خطبة ( من مجالات خلق الوفاء وفوائده)
يناير 13, 2016خطبة عن (خلق الوفاء )
يناير 13, 2016الخطبة الأولى ( نماذج وصور من خلق الوفاء )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (34): (35) الاسراء
إخوة الإسلام
يبين لنا الحق تبارك وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن من طبيعة البشر نقض العهود ، وعدم الوفاء للمنعم والمعبود ففي صحيح البخاري ومسلم ( أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « إِنَّ ثَلاَثَةً فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا ، فَأَتَى الأَبْرَصَ . فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ . قَالَ فَمَسَحَهُ ، فَذَهَبَ عَنْهُ ، فَأُعْطِىَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا . فَقَالَ أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الإِبِلُ – أَوْ قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ ، إِنَّ الأَبْرَصَ وَالأَقْرَعَ ، قَالَ أَحَدُهُمَا الإِبِلُ ، وَقَالَ الآخَرُ الْبَقَرُ – فَأُعْطِىَ نَاقَةً عُشَرَاءَ . فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا . وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهَبُ عَنِّى هَذَا ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ . قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ ، وَأُعْطِىَ شَعَرًا حَسَنًا . قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ . قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا . وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَىَّ بَصَرِى ، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ . قَالَ فَمَسَحَهُ ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ . قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ . فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا ، فَأُنْتِجَ هَذَانِ ، وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ . ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ ، تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي ، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي . فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ . فَقَالَ لَهُ كَأَنِّى أَعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ . فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ ، وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا ، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ . وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي ، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي . فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِى ، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي ، فَخُذْ مَا شِئْتَ ، فَوَ اللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ . فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ ، فَقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ »
أيها المسلمون
ومن صور ونماذج الوفاء : وفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بذل كل وسع ، وتحمل كل عناء ، من أجل أن يبلغ للعالمين رسالته. فما من خير إلا ودل الأمة عليه ، وما من شر إلا وحذر الأمة منه ، بين لنا الطريق، وأنار لنا السبيل، وتركنا على المحجة البيضاء الناصعة الواضحة لا يزيغ عنها إلا هالك. فأين الوفاء منا لرسول الله؟ أين نحن من سنتة، وهديه وشريعته؟… فالوفاء مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكون باتباع سنته والتخلق بأخلاقه والاقتداء به والدفاع عن دينه وعقيدته. ولقد ضرب الصحابة الكرام أروع الأمثلة في حسن الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكر لكم منها وفاء الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فقد حدث عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً فَقَالَ « أَلاَ تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ » وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ فَقُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ « أَلاَ تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ ». فَقُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ « أَلاَ تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ ».قَالَ فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلاَمَ نُبَايِعُكَ قَالَ « عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَتُطِيعُوا – وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً – وَلاَ تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاه ) [رواه مسلم]. أما وفاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي صحيح البخاري (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهم – قَالَ ، قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ ، قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا » . فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا . فَأَتَيْتُهُ ، فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا ، فَحَثَى لِي حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ ، وَقَالَ خُذْ مِثْلَيْهَا ) ، هكذا وفَى أبو بكر – رضي الله عنه – بوعد النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بعد وفاته، وكذلك فعل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مع سراقة بن مالك – رضي الله عنه -، ففي حادثة الهجرة اتبع سراقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:”عد يا سراقة ولك سوارا كسرى” وقبض النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة عمر بعد فتح المدائن جاء سوارا كسرى لعمر فنادى سراقة وألبسه إياهما وقال: هذا ما وعدك به رسول الله. إنه الوفاء لما وعد به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( خلق الوفاء )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن وفاء الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاء حكيم بن حزام فقد روى البخاري في صحيحه : (أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ – رضى الله عنه – قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَأَعْطَانِي ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَالَ لِي « يَا حَكِيمُ ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى » . قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ . فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى تُوُفِّىَ رَحِمَهُ اللَّهُ)
ومن الوفاء ، الوفاء مع الوالدين: فللوالدين فضل عظيم، وحق كبير على أبنائهم، ..فمن حقهم على الأبناء حسن الوفاء؛ بالطاعة والتواضع والإحسان. قال تعالى ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورً ﴾ [الإسراء: 23 – 25]. ومن صور الوفاء وفاء المرء مع العلماء: باحترامهم وتوقيرهم، والتواضع لهم، والدعاء لهم، والاقتداء بهم، والتعلم على أيديهم
ومن أجمل الأمثلة للوفاء مع العلماء وفاء أبي حنيفة لشيوخه، فلقد كان يدعو لشيخه حمّاد بن أبي سليمان مع أبويه في كل صلاة يصليها، وكان يحفظ له وُدّه، ويذكره دائما ويترحّم عليه، وكان الإمام أحمد يكثر من الدعاء للشافعي، فسأله ابنه عبد الله قائلا: يا أبتِ أيّ شيء كان الشافعي؟ فإني سمعتك تكثر من الدعاء له. فقال لي: يا بني، كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للناس، فَهَلْ لِهَذَيْنِ مِنْ خَلَفٍ، أَوْ مِنْهُمَا عِوَضٌ؟.
ومن الوفان ، الوفاء بين الأزواج: (بين الزوج وزوجته): فالوفاء بين الزوجين، يجعل الأسر مستقرة، والبيوت مطمئنة، فيكون رابط الوفاء بينهما في حال الشدة والرخاء، وفي العسر واليسر فوفاء الزوج لزوجته يكون باحترامها وتقديرها، والوفاء بما اشترطه على نفسه لها: فقد روى البخاري (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ » ، وانظروا إلى وفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بزوجته خديجة بعد وفاتها ، فعند البخاري (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا رَأَيْتُهَا ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ . فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ )، أما وفاء الزوجة لزوجها فيكون بطاعته واحترامه وتقديره، والوقوف إلى جانبه في عسره ويسره، وعدم نكران فضله وجحود عطائه ، وتقف إلى جوار زوجها في كل ضيق ومصيبة، تؤنسه وتواسيه، وتثبته، وتخفي عيوبه وتستر ذنوبه، قال تعالى﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]، ولا تكن الزوجة ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: « أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ ». قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: « يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ». ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله تعالى
الدعاء