خطبة عن (احْذَر عِقَابَ اللَّهِ) مختصرة
أغسطس 8, 2025خطبة عن (فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا)
أغسطس 10, 2025الخطبة الأولى ( قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (72) : (74) آل عمران
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ) ، ففي التفسير الميسر : (قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ) أي : إن الهدى والتوفيق هدى الله وتوفيقه للإيمان الصحيح .وقال السعدي :{قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} أي أن مادة الهدى من الله تعالى لكل من اهتدى، فإن الهدى إما علم الحق، أو إيثاره، ولا علم إلا ما جاءت به رسل الله، ولا موفق إلا من وفقه الله، وأهل الكتاب لم يؤتوا من العلم إلا قليلا، وأما التوفيق فقد انقطع حظهم منه لخبث نياتهم وسوء مقاصدهم، وأما هذه الأمة فقد حصل لهم ولله الحمد من هداية الله من العلوم والمعارف مع العمل بذلك ما فاقوا به وبرزوا على كل أحد، فكانوا هم الهداة الذين يهدون بأمر الله، وهذا من فضل الله عليها وإحسانه العظيم، فلهذا قال تعالى { قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} أي: الله هو الذي يحسن على عباده بأنواع الإحسان { يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } ممن أتى بأسبابه { وَاللَّهُ وَاسِعٌ } الفضل كثير الإحسان {عَلِيمٌ } بمن يصلح للإحسان فيعطيه، ومن لا يستحقه فيحرمه إياه.
وفي تفسير الوسيط لطنطاوي قال : (أن بعض اليهود قد قال لبعض: أظهروا إسلامكم أول النهار واكفروا آخره ،لعل بعض المسلمين يرجع عن دينه بسبب فعلكم هذا، ولا تعترفوا بفعلكم هذا إلا لأهل دينكم من اليهود ،حتى يبقى عملكم هذا سرا، له أثره في بلبلة أفكار المسلمين ورجوع بعضهم عن الإسلام. وهنا يأمر الله- تعالى- نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم بالرد عليهم ، وبالكشف عن مكرهم فيقول: قل لهم يا محمد (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ)، أي إن هداية الله ملك له وحده ،فهو الذي يهدى من يشاء ،وهو الذي يضل من يشاء، وقد هدانا- سبحانه- إلى الإسلام وارتضيناه دينا لنا ،ولن نرجع عنه) ،
فالهداية لا تحصل إلا بعون من الله، ولذلك يقول العبد في كل صلاة : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (5)، (6) الفاتحة، فلا بد من عون من الله، وافتقار إليه، لذا كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين 🙁 عَنِ الْبَرَاءِ – رضى الله عنه – قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ: لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا)، وفي صحيح مسلم : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قُلِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ وَالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْمِ ». فلابد أن تحرص على طلب الهداية، فإذا كانت الهداية تتطلب منك أنك تقرأ فلا بد أن تقرأ، وإذا كانت الهداية تتطلب منك أن تسمع من أهل العلم، فلا بد أن تسمع من أهل العلم، وإذا كانت الهداية تتطلب منك أن تعمل أعمالاً أخرى لا بد من القيام بها، فإذاً لا بد من تعمل هذه الأعمال، ومع الأخذ بأسباب الهداية ، فلابد أن تطلب العون من الله تعالى ليهديك ، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « .. يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ..) ،وفي سنن أبي داود : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ». قَالَ « يُقَالُ حِينَئِذٍ هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِىَ وَكُفِىَ وَوُقِىَ ».
أيها المسلمون
وليكن معلوما لديكم أن الهداية على نوعين: هداية مُجملة، وهداية مفصلة، أما الهداية الإجمالية، فهي الهداية للإسلام والإيمان، فمن دخل في الإسلام، حصلت له الهداية الإجمالية، ولكن الهداية التفصيلية: ما هي شعب الإيمان؟ ما هي تفصيلات الصلاة؟ ما هي أذكار الصلاة؟ ما هي شعائر الحج، سننه وواجباته أركانه؟ ،فيحتاج الإنسان بعد الهداية العامة إلى الهداية التفصيلية، ونحن في كل صلاة نكرر طلب الهداية لأننا نحتاج إلى مزيد من الهداية، ولأننا نحتاج الثبات على الهداية، فليس معنى أنك اهتديت لا تطلب الهداية ، فقد تضل بعد ذلك، فسؤالك الهداية يعني المزيد من الهداية ،لأجل المزيد من الاستمرار عليها، ولا زالت هناك علوم أخرى في الهداية التفصيلية لم تحط بها بعد، ولم تعرفها بعد، فكلما سأل المسلم الله هداية أكثر، كلما علمه الله، وهداه لمزيد من تفاصيل الدين أكثر، وأرتقى إلى المراتب في الهداية؛ لأن الهداية مراتب، والإيمان مراتب، والإحسان مراتب، والتقوى مراتب، والعلم مراتب ،فحينما تقول: “اهدني” يدخل فيها رقني في مراتب الهداية، مرتبة فوق مرتبة، وفي صحيح مسلم : (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَفْتَتِحُ صَلاَتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ « اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ».
فإن الهدى هدى الله، والضلال ضلال البشر والشياطين، وضلال اليهود والنصارى، ولا هداية على الأرض إلا في هدى الله ، لا أن نأخذ من الشرق، أو نأخذ من الغرب ، بل الهداية في شرع الله ، فقوانين الشرق وقوانين الغرب، ليس فيها هداية ،إنما الهداية فيما أنزله الله -عز وجل-. في مسائل الدين، أما مسائل غير الدين فلنا أن نأخذ من الشرق أو الغرب، ،فالحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها أخذها ، حتى ولو كانت عند كافر.
ومن سنن الله في الهداية والإضلال: أن الهداية تجر إلى مزيد من الهداية، والضلال يجر إلى مزيد من الضلال، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى) [محمد: 17]. وقال سبحانه وتعالى: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14].، وقال الله تعالى :(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف: 5]. يقول ابن القيم: “جعل الأعمال القائمة بالقلب والجوارح سبب الهداية والإضلال، فأعمال البر تثمر الهدى، وكلما ازداد منها ازداد هدى، وأعمال الفجور على الضد، والله -سبحانه وتعالى- يُحب أعمال البر، ويجازي عليها بمزيد من الهداية والفلاح، ويبغض أعمال الفجور، ويجازي عليها بالضلال والشقاء” [الفوائد].
من القواعد في سنة الهداية: أن المعاند المصر على العناد والتكذيب لا يوفقه الله، بل يختم على قلبه، فالمستكبر المصر المكذب للرسل، لا يناله إلا الطبع والختم، والطرد والإضلال، قال الله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) [فاطر: 42 – 43] .وقال سبحانه: (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس: 33].
أيها المسلمون
وهنك أسباب تعين المرء على الهداية ،فلا بد أن نأخذ بأسباب الهداية، ونحذر من أسباب الضلال ،فما هي أسباب الهداية؟، أول الأسباب والوسائل المعينة على الهداية :الدعاء: كما في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: 6] ،وقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم اهدني وسددني) [رواه مسلم]. ومن أسباب الهداية : الاستعاذة من الضد: كما في صحيح مسلم : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي أَنْتَ الْحَىُّ الَّذِى لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ ».
ومن أسباب الهداية : الإيمان: قال الله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) [التغابن: 11].فالإيمان أكبر سبب لهداية العبد ولا شك.
ومن الأسباب المعينة على الهداية : التوبة والإنابة، فالتوبة والانابة والرجوع إلى الله من كل ذنب وخطيئة وتقصير في حق الله ورسوله وحقوق الناي هذه من أسباب الهداية،
ومن أسباب الهداية: القرآن، قال الله تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: 9].، وقال الله تعالى : (قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15 – 16].، فالإكثار من: قراءة القرآن، والإقبال عليه، والتدبر فيه، ومدارسة القرآن، سبب هداية.
ومن أسباب الهداية : المجاهدة: قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
ومن أسباب الهداية : الصحبة الطيبة: قال الله تعالى: (حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) [الأنعام: 71].،وقال تعالى: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) [الكهف: 13] ،فاجتماع هؤلاء الصالحين على الإيمان، كان سبباً لزيادة الهدى.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أسباب الهداية: الاعتصام بالله: يقول عز وجل: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران: 101].،وقال الله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء: 175].
ومن أسباب الهداية: طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-: قال الله تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور: 54].وقال الله -سبحانه وتعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء: 68].
أما عن وسائل الهداية فهي كثيرة، فمن الناس من يهتدي بقراءة القرآن! ،ومنهم من يهتدي بحادث يقع له! ،ومنهم من يهتدي برؤيا يراها! ،ومنهم من يهتدي بخطبة يسمعها! ،أو موعظة تُقدم له! ،أو دعاء قنوت في صلاة التراويح! ، ومنهم من يهتدي بعد أداء عمرة! ،أو بعد حج! ،ومنهم من يهتدي لمصيبة وقعت من موت قريب، أو فقد حبيب، أو مرض ينزل به، أو حادث يحصل له! ، ومنهم من يهتدي برؤية نكبات المسلمين!.
أيها المسلمون
فمما لا شك فيه أن الهداية للصراط المستقيم والمنهج القويم أجلُّ مرغوب وأعظم مطلوب، ولهذا اشتملت سورة الفاتحة التي يقرأها المسلمون في ركعات صلواتهم المفروضة والنافلة على طلب الهداية للصراط المستقيم، وهو طريق المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،المجانب لطريق المغضوب عليهم والضالين، وقد انحصر الحق والهدى بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، فما وافق ذلك فهو حق وهدى وما خالفه فهو ضلال وعمى، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟! ،ومن الآيات الدالة على قصر الهدى على هدى الله دون سواه قول الله عز وجل: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة:120]. وقوله تعالى عن بعض أهل الكتاب والرد عليهم: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} [آل عمران:73] . وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:71].
وأما قوله تعالى في سورتي البقرة والأنعام: {إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}، وقوله في سورة آل عمران: {إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} حصر الهدى في هدى الله وحده وأن كل ما سوى ذلك ضلال وعمى وإن سماه أهله هدى، ولهذا قال في آية سورة البقرة: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة:120]
الدعاء