خطبة عن (خلق التقوى )
فبراير 8, 2016خطبة عن (التوكل على الله وطلب الرزق )
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى ( ثمار التوكل على الله )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
جاء في الحديث الشريف الذي رواه الامام الترمذي في سننه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« مَنْ قَالَ – يَعْنِى إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ – بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. يُقَالُ لَهُ كُفِيتَ وَوُقِيتَ. وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ »..
إخوة ال‘سلام
فالتوكل على الله رب العالمين من أعظم ثمار الإيمان وأهم أسباب العزة والطمأنينة لدى الأنام، وقد ورد التوكل في القرآن الكريم في سبعة وستين موضعاً، لبيان أهميته فعلى المسلم أن يستغني بالله تعالى عن المخلوقين ويعف نفسه عن الذل لغير الله..ففي البخاري (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم – فَأَعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ « مَا يَكُونُ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ، وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ ».. ومعنى الاستغناء أن لا يرجو بقلبه أحدا إلا الله.ومعنى الاستعفاف أن لا يسأل بلسانه أحدا. ولهذا لما سئل الإمام أحمد بن حنبل عن التوكل قال: قطع الاستشراف إلى الخلق أي لا يكون في قلبك أن أحدًا يأتيك بشيء, فقيل له: فما الحجة في ذلك؟ فقال: قول الخليل لما قال له جبريل: هل لك من حاجة؟ فقال أما إليك فلا, وأما إلى الله فنعم.
أيها الموحدون
ومن ثمار التوكل على الله أنه موجب لدخول الجنات كما قال سبحانه: (وَالَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُبَوّئَنَّهُمْ مّنَ الْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) العنكبوت ( 58 ،59)، والمتوكلون حقاً يدخلون جنة ربهم بغير حساب, كما وصفهم نبيهم بذلك في البخاري: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » . والتوكل مانعٌ من عذاب الله كما قال سبحانه: (قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِىَ اللَّهُ وَمَن مَّعِىَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ قُلْ هُوَ الرَّحْمَانُ ءامَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ) الملك ( 28، 29) ،والتوكل صفة لأهل الإيمان يتميزون به عمن سواهم ، قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الانفال (2) ، والشيطان لا سلطان له على عباد الله المتوكلين, قال عز وجل: ( ِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) النحل (99). وقال جل وعلا في جزاء المتوكلين: ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق (3) ،وقال سبحانه :(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) آل عمران (159) . ففي التوكل راحة البال, واستقرارٌ في الحال ودفع كيد الأشرار ..فهذا سيدنا يونس التقمة حوت في لجج البحر وظلمائه فلجأ إلى مولاه وألقى حاجته إليه قائلا : (لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الانبياء (87) ، فكانت النتيجة أن نبذ بالعراء وهو سقيم ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( التوكل على الله )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأم موسى ألقت ولدها موسى في اليم ثقة بالله امتثالاً لأمره, فإذا هو رسول من أولي العزم المقربين ،ويعقوب قيل له إن ابنك أكله الذئب ففوض أمره إلى الله وناجاه, فرده عليه مع أخيه بعد طول حزنٍ وفراق ،وهذه مريم عليها السلام تتهم في عرضها, فأشارة إليه فقالوا لها: ( كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً ) فعندها أنطقه الله فقال: ( إِنّى عَبْدُ اللَّهِ ءاتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً ) مريم (30)، ونبينا محمدٌ يتوارى مع صاحبه في الغارٍ فبلغ الروع صاحبه, قَالَ أبو بكر (نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِى الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا » متفق عليه ،فإذا تكالبت عليك الأيام وأحاطت بك دوائر الابتلاء فلا ترجُ إلا الله، وارفع أكف الضراعة, وألقِ كنفك بين يدي الخلاق, وعلق رجاءك به, وفوض الأمر للرحيم، واقطع العلائق عن الخلائق، ونادِ العظيم, وتحرّ أوقات الإجابة كالسجود وآخر الليل.. وإذا قوي التوكل والرجاء وجُمع القلب في الدعاء لم يرد النداء ، قال الله تعالى :( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء ) النمل (62) ،ومن الاخطاء الشائعة بيننا اننا نسمع البعض يقول في كلامه ( توكلت عليك) أو (توكلت على الله وعليك) ،وكل هذا خطأ جسيم وذنب عظيم لانك جعلت فلانا لله ندا ولان التوكل لا يكون الا على الله سبحانه وتعالى وإن كنت لابد قائلا فقل( توكلت على الله ثم عليك )
الدعاء