خطبة عن (من لم يؤمن بالقرآن والرسول محمد فهو كافر)
مايو 14, 2022خطبة عن (أَصْحابُ النّارِ وأَصْحابُ الجَنَّةِ) مختصرة
مايو 17, 2022الخطبة الأولى ( أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ لمسلم : (قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ: دَخَلْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ : أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوِ الْمُقْسِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ. وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَعَنِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ).
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي ، والذي اشتمَل على جملةٍ مِن الأوامرِ والنَّواهي، والحقوقِ والواجبات، فأمَر فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعةِ أمورٍ، وهي: عيادةُ المريض، وسواءٌ فيه مَن يعرِفُه ومَن لا يعرِفُه، والقريبُ والأجنبيُّ. واتِّباعُ الجنائزِ، سواءٌ كان يعرفُ الميِّتَ أو لا يعرِفُه. وتشميتُ العاطسِ، وهو قولُه للعاطسِ: يرحَمُك اللهُ. وإجابةُ الدَّاعي، وهو إجابةُ الدَّعوةِ إلى الطَّعامِ للوليمةِ وغيرِها. وإفشاءُ السَّلامِ، وهو إشاعتُه وإكثارُه، وأن يبذُلَه لكلِّ مسلمٍ. ونصرةُ المظلومِ، وهي مِن جملةِ الأمرِ بالمعروف والنَّهيِ عن المُنكَرِ. وإبرارُ القَسَم، وهي أنْ يوفِّيَ بقسَمِ أخيه إذا أقسَم عليه بشيءٍ. أمَّا الأمورُ المَنهيُّ عنها في الحديثِ، فهي: لُبْسُ خواتيمِ الذَّهبِ؛ فإنه حرامٌ على ذُكورِ الأمَّة. والشُّربُ في آنيةِ الفضَّةِ والذَّهبِ، وقد ورَد النَّهيُ عنها في أحاديثَ كثيرةٍ، وهي حرامٌ بالاتِّفاقِ. ولُبسُ الحريرِ والمَيَاثِرِ والقَسِّيِّ والدِّيباجِ والإستَبْرقِ، وكلُّها مِن أنواع الحريرِ، فلا تجوزُ للرِّجالِ إلَّا للحاجةِ، وتحِلُّ للنِّساءِ. فنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم حرص أول الدعوة بمكة أن يحارب العقائد الفاسدة ،وأن يغرس العقائد الصحيحة ،وأن يكتفى من التشريع بالأهم ،وتدرج في مدارج الكمال ومكارم الأخلاق بعد الهجرة ،فدعا إلى كل ما يؤكد أو يزيد الروابط الإنسانية قوة وتماسكاَ ،وعنى بالنهي عن كل ما يصدع أو يهز العلاقة المتينة بين أفراده ، ولم يضيع الرسول صلّ الله عليه وسلّم فرصة أو مناسبة إلا بلغ ما أوحى إليه بشأنها ،وبشان غيرها مما يماثلها . وهكذا تبدو التعاليم الإسلامية شديدة الحرص على ترابط الإنسانية استجابة لقول الله تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) {103} آل عمران.
أيها المسلمون
وفي قول راوي الحديث (أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ) أي بسبع خصال ،أو بسبع فضائل، والامر بسبع في مجلس لا ينافي الأمر بغيرها في مجلس آخر ، فالعدد هنا لا يفيد تحديد المأمورات ، وإذا أمر صلى الله عليه وسلم بأوامر ، أو نهى عن منهيات في مجلس واحد ، كان من الحكمة وجود جامع أو مناسبة بين المأمورات ، وجامع أو مناسبة بين المنهيات ، وبجمع المأمورات السبع ،والمنهيات السبع في حديثنا هذا ، فأنها عوامل تأليف القلوب ،وغرس المودة ، وإزالة عوامل البغضاء بين الناس . وقوله : (أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ) فقد سميت زيارة المريض عيادة لأن شأنها العود، والتكرار ، وعيادة المريض واجبة وجوباً كفائياً ، قال النووي في المجموع : سواء الرحم وغيره ، وسواء من يعرفه ومن لا يعرفه لعموم الاخبار . وفي صحيح مسلم : (عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ ».وفي بستان الجنة : أي يستحق بعمله هذا أن يقضي وقته في بساتين الجنة ) . ولعيادة المريض آداب منها : أن تكون غباً متقطعة ، فلا يواصلها كل يوم ،أو مرات في اليوم ،وذلك في غير القريب والصديق ونحوهما ممن يستأنس به المريض ،أو يشق عليه عدم رؤيته ،أو ممن يتعهده ، ومنها أن لا يطيل المقام عنده ، لما في ذلك من إحراجه ، والتضييق عليه ،وأن تختار الأوقات المناسبة للعيادة ،وأن يدعو له بالشفاء . وقوله : (وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ ) فإتباع الجنائز مشاركة من المسلمين لآل المتوفى ،وتطييب لخاطرهم ، ثم هي وفاء للمتوفى ، وشفاعة له ،والصلاة على الميت ،وتشييعه إلى قبره ، ودفنه ، ثلاثتها اتباع للجنازة ، والجمهور على أن نهى النساء عن اتباع الجنائز للتنزيه إذا أمنت الفتنة .أما اتباع الرجال لجنازة ففرض كفاية ،وكل ما كان فرض كفاية كان مستحباً للجميع ، وقال أنس ابن مالك حين سئل عن المشي في الجنازة فقال : أمامها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها إنما انتم مشيعون ؟ وقال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب” : [قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: يُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ حَتَّى تُدْفَنَ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ] ، وقوله : (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) : فالعطاس ينشأ غالباً من عدم التوسع في الأكل ،فتنفتح المسام وصمائم الأجهزة المخرجة للسموم والرطوبات من الدماغ ،وأنابيب التنفس ،فيخف البدن ،وينشط الفكر ،فهو محمود ،يستحق من صاحبه شكر الله تعالى عليه ،وتشميت العاطس الدعاء له بما أثر من قول ( يرحمك الله ) والأصل فيه كما قال بعض أهل اللغة الدعاء بالخير ، فمعناه أبعد الله الشماتة عنك ،وجنبك ما يشمت به عليك ،فالتشميت دعاء بعدم الشماتة . وقوله : (وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوِ الْمُقْسِمِ) : فبر القسم : صدقه وعدم الحنث فيه ، فالمراد تصديق الحالف في حلفه ،أو إجابة ما يحلف عليه ، وإبرار القسم فيما حل هو من مكارم الاخلاق . وقوله : (وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ ) فنصرة المظلوم فرض كفاية على من قدر عليها ،وتكون بالقول وبالجوارح وبأية وسيلة مقدور عليها ، وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِ. وقوله : (وَإِجَابَةِ الدَّاعِي ) قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: إجابة الداعي: المراد به الداعي إلى وليمة، ونحوها من الطعام واجبة باتفاق الفقهاء، والخلاف في غيرها من الدعوات الأخرى” ، و” إجَابَةُ الدَّاعِي ” فَهِيَ عَامَّةٌ وَالِاسْتِحْبَابُ شَامِلٌ لِلْعُمُومِ، مَا لَمْ يَقُمْ مَانِعٌ ، وقوله : (وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ) ، فإفْشَاءُ السَّلَامِ : إظْهَارُهُ وَالْإِعْلَانُ بِهِ ،وَقَدْ تَعَلَّقَتْ بِذَلِكَ مَصْلَحَةُ الْمَوَدَّةِ ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ، مِنْ قَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» ، ورد السلام فرض كفاية إذا تعدد المسلم عليهم فإذا انفرد كان واجباً عينياً ، وأقل ما يجزئ في الرد (وعليكم السلام ) وأكمله ( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ) . وقد جاء عن النبي ﷺ قوله في ذكر أشراط الساعة الصغرى: (إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف) رواه الطبراني . وهذا أمر غير جيد؛ فالإكثار من السلام على الناس لاسيما الضعفاء يؤثر فيهم غاية التأثير، كما أنه يؤثر في عامة الناس،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما قوله في الحديث : (وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ) ، (وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ) أي لبس خاتم الذهب للرجال، فخاتم الذهب يحرم على الرجال لبسه دون النساء ، وفي صحيح مسلم : ( عَنْ ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ إذَا لَبِسَهُ فَصَنَعَ النَّاسُ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ، وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ، فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ» ، وَفِي لَفْظٍ ” جَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى “.وفِي ذلك دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ لِبَاسِ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَأَنَّ لُبْسَهُ كَانَ أَوَّلًا، وَتَجَنُّبَهُ كَانَ مُتَأَخِّرًا. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّخَتُّمِ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى، وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا فِعْلٌ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ مِنْهُ: جَوَازُ اللُّبْسِ، بِخُصُوصِ كَوْنِهِ ذَهَبًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَسْخُ الْوَصْفِ، وَهُوَ التَّخَتُّمُ فِي الْيُمْنَى بِخَاتَمٍ غَيْرِ الذَّهَبِ. وقوله : (وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ ) أي عن استعمال آنية الفضة أو الأكل أو الشراب فيها . فآنية الفضة – و آنية الذهب من باب أولى – يحرم استعمالها في أكل أو شرب على الرجال والنساء ، لما في ذلك من السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء . وقوله : (وَعَنِ الْمَيَاثِرِ) : فالْمَيَاثِرُ : جَمْعُ مِيثَرَةٍ ،وهي شيء يتخذ من حرير ،ويحشى في داخله القطن مثلًا أو غير القطن، ويجعل على السرج على الفرس، يكون ألين وأنعم وأرق، فلا يجوز للرجل أن يجلس على الحرير، ولا أن يلبس الحرير، فالمياثر الحمر كانت من زي العجم، ونحن منهيون عن التشبه بالأعاجم. وقوله : (وَعَنِ الْقَسِّيِّ ) فقد اختلف العلماء في معناها: فبعضهم يقول: هي ثياب تنسج من الحرير والكتان -مختلط،. وبعضهم يقول: أصلها القَزِّيّ من القزّ وهو حرير رديء. فلبس الحرير عمومًا أو الجلوس عليه لا يجوز سواء جعله سجادة، أو جعله على السرج، أو جعله على السيارة مثلًا على مقعدها أو نحو ذلك. (وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ ) فالحرير معروف، والإستبرق هو الحرير الغليظ. قال “والديباج” وهو الحرير، من عطف الخاص على العام، وأما السندس فهو الحرير الناعم الرقيق. وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «نَهَى عَنْ لُبُوسِ الْحَرِيرِ إلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أُصْبُعَيْهِ: السَّبَّابَةَ، وَالْوُسْطَى» . وَلِمُسْلِمٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ» .
الدعاء