خطبة حول حديث (اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ)
أغسطس 24, 2019خطبة عن (قصة آدم عليه السلام)
أغسطس 31, 2019الخطبة الأولى ( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (9) :(11) العاديات
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وفي نفس الوقت ،فقد أنكر الله على من أعرض عن تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]، بل وأوجب الله تعالى على عباده تدبر القرآن كما قال الشوكاني- بدلالة قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وقول الله تعالى : {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. فمن تدبر القرآن الكريم حق التدبر ،حصَّل من المنافع والمصالح الدنيوية والأخروية، ما لا يعلمه إلا الله، ومن أعظمها ،ما ذكره العلامة السعدي رحمه الله بقوله : (من فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين، والعلم بأنه كلام الله، لأنه يراه يصدق بعضه بعضاً، ويوافق بعضه بعضاً)
واليوم إن شاء الله موعدنا مع آيات من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى :(أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (9):(11) العاديات ، وقد جاء في تفسيرها :{أَفَلَا يَعْلَمُ} أي: هلا يعلم هذا المغتر {إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} أي: أخرج الله الأموات من قبورهم، لحشرهم ونشورهم ، فهل يدري الانسان كيف يكون الأمرُ حين يُبعث ما في القبور، ويخرج الناس إلى ساحة الحساب ، ففي ذلك اليوم يحاسب الله تعالى عباده وهو الخبير بهم؛ وهو الذي يعلم دقائق أحوالهم، وما خَفي من أسرارهم، ويَجزيهم بها. وقد خصَّ يوم القيامة بذلك مع أنه خبير بهم في كل وقت؛ لأنه اليوم الذي سيَجزيهم فيه بناء على أعمالهم، فلا خلاص للعبد يومئذٍ إلا إذا عمل لهذا اليوم حسابًا، واستعد له بالتمسك بالقرآن والسنة، والسير على الصراط المستقيم. وأما قوله تعالى :{ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ } أي: ظهر وبان ما فيها ،وما استتر في الصدور من كمائن الخير والشر، فصار السر علانية، والباطن ظاهرًا، وبان على وجوه الخلق نتيجة أعمالهم ، وقد قال الإمام الطبري في تفسيره : ( وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ): أي: وميز وبين , فأبرز ما في صدور الناس من خير وشر، وقال ابن عباس وغيره : يعني أبرز وأظهر ما كانوا يسرون في نفوسهم. وفي الوسيط لطنطاوي : ( وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور ) أي : وجمع ما في القلوب من خير وشر ، وأظهر ما كانت تخفيه ، وأبرز ما كان مستورا فيها ، بحيث لا يبقى لها سبيل إلى الإِخفاء أو الكتمان . ويقول د/ سلمان العودة : وهذا قد يعني إظهار الصحف، التي تظهر وتتطاير يوم القيامة وفيها كل شيء ، وقد يعني أن يظهر الإنسان يوم القيامة على حقيقته، كما قال الله سبحانه وتعالى: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) [الطارق:9]. أما قوله تعالى : { إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ } أي مطلع على أعمالهم الظاهرة والباطنة، الخفية والجلية، ومجازيهم عليها، وقد خص خبره بذلك اليوم، مع أنه خبير بهم في كل وقت، وذلك لأن المراد بذلك، هو الجزاء بالأعمال الناشئ عن علم الله واطلاعه. فالله تعالى عالم بأسرار العباد وضمائرهم، وأعمالهم الظاهرة والباطنة، والخفية والجلية، وجميع ما كانوا يصنعون ويعملون، ومجازيهم عليه أوفر الجزاء، ولا يظلم ربك مثقال ذرة, فإذا علموا ذلك فلا ينبغي أن يشغلهم حب المال عن شكر ربهم وعبادته والعمل ليوم النشور، فإن قيل: أليس الله خبيرًا بهم في كل حال، فلم خص ذلك اليوم؟ ،فالجواب: أن المعنى أنه يجازيهم على أفعالهم يومئذ. ومثله قوله تعالى : ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ (النساء: 63) أي: يجازيهم على ذلك, وإلا فإن الله تعالى عليم خبير في ذلك اليوم وفيما قبله، فهو جل وعلا عالم بما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، ولكن في هذا تخويف للناس من يوم الوعيد، فإن أمره عظيم
أيها المسلمون
وسوف أتوقف معكم قليلا ، مع قوله تعالى : (وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور ) : فقد جاء في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لمحمد الشنقيطي ، فقال : المراد بما في الصدور أي : الأعمال ، ونص على الصدور هنا ، مع أن المراد القلوب ; لأنها هي مناط العمل ومعقد النية ، فالعقيدة ،وصحة الأعمال ،كلها مدارها على النية ،ففي الصحيحين ،قال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى ) ،وفي الصحيحين أيضا ، قال صلى الله عليه وسلم : (أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ » ،فقد خصص الله القلب بالذكر ; لأنه محل لأصول الأعمال ، ومما يدل على أن المراد بالصدور ما فيها هو القلب، قول الله تعالى :( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (46) الحج، وقال الفخر الرازي : نص على الصدور ليشمل الخير والشر ; ولأن القلب محل الإيمان ،فبصلاح القلب يكون صلاح الجسد، وفي ذلك اليوم، فالمدار ،والجزاء يوم القيامة ،كله على القلب، قال الله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (88) ، (89) الشعراء ،فأعمال الجوارح تابعة لأعمال القلب، فلولا البواعث والإرادات في القلوب ، لما حصلت أفعال الجوارح، ولذلك فالله تعالى جعلها الأصل في الذم، فقال الله تعالى :(وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) البقرة 283، والقلب هو الأصل في المدح، فقال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) الأنفال 2، وإذا قيل لم قال الله تعالى : (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) ، ولم يقل سبحانه : (وحصل ما في القلوب؟ ) ، فالجواب : لأن القلب مطية الروح ،وهو بالطبع محب لمعرفة الله وخدمته، ولذلك قال الله تعالى :(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) الزمر 22، فجعل الصدر موضعا للإسلام.
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى 🙁 أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) : فهل يعلم الانسان ما سيكون حينما تبعثر القبور، ويحصل ما في الصدور، فتخرج الدفائن من القبور، ومن النفوس في الصدور، وتخرج المخبآت في القبور من الأجساد، والمخبآت في الصدور من العقائد، والأعمال، وما تنطوي عليه النفس، وما قد يخفى على الناس، فيكون بادياً علانية ظاهراً لا يخفي، وإن حاول صاحبه أن يواريه على الناس مدة حياته. فكل ما أسر الإنسان في نفسه وخبأ من الإرادات، والمقاصد والنيات، أو العقائد والأفكار فإن ذلك يخرج جميعاً، والله -تبارك وتعالى- لا يخفى عليه منه، وكل ما في الصدور من إيمان وكفران، وما يتفرع عنهما، ولهذا يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: إنه ينبغي على الإنسان أن يقصد الخير، وينويه دائماً، فإن حصل له -فَعَله- فهو على بر وطاعة من جهة العمل، والامتثال، فإن لم يحصل له فإنه يُبلَّغ بهذه النية. وعلى هذا ،فلا يُكنّ الإنسان في نفسه إلا الخير، والإيمان، والتوكل، والخوف، والرجاء، والمحبة، وما إلى ذلك من الأعمال القلبية التي يرضاها الله ويحبها، وجنسها أفضل من جنس الأعمال البدنية.
أيها المسلمون
ومن أقوال عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه): (الصدور خزائن الأسرار، والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها) ، ولكن من المؤسف أن أكثر الناس انشغل بالظواهر ، واستهانوا بأمر البواطن والقلوب ، مع أن الله تعالى لا ينظر إلى الصور ،ولا إلى الأجساد، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ». والله تعالى قد علَّق النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب، فقال الله تعالى :(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (88)، (89) الشعراء
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والقلب السليم : هو القلب السالم من الشرك ،والغل ،والحقد ،والحسد وغيرها من الآفات والشبهات والشهوات المهلكة ، وفي الصحيحين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) ،وحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ « كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ ». قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ :« هُوَ التَّقِىُّ النَّقِيُّ لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْىَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ » رواه ابن ماجة. وسلامة الصدر سببٌ من أعظم أسباب قبول الأعمال الصالحة ، ففي صحيح مسلم : قال صلى الله عليه وسلم : « تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ». وسلامة الصدر طريق إلى الجنة: فأول زمرة تدخل الجنة، قال في وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري :(قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ) ، وقد أخبر الله تعالى عن حال أهل الجنة فقال الله تعالى :(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ) [لأعراف:43]. وقال الله تعالى : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر:47]. والله تبارك وتعالى قد مدح أصحاب القلوب السليمة ، والصدور الصافية ، فقال الله تعالى :(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (9)،(10) الحشر
إخوة الإسلام
فهيا نطهر قلوبنا من الحقد والغل والحسد حتى نسعد بصحبة الأبرار الصالحين، ونفوز بالقرب من رب العالمين، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبر عن عبادٍ ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء، على مجالسهم وقربهم من الله، فلما سئل عنهم أخبر أنهم أُناس لم تصل بينهم أرحام متقاربة، لكنهم تحابوا في الله، وتصافوا، ففي مسند أحمد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ ». فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ وَأَلْوَى بِيَدِهِ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ انْعَتْهُمْ لَنَا – يَعْنِى صِفْهُمْ لَنَا – فَسُرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِسُؤَالِ الأَعْرَابِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُوراً وَثِيَابَهُمْ نُوراً يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ».
الدعاء