خطبة عن ( النجاة في عصر الفتن )
يوليو 11, 2016خطبة عن ( من فضائل ذكر الله )
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( فوائد ذكر الله والتحذير من الغفلة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن ابن ماجه : ( عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ».
إخوة الإسلام
ونستكمل حديثنا عن ذكر الله فللذكر فضائل متعددة وفوائد كثيرة ،ومنها ، أن ذكر الله تعالى يعين العبد المؤمن على أعمال الدنيا ،ويهون عليه مشقة العمل ،ويعطى قوة في القلب والبدن ،والشاهد على ذلك ما رواه البخاري: (حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ – عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ – أَتَتِ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِى يَدِهَا مِنَ الرَّحَى ، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ فَلَمْ تُصَادِفْهُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ – قَالَ – فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ « عَلَى مَكَانِكُمَا » . فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِى وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِى فَقَالَ « أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا – أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا – فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ » ، ومن فضائل ذكر الله أن الذاكر لله يظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله يوم تدنو الشمس من الرؤوس ويشتد الحر ويلجم الناس العرق كما في البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » ، وفي ذكر الله وقاية من سحر الساحرين وحسد الحاسدين ومس الشياطين وكيد الكائدين ومكر الماكرين قال سبحانه (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) سورة الفلق ، وفي ذكر الله نجاة من الأهوال والمصائب والحوادث والكروب ، فإذا شعر الإنسان بالخطر دعا الله منيبا إليه ، لأنه يعلم أن في الذكر نجاته ، يقول سبحانه : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) يونس 22 ، ومن فوائد الذكر : أنه ينوب عن كثير من الطاعات والشاهد على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلاَ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا ، وَيَعْتَمِرُونَ ، وَيُجَاهِدُونَ ، وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ « أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ ، إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ » . فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ ، وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ . فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ « تَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ » وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالُوا لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ « أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ».
أيها الموحدون
وفي ذكر الله تعالى أمان من النفاق فمن ذكر الله كثير أبعد نفسه من دائرة النفاق ، فقد ذكر الله تعالى في شأن المنافقين أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا فقال وقوله الحق :(وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) النساء 142 ، ومن فوائد الذكر أن ينهى عن الفحشاء والمنكر ، ويدعو إلى التوبة والرجوع إلى الله يقول سبحانه : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) العنكبوت 45 ، وفي مسند الامام أحمد 🙁عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَقَالَ َىُّ الْجِهَادِ أَعْظَمُ أَجْراً قَالَ « أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْراً ». قَالَ فَأَىُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ أَجْراً قَالَ « أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْراً ». ثُمَّ ذَكَرَ لَنَا الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ كُلُّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذِكْراً ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ يَا أَبَا حَفْصٍ ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَجَلْ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فوائد ذكر الله والتحذير من الغفلة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وبعد أن تناولت معكم ذكر الله وفوائده فإني أحذر نفسي وأحذركم من الغفلة والانشغال عن ذكر الله ، يقول سبحانه وتعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ) الاعراف 205 ـ ويقول سبحانه : (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) الحشر 19 ويقول سبحانه : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) الزخرف 36 ، ويقول سبحانه ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه 124 ، واحذروا من الأذكار التي تخالف الشرع ، فإن الذكر عبادة ،والعبادات كلها توقيفية ، فلا يحق لمسلم أن يبتدع ذكرا ،ولكن عليه أن يكون متبعا لأذكار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نراه في بعض الموالد مما يسمونه ذكرا فهو ليس بذكر ، وكذلك ما يسمونه ذكرا مصحوبا بالموسيقى فهو ليس بذكر ، وما يسميه البعض مديحا فهو ليس بذكر ، فنحن نذكر الله بالأسلوب وبالطريقة التي ذكر بها رسول الله ربه ، لا نزيد ولا ننقص ،ولا نغير ولا نبدل، ولا نتمايل ولا نتراقص، ولا يختلط الرجال بالنساء تحت ضربات الدفوف والموسيقى ،ولا برفع الاعلام والمرور في الشوارع، كل ذلك مخالف لشرع الله وهدي رسوله ،ومن فعل ذلك فهو مبتدع مأزور غير مأجور ،لاه غير ذاكر .
الدعاء