أيها الرسول- بعض العقاب الذي توعَّدْنا به أعداءك من الخزي والنَّكال في الدنيا ، فذلك المعجَّل لهم، وإن توفيناك قبل أن ترى ذلك، فما عليك إلا تبليغ الدعوة، وعلينا الحساب والجزاء) . ، وفي الوسيط لطنطاوي يقول: (وإما نرينك – يا محمد – بعض الذى توعدنا به أعداءك من العذاب الدنيوي ، فذاك شفاء لصدرك وصدور أتباعك … ولقد صدق الله – تعالى – وعده لنبيه صلى الله عليه وسلم فأراه قبل أن يفارق هذه الدنيا ، جانبا من العذاب الذى أنزله بأعدائه ، فسلط على مشركي مكة الجدب والقحط الذى جعلهم يأكلون العظام والميتة والجلود )
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى :(فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (40) الرعد ، يتأكد للمسلم إن الهداية ليست مما يملكه الإنسان.. فنحن علينا الدعوة ، وعلى الله الهداية، علينا البلاغ ،وعلى الله الحساب، علينا أن نبذر الحب ، ونرجو الثمار من الرب. فالمبلغ والناصح إذا أيقنَ أنَّه مأجورٌ على هذا البلاغ ، لا على النتيجةِ، ولْيعتبر بأنصح البشرِ: أنبياء ربِّ البشر، إذ يأتي أحدهم يوم القيامة وليس معه أحدٌ، لا عن تقصيرٍ في البلاغِ، وإنَّما عن إرادةِ ربِّ القلوبِ. وهنا يستريحُ ويطمئنُ نفسًا، ويهنأ بالًا؛ والبلاغ – وإن أُطلق – فالمقصود به البلاغ المبينُ، وهو الذي تقوم به الحجة ،وتتضح به المحجَّةُ، فليس كلُّ من تحدَّثَ بلَّغَ، وليس كلُّ من ارتَقى الـمِنبر وعظَ. ومن تمام البلاغِ؛ أنْ يكون الناصح الداعية متحققًا بصفةِ: ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]. ومن علامة ذلك؛ ألا ينفكَّ يدعو الله للناس – كلّ الناس – بالهداية والتوفيق ، ومن أخصِّ علاماته: أن يُحبَّ لهم ما يُحبُّه لنفسه من الخير، وإن جاءهم من طريق غيره، وإن أحبَّ أن يكون من طريقه ،فليس إلا لما فيه من الأجر ،لا أن يُنسبَ إليه الفضلُ، فالفضل أوَّلًا لـمَن أقامه على طريقة الأنبياء، والفضل ثانيًا لـمن وضع له القبول، وجنَّبه الإعراض والجفاء، والفضل آخرًا لمن أجزل له المثوبة والجزاء. وفي قول الله تعالى: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) تدُلُّ هذه الآيةُ على أنَّ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يهديَ النَّاسَ هِدايةَ الدَّلالةِ والإرشادِ؛ أمَّا هدايةُ التَّوفيقِ فليسَت على الرَّسولِ، ولا إلى الرَّسولِ؛ فالرَّسولُ لا يجبُ عليه أنْ يهديَهم؛ وليس بقُدرتِه ولا استطاعتِه أنْ يهديَهم، ولو كان بقُدرتِه أن يهديَهم لَهَدى عَمَّه أبا طالبٍ، ولكنَّه لا يستطيعُ ذلك؛ لأنَّ هذا إلى الله سُبحانه وتعالى وَحدَه ، فمسؤوليتنا نحن المسلمين في عصرنا الحاضر، الذي انتشرت فيه وسائل الاتصالات الحديثة بأنواعها، أن ندعو إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نكون قدوة في العدل والأخلاق والسلوك الحسن، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأن نعتصم بحبل الله تعالى جميعاً، وأن نوظف ثرواتنا فيما يعود بالنفع على ديارنا وشعوبنا، وأن نساهم في إغاثة الملهوف، ونناصر المعتدى عليه ظلماً ،وإن كان غير مسلم، وأن تكون لنا اليد الطولى في بناء السلام العالمي، ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «ما تظنون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم وابن اخ كريم، فأجابهم، اذهبوا فأنتم الطلقاء»، بهذا التسامح في ساعة النصر، دخل أهل مكة وغيرهم في دين الله أفواجاً،
أيها المسلمون
والمتأمل في قوله تعالى : (وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (40) الرعد ، يوقن أن الحساب من أعظم مواقف يوم القيامة ، والَّتي يجب على المؤمن الإيمان بها، والاستِعْدادُ لها، قال الله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4]؛ أي: الجزاء والحساب، والمقصود بالحساب أن يُوقف العباد بين يدَي ربِّ العالمين، ويعرفهم بأعمالهم وأقوالهم الَّتي عملوها في الدنيا، وما كانوا عليه من إيمان وكُفْر، واستقامة وانحراف، ويُعطى العباد كتُبَهم بأيمانهم إن كانوا صالحين، وبشمائلهم إن كانوا غير ذلك. قال الله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:25-26]، وقال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا . وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا . وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ . فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا . وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الانشقاق:7-12]. ، وروى مسلمٌ : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ ». فَقُلْتُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) فَقَالَ « لَيْسَ ذَاكِ الْحِسَابُ إِنَّمَا ذَاكِ الْعَرْضُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ ». والله تعالى سيحاسب كلَّ إنسان بمفرده، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} [الصافات:24]، روى مسلم في صحيحه : (عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ » ،ومن المؤمنين مَن يدخل الجنَّة بلا حساب ولا عذاب، روى مسلم : (قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ». قَالُوا وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « هُمُ الَّذِينَ لاَ يَكْتَوُونَ وَلاَ يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ». فَقَامَ عُكَّاشَةُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ « أَنْتَ مِنْهُمْ ». قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ ». ومن مواقف الحساب : عرض الأعمال على العباد؛ قال تعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة:13]، وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران:30]. ومن مواقف الحساب :: أن يُعطى العبد كتابَه ويُقال له: حاسِبْ نفسك، قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا . اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء:13-14]، اقرأ كتابَك بنفسك؛ لكي تعلم أنَّك لم تُظلم ،ولم يُكتب عليْك إلاَّ ما عملت؛
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن مواقف الحساب يوم القيامة : إحضار الشهود على العبد، كالرُّسُل والملائكة وأمَّة محمَّد صلَّى الله عليْه وسلَّم والأعضاء، قال الله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء:41]، وقال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143]، وقال الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:10-12]. وروى مسلم في صحيحه من حديث أبِي هُرَيْرة رضِي الله عنْه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قَالَ « فَوَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا – قَالَ – فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ بَلَى. قَالَ فَيَقُولُ أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِىَّ فَيَقُولُ لاَ. فَيَقُولُ فَإِنِّى أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي. ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِيَ فَيَقُولُ أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ بَلَى أَيْ رَبِّ. فَيَقُولُ أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِيَّ فَيَقُولُ لاَ. فَيَقُولُ فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي. ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ. وَيُثْنِى بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ هَا هُنَا إِذًا – قَالَ – ثُمَّ يُقَالُ لَهُ الآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ. وَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِى يَشْهَدُ عَلَىَّ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ انْطِقِي فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ. وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ الَّذِى يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ ». وقال الله تعالى:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:65]. ومن مواقف الحساب يوم القيامة : وزن الأعمال؛ الحسنات والسيئات: فأمَّا المؤمن فتُوزن حسناته وسيئاته؛ ليتبيَّن مقدار ما عمله، قال تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } [الأعراف:8-9]. وأمَّا الكافر فتُوزن أعماله؛ لإقامة الحجَّة عليه وتوبيخه وتقْريعه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “يُراد بالحساب عرْض أعمال الكفَّار عليهم وتوبيخهم عليْها، ويراد بالحساب موازنة الحسنات بالسيّئات،. وقال ابن كثير: “وأمَّا الكفَّار فتوزن أعمالهم، وإن لم تكُن لهم حسنات تنفعهم يقابل بها كفْرهم؛ لإظهار شقائِهم وفضيحتهم على رؤوس الخلائق”. روى البُخاريّ ومسلم : (عن ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ . حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ »
الدعاء