خطبة عن حرمة الخمر وعقوبتها ، وحديث ( مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا )
أكتوبر 10, 2020خطبة عن (عظمة أخلاق الرسول) مختصرة
أكتوبر 18, 2020الخطبة الأولى ( اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه بسند حسن صحيح : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صلى الله عليه وسلم- : « اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الأدب النبوي ، والذي يرغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في عبادة الله تعالى ، واطعام الطعام ، وافشاء السلام ، وبين لهم النتيجة المترتبة على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : (تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ)
أما قوله صلى الله عليه وسلم : (اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ ) ، فعبادة الله هي الغاية من خلق الانسان ، وهي غاية حياته وسر وجوده ، قال الله تعالى: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (الذريات:56].وفي الصحيحين : (عَنْ مُعَاذٍ – رضى الله عنه – قَالَ كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ ، فَقَالَ « يَا مُعَاذُ ، هَلْ تَدْرِى حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ » . قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ « فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا » ومفهوم العبادة في الإسلام واسع وكبير : فهي تشمل وتعم كل قول وفعل وسلوك، وتحرك يرضى الله عز وجل ، فمنها ما يتعلق بالأبدان : كالصلاة التي يتجه فيها العبد لربه، بالقيام والقراءة، والركوع والسجود، وكالصيام الذي يتقرب به الصائم إلى الله تعالى ؛ بترك المفطرات ،والإمساك عن المشتهيات ،وهو من الأعمال البدنية المحضة أيضا. ومنها ما يتعلق بالأموال : كالزكاة ،والصدقة، والنفقة في وجوه البر والخير ،ومنها ما يتعلق بالأبدان ، والأموال معا ؛كالحج والعمرة والجهاد في سبيل الله ، وأمر العبادة لا يتوقف عند هذه العبادات والشعائر فحسب ، وإنما يعد طاعة لله وعبادة : كل عمل يقوم به المسلم ؛ فينفع به نفسه، وينفع به الناس، ومن أهمها : إتباع منهج الله عز وجل في جميع مناحي الحياة، ومحافظة الإنسان على تعاليم دينه، واتباعه لهدي نبيه- صلى الله عليه وسلم- فهذا كله من أسس العبادة.وترتيب المسلم لحياته ، وتنظيمه لبيته، وتوجيهه لنفسه، وزوجه، وأولاده على منهاج الإسلام العظيم؛ عبادة لله رب العالمين. وخضوع الإنسان لنظام الإسلام في بيعه وشرائه، وأخذه وعطائه، وخصوماته ونزاعاته، وأفراحه وأحزانه، وحله وترحاله ، وفي كل أحواله هو: عبادة لله عز وجل. كذلك تفكر الإنسان بالنظر في ملكوت الله عز وجل ، في السماء وما فيها، والأرض وما عليها، والبحار وما في أعماقها؛ ليصل إلى التفكر في عجائب خلق الله ، وبديع صنعه فهذا أيضا من أجل العبادات.والصدع بالحق؛ لإعلاء كلمة الله- عز وجل- ورفع راية الإسلام خفاقة، والوقوف في وجوه الظالمين من أعظم العبادات ،ومن أنواع العبادة كذلك الطعام والشراب ،والنوم : فإذا أكل العبد المؤمن ،أو شرب الحلال الطيب ،وتجنب الحرام الخبيث؛ ليتقوى على طاعة الله ،ذاكرا لأنعم ربه عليه، معترفا بفضله كان طعامه وشرابه : عبادة ،وإذا مارس المسلم الرياضة البدنية، بأنواعها المختلفة النافعة ، أو واحدا منها بقصد تقوية جسده على عبادة الله وفعل الخير، ونفع نفسه والمسلمين فإن الرياضة تعد عبادة يحصل صاحبها على ثواب وأجر. بل الأعجب من ذلك لو قضى الإنسان وطره مع زوجه ،وأتى شهوته الحلال فإنه بذلك يعبد الله عز وجل ، فقد روى مسلم في صحيحه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ».
أيها المسلمون
أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : (وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ) ، فالفقر ،والعوز ،والجوع ،من اشد ما يمكن أن ينغص المؤمن في حياته , فيشعر بضيق صدره ،وإهمال المجتمع المؤمن له ، وقد يدعوه ذلك إلى الوقوع في الحسد والغل والبحث عن المال من طرق محرمة، وفي سنن ابن ماجه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ..) ، لذا فقد اهتم الإسلام بهؤلاء اهتماما كبيرا ،وشرع نظاما اقتصاديا ، قوامه الزكاة والصدقة والوقف ، وحث المسلمين على اطعام الطعام .فإطعام الطعام عبادة صالحة , وقيمة مهمة أمر بها الشارع العظيم , لعلمه بأثرها وفضلها , وظلالها الإيجابية على المجتمعات ، وقد جعلها الاسلام عبادة دالة بذاتها على مبادئه والخير فيه , ففي الصحيحين 🙁 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ » ، بل إنه جعل خير الناس من أدى هذه العبادة , ففضله وميزه ورفع مقامه وقدره , (فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ « خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَدَّ السَّلاَمَ ». رواه أحمد وصححه الألباني . وجعل الاسلام اطعام الطعام من أحب الأعمال إلى الله سبحانه , قال صلى الله عليه وسلم :«أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا» الطبراني وصححه الألباني .والله سبحانه وتعالى جعل من صفات الصالحين الذين وقاهم شر يوم الحشر أنهم يطعمون الطعام ويكثرون من ذلك على كل وجه وشكل , قال الله تعالى :(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا) (8):(11) الانسان ، كما جعله صلى الله عليه وسلم طريقا للجنة كما في الحديث المتقدم
أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (وَأَفْشُوا السَّلاَمَ )، فإفشاء السلام من حَقِيقَةِ الْإيمَان، وهو يورث المحبة بين المسلمين، روى مسلم :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ». وافشاء السلام كان أوَّل حديثٍ تكلَّم به رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قدومه المدينة عندما هاجر إليها، ففي سنن الترمذي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ : « أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ». والسلام من طيب الكلام؛ الذي هو سببٌ في دخول الجنة ، فقد روى الإمام أحمد وغيره : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرَفاً يُرَى بُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا وَظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا ». فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ هِيَ قَالَ : « لِمَنْ أَطَابَ الْكَلاَمَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَصَلَّى للَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم بشر الرسول صلى الله عليه وسلم من عبد الرحمن ، وأطعم الطعام ، وأفشى السلام بقوله : (تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ) ، فأهل العمل الصالح يوفون أجورهم كاملة يوم القيامة ، وينعمون بأمن لا يكدره خوف، وبفرح لا يخالطه حزن ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277] ، وقد وصف الله تعالى هذا الأجر ، والذي هو جزاء أعمالهم ، بأنه كبير ،وحسن ، ودائم؛ لتجتمع فيه كل صفات النعيم والكمال ،التي يطلبها الإنسان ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9] ،ولا ينقطع أجر عملهم أبدا ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [فصلت: 8] أي: غير مقطوع. ، ومن هنا كان قليل العمل الصالح خيرا من الدنيا وما عليها، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ” ،وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا” رواهما مسلم. ومن فضل الله تعالى على أهل الأعمال الصالحة أنه سبحانه يجعل صالح أعمالهم مكفرات لسيئاتهم، فينتفعون من جانبين: جانب تكفير السيئات، وجانب اكتساب الحسنات، وأهل العمل الصالح في رياض الجنة يرتعون، ومن غرفها يتبوؤون ، قال الله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [العنكبوت: 58] ،ومن جُوزوا على إيمانهم وعملهم الصالح بالجنة فإنهم لا يملون منها، ولا يطلبون التحول عنها، ولا يستبدلون غيرها بها ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف:107-108].
الدعاء