خطبة عن (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ)
أبريل 23, 2024خطبة عن (حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ)
أبريل 28, 2024الخطبة الأولى ( نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (8) التحريم ، وقال الله تعالى :(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (12) الحديد
إخوة الإسلام
يوم القيامة يكون الناس في الظلمات، فإذا استعدوا للمرور على الصراط، أعطى الله المؤمنين أنوارهم على قدر أعمالهم في الدنيا ،لتضيء لهم الطريق عند المرور على الصراط، فمن الناس من لا نور له ،فهو في ظلمة تامة، ومنهم يضيء نوره على الصراط مسيرة مائة عام، ومنهم من يعطى من النّور ما يضئ له مسيرة سنة، ومنهم من يضئ نوره مسيرة شهر ومسيرة جمعة، ومسيرة يوم، ومسيرة ساعة، ومن النّاس من يعطى من النور ما يضئ له موضع قدميه، وهكذا ، فنور الناس يوم القيامة على قدر منازلهم عند الله تعالى ،وعلى قدر أعمالهم في الدنيا، يقول الله تعالى : ﴿ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (8) التحريم ،وفي المستدرك للحاكم على شرط الشيخين : يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (فيعطون نورهم على قدر أعمالهم قال : فمنهم من يعطي نوره مثل الجبل بين يديه ،ومنهم من يعطي نوره فوق ذلك ،ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه ،حتى يكون آخر ذلك من يعطي نوره على إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفئ مرة ،فإذا أضاء قدمه ،وإذا طفئ قام فيمر ،ويمرون على الصراط ، والصراط كحد السيف دحض مزلة ،فيقال : انجوا على قدر نوركم ،فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ،ومنهم من يمر كالطرف ،ومنهم من يمر كالريح ،ومنهم من يمر كشد الرجل ويرمل رملا ،فيمرون على قدر أعمالهم ،حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ،قال : يجر يدا ويعلق يدا ،ويجر رجلا ويعلق رجلا ،وتضرب جوانبه النار ،قال : فيخلصوا ،فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله لذي نجانا منك بعد الذي أراناك ،لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا) ،
وأما عصاة الموحدين، فيكون لهم حسب حالتهم، بصيص من النور، فيظهر الطريق أمامهم ضيقا حاداً، فيلاقون ما يلاقون، ويكابدون ما يكابدون ،وتتلاحق الأنفاس ما تتلاحق، وترتعد الأوصال ما ترتعد، ويغشى القلوب ما يغشى، فمنهم من يمر، ومنهم من يسقط في النار، وأما الجموع الأخرى من الكافرين، والمشركين، والمنافقين، فيسقطون في النار مع أول قدم يضعونها على الصراط ،لأنهم لم يعطوا من النور شيئا .
أيها المسلمون
وليكن معلوما لديكم ،أن هناك أنوارا خاصة لبعض الفئات من المسلمين ،قد خصهم الله تعالى بها دون غيرهم من الناس ،وذلك تشريفا لهم ،ورفعا لمكانتهم ،وابرازا لحسن أعمالهم في الدنيا ،ومن هؤلاء ، أولا : من أكثروا الخطا إلى المساجد للصلاة : فكثرة المشي إلى المساجد في الظلمات كالفجر والعشاء من أسباب النور يوم القيامة ،فقد روى أبو داود وصححه الألباني : (عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، فهؤلاء لما قاسوا من المشي في الظلمة إلى المساجد في الدنيا ،جوزوا بنور يضيء لهم ويحيطهم بهم يوم القيامة .
ثانيا : ومن أهل النور يوم القيامة : المسبغون للوضوء : وإسباغ الوضوء هو: إتمام غسل الأعضاء كاملة بغير نقص، فقد روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري : (عن أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ :« إِنَّ أُمَّتِى يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ ،فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ » ،قال ابن حجر -رحمه الله-: ” أصل الغرة لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس، والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-” ، وقوله: محجلين ، التحجيل بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس، والمراد به هنا أيضاً النور” ،فالغرة والتحجيل والبياض الذي يكون في وجوهم ومواضع الوضوء من أجسادهم يعرفهم به -صلى الله عليه وسلم-، وفي صحيح مسلم 🙁 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ « السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ». قَالُوا أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ». فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَىْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلاَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلاَ هَلُمَّ. فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا ». وفي مسند أحمد وصححه الألباني : (عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِالسُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَأَنْظُرَ إِلَى بَيْنِ يَدَىَّ فَأَعْرِفَ أُمَّتِى مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ وَمِنْ خَلْفِي مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ يَمِينِي مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ شِمَالِي مِثْلُ ذَلِكَ ». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى أُمَّتِكَ قَالَ « هُمْ غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ لَيْسَ أَحَدٌ كَذَلِكَ غَيْرَهُمْ وَأَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ وَأَعْرِفُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ذُرِّيَّتُهُمْ »
ثالثا : ومن أهل النور يوم القيامة الاهتمام بصلاة الجمعة، فأهل الجمعة هم الذين للجمعة في نفوسهم مكانة عظيمة، استعدادات وتكبير، وغُسل، وطيب، وثياب خاصة، ومشي وتبكير وإنصات، ففي المستدرك : (عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيأتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضا وريحهم يسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان لا يطرقون تعجبا حتى يدخلون الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون)
رابعا : ومن أهل النور يوم القيامة : قراءة القرآن ،وقراء سورة الكهف يوم الجمعة، ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ وَمَنْ تَلاَهَا كَانَتْ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، وفيه : (عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ قَرَأَ أَوَّلَ سُورَةِ الْكَهْفِ وَآخِرَهَا كَانَتْ لَهُ نُوراً مِنْ قَدَمِهِ إِلَى رَأْسِهِ وَمَنْ قَرَأَهَا كُلَّهَا كَانَتْ لَهُ نُوراً مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ »،
وكذلك من الأعمال : إذا شاب الإنسان في طاعة الله: ففي سنن الترمذي : (عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». ومعنى : (مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ،أي كان مقيماً على الطاعة، ثابتاً على الاستقامة حتى شاب العمر الذي مضى في طاعة الله، وحتى أدرك صاحبه الشيب، (كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أي كانت له نوراً يوم القيامة ضياء مخلصاً من ظلمات ذلك اليوم وكرباته وشدائده، وفي مسند أحمد : (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلاَمِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ وَكَفَّرَ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً »
خامسا : ومن أهل النور يوم القيامة : المتحابون في الله : ففي سنن الترمذي : (مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ ». ،وفي المستدرك للحاكم : (معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : المتحابون في الله لهم منابر من نور يوم القيامة يغبطهم الشهداء)، وفي مسند أحمد : (أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ جَمَعَ قَوْمَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الأَشْعَرِيِّينَ اجْتَمِعُوا وَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ أُعَلِّمْكُمْ صَلاَةَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- … ثم قال : ( ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ أَقْبَلَ إِلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ ». فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ وَأَلْوَى بِيَدِهِ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ انْعَتْهُمْ لَنَا – يَعْنِى صِفْهُمْ لَنَا – فَسُرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِسُؤَالِ الأَعْرَابِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُوراً وَثِيَابَهُمْ نُوراً يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ».
سادسا : ومن أهل النور يوم القيامة : المقسطون في ولايتهم : ففي صحيح مسلم : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أهل النور يوم القيامة : أهل الطاعات في جنات النعيم : ففي مسند البزار: (عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : …يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَيْنَ عِبَادِيَ الَّذِينَ أَطَاعُونِي بِالْغَيْبِ ، وَصَدَّقُوا رُسُلِي وَلَمْ يَرَوْنِي ؟ سَلُونِي فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ ،فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ : إِنَّا قَدْ رَضِينَا فَارْضَ عَنَّا ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَوْ لَمْ أَرْضَ عَنْكُمْ لَمْ أُسْكِنْكُمْ جَنَّتِي ،فَهَذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ فَسَلُونِي ،فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَرِنَا وَجْهَكَ نَنْظُرْ إِلَيْهِ قَالَ : فَيَكْشِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْحُجُبَ ،وَيَتَجَلَّى لَهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ،فَيَغْشَاهُمْ مِنْ نُورِهِ لَوْلا أَنَّ اللَّهَ قَضَى أَنْ لاَ يَمُوتُوا لاحْتَرَقُوا ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمُ : ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ ، فَيَرْجِعُونَ وَقَدْ خَفَوْا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ ،وَخَفَيْنَ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَلا يَزَالُ النُّورُ يَتَمَكَّنُ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى حَالِهِمْ أَوْ إِلَى مَنَازِلِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ،فَيَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ : لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا بِصُورَةٍ وَرَجَعْتُمْ إِلَيْنَا بِغَيْرِهَا ؟ فَيَقُولُونَ : تَجَلَّى لَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَنَظَرْنَا إِلَى مَا خَفِينَا بِهِ عَلَيْكُمْ قَالَ : فَهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي مِسْكِ الْجَنَّةِ ،وَنَعِيمِهَا فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ ،وَهُوَ يَوْمُ الْمَزِيدِ).
الدعاء