خطبة عن ( الإسلام هو الدين الحق )
أكتوبر 8, 2016خطبة عن ( النفس البشرية وأنواعها )
أكتوبر 8, 2016الخطبة الأولى (شرح حديث ( الْحَمْوُ الْمَوْتُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ » . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ . قَالَ « الْحَمْوُ الْمَوْتُ » .
أيها المسلمون
في قَوْله صلى الله عليه وسلم : (الْحَمْو الْمَوْت) أقوال وآراء للعلماء ، نورد لكم بعضها لتعم الفائدة ، ويتضح المعنى :
قال القرطبي : الْمُرَاد أَنَّ الْخَلْوَة بِالْحَمْوِ قَدْ تُؤَدِّي إِلَى هَلَاك الدِّين إِنْ وَقَعَتْ الْمَعْصِيَة, أَوْ إِلَى الْمَوْت إِنْ وَقَعَتْ الْمَعْصِيَة وَوَجَبَ الرَّجْم, أَوْ إِلَى هَلَاك الْمَرْأَة بِفِرَاقِ زَوْجهَا إِذَا حَمَلَتْهُ الْغَيْرَة عَلَى تَطْلِيقهَا, وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّ خَلْوَة الرَّجُل بِامْرَأَةِ أَخِيهِ أَوْ اِبْن أَخِيهِ تَنْزِل مَنْزِلَة الْمَوْت, وَالْعَرَب تَصِف الشَّيْء الْمَكْرُوه بِالْمَوْتِ, وقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ, هِيَ كَلِمَة تَقُولهَا الْعَرَب مَثَلًا كَمَا تَقُول الْأَسَد الْمَوْت أَيْ لِقَاؤُهُ فِيهِ الْمَوْت, وَالْمَعْنَى اِحْذَرُوهُ كَمَا تَحْذَرُونَ الْمَوْت. وَقَالَ صَاحِب “مَجْمَع الْغَرَائِب”: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ الْمَرْأَة إِذَا خَلَتْ فَهِيَ مَحَلّ الْآفَة وَلَا يُؤْمَن عَلَيْهَا أَحَد فَلْيَكُنْ حَمْوهَا الْمَوْت, أَيْ لَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَخْلُو بِهَا إِلَّا الْمَوْت كَمَا قِيلَ نِعْمَ الصِّهْر الْقَبْر, وَهَذَا لَائِق بِكَمَالِ الْغَيْرَة وَالْحَمِيَّة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: مَعْنَى قَوْله الْحَمْو الْمَوْت أَيْ فَلْيَمُتْ وَلَا يَفْعَل هَذَا. وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ فَقَالَ: هَذَا كَلَام فَاسِد وَإِنَّمَا الْمُرَاد أَنَّ الْخَلْوَة بِقَرِيبِ الزَّوْج أَكْثَر مِنْ الْخَلْوَة بِغَيْرِهِ وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره وَالْفِتْنَة بِهِ أَمْكَن لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة بِهَا مِنْ غَيْر نَكِير عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ. وَقَالَ عِيَاض: مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَلْوَة بِالْأَحْمَاءِ مُؤَدِّيَة إِلَى الْفِتْنَة وَالْهَلَاك فِي الدِّين فَجَعَلَهُ كَهَلَاكِ الْمَوْت وَأَوْرَدَ الْكَلَام مَوْرِد التَّغْلِيظ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي “الْمُفْهِم”: الْمَعْنَى أَنَّ دُخُول قَرِيب الزَّوْج عَلَى اِمْرَأَة الزَّوْج يُشْبِه الْمَوْت فِي الِاسْتِقْبَاح وَالْمَفْسَدَة, أَيْ فَهُوَ مُحَرَّم مَعْلُوم التَّحْرِيم, وَإِنَّمَا بَالَغَ فِي الزَّجْر عَنْهُ وَشَبَّهَهُ بِالْمَوْتِ لِتَسَامُحِ النَّاس بِهِ مِنْ جِهَة الزَّوْج وَالزَّوْجَة لِإِلْفِهِمْ بِذَلِكَ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَرْأَة فَخَرَّجَ هَذَا مَخْرَج قَوْل الْعَرَب: الْأَسَد الْمَوْت, وَالْحَرْب الْمَوْت, أَيْ لِقَاؤُهُ يُفْضِي إِلَى الْمَوْت, وَكَذَلِكَ دُخُوله عَلَى الْمَرْأَة قَدْ يُفْضِي إِلَى مَوْت الدِّين أَوْ إِلَى مَوْتهَا بِطَلَاقِهَا عِنْد غَيْرَة الزَّوْج أَوْ إِلَى الرَّجْم إِنْ وَقَعَتْ الْفَاحِشَة. وَقَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: الْمَعْنَى أَنَّ خَلْوَة الْمَحْرَم بِهَا أَشَدّ مِنْ خَلْوَة غَيْره مِنْ الْأَجَانِب, لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَسَّنَ لَهَا أَشْيَاء وَحَمَلَهَا عَلَى أُمُور تَثْقُل عَلَى الزَّوْج مِنْ اِلْتِمَاس مَا لَيْسَ فِي وُسْعه, فَتَسُوء الْعِشْرَة بَيْن الزَّوْجَيْنِ بِذَلِكَ, وَلِأَنَّ الزَّوْج قَدْ لَا يُؤْثِر أَنْ يَطَّلِع وَالِد زَوْجَته أَوْ أَخُوهَا عَلَى بَاطِن حَاله وَلَا عَلَى مَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ ) ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْحَمْو الْمَوْت أَيْ لَا بُدّ مِنْهُ وَلَا يُمْكِن حَجْبه عَنْهَا, كَمَا أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ الْمَوْت, وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْأَخِير الشَّيْخ تَقِي الدِّين فِي شَرْح الْعُمْدَة.
إخوة الإسلام
ونأتي إلى المعنى الإجمالي للحديث ، ففي هذا الحديث الشريف يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة بالمرأة الأجنبية والدخول عليها، وهنا يسأل أحد الصحابة “أفرأيت الحمو؟” والحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج كابن العم ونحوه. ” فهذا الصحابي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أقارب الزوج الذين يدخلون على المرأة في طمأنينة ويسر، ما الحكم فيهم؟ فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم بإجابة قاطعة قائلاً: “الحمو الموت” والمعنى أنه أولى بالمنع عن غيره لأن الفتنه منه أكثر ، لتمكنه من الوصول إلى المرأة من غير نكير عليه . وعادة الناس التساهل فيه. وهكذا يأتي هذا الحديث في إطار النهج الإسلامي الذي يأخذ بالعلاج الوقائي للمرأة والرجل، فلعل الخلوة تزين لهما المعصية، فإن الشيطان لن يتركهما في هذه الحالة بل يوسوس لهما ويزين لهما المعصية … وقد روى الإمام أحمد ” عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ». صحيح أخرجه أحمد وصححه الحكم ووافقه الذهبي. فصدقت سيدي يا رسول الله ، فما انتشر الفساد إلا من الاختلاط الزائد وتعدى الحدود التي وضعها لنا ديننا الحنيف ،وفي مسند الإمام أحمد يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا ))، ومع تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الخلوة التي بسببها نسمع كل يومٍ حادثة قبيحة وفعلة شنيعة، ومع ذلك ما زلنا نرى ونسمع ألواناً من الخلوة والاختلاط، بل صار الناس لا يرون بها بأساً، ولا يرفعون بها رأساً، وصارت أمراً طبيعياً مألوفاً، بل لوناً من ألوان التقدم والرقي، فصارت الخلوة عادية في مجال الاستطباب، حتى صار كثيرٌ من الأطباء يبيح لنفسه الخلوة بالمرأة الأجنبية، ويرى فضلاً عن وجهها شيئاً من جسمها، بل يرى فخذيها وعورتها المغلظة، مستبيحاً ذلك بحجة أنه طبيب، ناسياً بل متناسياً أنه رجلٌ أجنبي لا يجوز له أن ينظر إلى ما حرم الله؛ إلا في مجالٍ ضيقٍ شديد، ألا وهو مجال الضرورة العظمى التي تتطلب التدخل لإنقاذ حياة المرأة في حالة عدم وجود المرأة الطبيبة. إن ذلك لا حرج فيه لكن بضوابط، مع وجود المحرم قدر الاستطاعة، فإن لم يوجد المحرم، فليوجد رجلٌ أو امرأة ثالثة، أو رابعة، حتى تنتهي الخلوة التي تحدث بين الطبيب والمريضة. ونحن عندما نقول هذا الكلام، قد يستنكره بعض الذين في قلوبهم مرض، فيمدون شفاههم في وجوه الدعاة، زاعمين أن هذا تشددٌ وتخلفٌ رجعي، بل سوء ظنٍ من الدعاة بالمدعوين، ناسين أو متناسين أنه ما ديست كرامة المرأة إلا بعد أن وجدت هذه الأفكار، وما من بلية ولا رزية إلا وكان للخلوة والاختلاط فيها نصيب الأسد ،أما علاقة الرجل بزوجة أخيه فلا شك أنَّ فيها من الخطورة الشيء الكبير، لا سيما إذا كانوا يعيشون في بيت واحد أو متقارب لما يحصل بينهما من الألفة وزوال الكلفة التي تؤدي بعد ذلك إلى الاختلاط المحرَّم، ثم ربما يقع ما لا تحمد عقباه من المخالفات الشرعية، لذلك فإنَّ من الواجب هو اتباع الإرشادات الشرعية الواضحة والصريحة في بناء هذه العلاقة، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الحمو وهو أخو الزوج أو قريبه، لأنَّ دخوله على زوجته أخيه واختلاطه بها غير مستغرب، والمؤمن الحق وقَّافٌ عند حدود الله ، المؤمن الحق لا يجتهد فيما فيه نصٌ قطعي
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (شرح حديث ( الْحَمْوُ الْمَوْتُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولا ريب أن قريبات الزوجة أيضًا فتنة للزوج؛ فيجب الابتعاد عن التساهل في الخلوة بهن، أو نظر ما يُحرّم نظره؛ لأن النساء أعظم فتنة على الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم: « مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ »(مُتفقٌ عليه، واللفظ للبخاري). والعلماء قالوا : كما أنه لا ينبغي أن تدخلوا على النساء ، لا ينبغي أن تسمحوا للنساء بالدخول عليكم في البيوت ، النساء الأجنبيات ، ومن باب أولى إذا كان الدخول محرَّماً ، فمنع الخلوة بالمرأة الأجنبية من باب أولى ، وهذا حكم فقهيٌ ثابت ، قاعدة أصولية ثابتة ، إذا كان الدخول على النساء محرَّماً ، فمن باب أولى الخلوة بهن . فينبغ للمرأة أن تحافظ على حيائها ، وعفتها ، وتغض بصرها عما حرَّم الله عليها . قال الله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 . ويجب على المرأة أن تحافظ على حجابها الكامل أمام الرجال الأجانب ، ولتعلم أن إخوة زوجها منهم ، بل يجب أن تحتاط في لباسها وزينتها وكلامها أمامهم أكثر من غيرهم ، وفي الآية السابقة من سورة النور بيان من يجوز لهم إظهار زينتها أمامهم ،ويجب على المرأة أن تلتزم أحكام الشرع في كلامها مع الأجانب ، وفي مشيتها ، فلا يكون في كلامها ولا أفعالها ميوعة وتكسر ، قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/ من الآية 32 . ويجب على المرأة أن تتجنب وضع الطيب الذي يجد ريحه الأجانب .فعَنْ أَبي مُوسى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) .رواه الترمذي وحسَّنه الألباني
الدعاء