خطبة عن ( دروس وعبر من صلح الحديبية)
أكتوبر 15, 2016خطبة عن حديث: (مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا)
أكتوبر 15, 2016الخطبة الأولى ( شرح حديث (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ . فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ . فَقَالَ وَمَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَمَنْ هُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَتْ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ . قَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ ، أَمَا قَرَأْتِ ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) . قَالَتْ بَلَى . قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ . قَالَتْ فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ . قَالَ فَاذْهَبِي فَانْظُرِي . فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا ، فَقَالَ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنَا) . وفي البخاري أن (أَسْمَاءَ قَالَتْ سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ ، فَامَّرَقَ شَعَرُهَا ، وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا أَفَأَصِلُ فِيهِ فَقَالَ « لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ »
إخوة الإسلام
هذه الأحاديث اشتملت على مجموعة من الأفعال التي حرمها الإسلام ، وهي : ( الوشم ، والنمص ، والتفلج ، والوصل ، وتغيير خلق الله ) ،أما الوشم: فهو عبارة عن تلوين بعض الأماكن من جلد المرأة بغرزها بالإبر وحشوها بالكحل وغيره ، وتنقش به نقشًا، وهو نوع من التجميل الذي تحبه بعض النساء في كثير من الأرياف العربية وغيرها.
وقد يكون الوشم في ظهر الكف، أو المعصم، أو الشفة، أو غير ذلك من البدن كعضلة الساعد ، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش، وقد يكون قليلاً، وقد يكون كثيراً، وهذا الذي يعرفونه اليوم (بالتاتو) الذي له عيادات، ومحلات، وآلات، وكل ذلك ملعون من فعله ومن قام به ومن طلبه، ومن الوشم أيضا من ينقش على صدره امرأة عارية، أو صليباً، أو من معبودات الكفار، أو عبارة شركية، أو اسم محبوبته، أو شعار فرقة فجور، أو نادي سوء.. ونحو ذلك من الأشياء، ثم يتورط عند التوبة كيف يزيله، قال العلماء: وتجب إزالته إن أمكنت، إلا إن خاف منه تلفاً أو شيئاً أو فوات منفعة عضو فيجوز تركه وتكفي التوبة في سقوط الإثم، ويستوي في هذا الرجل والمرأة، فلو أمكن الإزالة وجبت الإزالة، فهو منكر ولا بد من تغييره. وأما النمص: فهو عبارة عن ترقيق الحواجب بإزالة شعرها، لتغيير أشكالها برسوم مختلفة لتتناسب مع وضع عيونهن في زعمهن. فالنامصة هي التي تزيل الشعر من الحاجب، والمتنمصة التي تطلب منها فعل ذلك، فهذا حرام من كبائر الذنوب، سواء كان نتف الحاجب، أو قص الحاجب، أو حلق الحاجب، أو بأي وسيلة حديثة، بالليزر، أو بغيره، فهو نمص، ومنهن من فقدت عقلها فهي تزيل شعر الحاجب بالكلية وترسم مكانه رسماً، وتجعل مكانه وشماً، فهذا حرام، لما فيه من تغيير خلق الله، ومتابعة الشيطان في تغريره بالإنسان، وأمره بتغيير خلق الله.
أما إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب لها ذلك ، وأما التفليج : فهو تفريج ما بين الأسنان المتلاصقة، وغالبًا ما يختفي التفلج بالثنايا والرباعيات، وتستحسنه كثير من النساء، فتطلبه من كانت أسنانها مصمتة خلقة فتصبح فلجاء صنعة، وقد تفعله كبيرة السن لتبدو في أعين الناس صغيرة؛ لأن الفلجة غالبًا ما تذهب مع الكبر.
وقال النووي رحمه لله : ” وَالْمُرَاد مُفَلِّجَات الْأَسْنَان بِأَنْ تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا الثَّنَايَا وَالرُّبَاعِيَّات … وَتَفْعَل ذَلِكَ الْعَجُوز وَمَنْ قَارَبْتهَا فِي السِّنّ إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الْأَسْنَان , لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْجَة اللَّطِيفَة بَيْن الْأَسْنَان تَكُون لِلْبَنَاتِ الصِّغَار , فَإِذَا عَجَزَتْ الْمَرْأَة كَبُرَتْ سِنّهَا فَتَبْرُدهَا بِالْمِبْرَدِ لِتَصِيرَ لَطِيفَة حَسَنَة الْمَنْظَر , وَتُوهِم كَوْنهَا صَغِيرَة ، وَأَمَّا قَوْله صلى الله عليه وسلم : ( الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ ) فَمَعْنَاهُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن , أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاجٍ أَوْ عَيْب فِي السِّنّ وَنَحْوه فَلا بَأْس ،وأما عمليات تقويم الأسنان فغاية ما فيها إعادة الأسنان إلى وضعها الطبيعي، وإزالة ضرر يمنع من نطق بعض الحروف، أو استواء نطقها، أو تسبب بوضعها الحالي تحشي الأوساخ وبقايا الطعام في الأسنان، وتسبب أذى نفسياً للبعض من هجوم الفك إلى الإمام ونحوه، فتعديل هذه الأسنان المتراكبة، وإزالة الضرر والعيب ليس حراماً، وإنما هو تقويم وتعديل، وإزالة عيب وضرر. وأما الوصل : فهو عبارة عن وصل شعر المرأة بشعر آخر أو بصوف أو غيره ليظهر أنه كبير على غير حقيقته. والواصلة: هي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر، والمستوصلة: هي التي تطلب من يفعل بها ذلك، ويقال لها موصولة”، وهذه الأحاديث المتقدمة صريحة في تحريم الوصل ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقًا، وهذا هو الظاهر المختار، وقد فصله بعض العلماء، فقالوا: إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف؛ سواءً أكان شعر رجل أو امرأة، وسواءً شعر الزوج والمحرم وغيرهما بلا خلاف لعموم الأحاديث؛ وإن وصلته بشعر غير آدمي فإن كان شعرًا نجسًا وهو شعر الميتة وشعر ما لا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضًا للحديث، ولأنه حمل نجاسة في صلاته وغيرها عمدًا، وسواءً في هذين النوعين المتزوجة وغيرها من النساء والرجال، وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضًا، وإن كان لها زوج أو سيد فثلاثة أوجه: أحدها: لا يجوز؛ لظاهر الأحاديث، والثاني: لا يحرم، وأصحها عندهم إن فعلته بإذن الزوج أو السيد جاز، وإلا فهو حرام، قال هذا تلخيص كلام أصحابنا في المسألة ،وهذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل، ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقاً، فإن كان هذا فيمن تساقط شعرها نتيجة حصبة وهي عُرَيِّس وتحتاج الزينة للزوج لم يرخص لها، والزوج أمرها بذلك لم يرخص لها، فكيف بمن تتخذ الباروكة بقصد زيادة التجمل، وتضع أنواعاً من الشعر الصناعي أو المستعار أو الطبيعي الموجود على أقواس زينة أو باروكة أو غيره ملعونة؟
أيها المسلمون
وأما قَوْله صلى الله عليه وسلم : ( الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه ) فهِيَ صِفَة لَازِمَة لِمَنْ يَصْنَع الْوَشْم وَالنَّمْص وَالْفَلْج وَكَذَا الْوَصْل ،وكذا تغيير خلق الله وفطرته التي فطر الناس عليها بأي صورة كانت مما شاع في هذا الزمان وكثر
ومما يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم (الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه ) عمليات تغيير الجنس. من ذكر إلى أنثى، والتلاعب بالهرمونات والجينات، فهو من أعظم الحرام والتغيير لخلق الله، إذا كان بعض النساء في العهد النبوي تمنين مجرد تمني أن يكن رجالاً لقصد عظيم وهو الجهاد في سبيل الله، فقال الله تعالى : ( وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ ) سورة النساء32، فإذا كان هذا في التمني نهى عنه، فكيف بمن تغير خلق الله بالعمليات الجراحية، والتدخل المبضعي من الجرَّاح؟ فإن عمليات التجميل انتشرت في طول العالم وعرضه، ومنها ما يكون تغييراً لخلق الله ابتغاء لمزيد من الحسن، مثل تصغير ثدي، أو تكبير ثدي، أو رفع للأنف.. أو تضخيم للشفتين، وهكذا،وكله حرام في حرام. ومن المحرم أيضا هؤلاء الذين يعملون القزع وقصات الشعر المنكرة العجيبة، فيحلق من رأسه مواضع ويترك أخرى،أو يحلق وسطه ويترك جوانبه، أو يحلقوا مقدمه ويتركوا مؤخره، وهكذا، فهذا كله من الافعال المحرمة ،ومما يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم (الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه ) الاستنساخ ، فليست القضية مجرد عملية بيلوجية يريدون إجراءها، وإنما المسألة تنطوي على أبعاد عقدية في هجومها على الدين والعقيدة وكفر صريح، لقد استغلت هذه المسألة التي تصور بالتصوير العلمي البحت في مهاجمة عقائد الناس، وكأنهم يقولون لقد اكتشفنا الجينات المؤدية للهرم، وسنعالج القضية وما هي إلا سنوات حتى نكتشف السر ونجعلكم تعيشون كما تشاءون، وسنعطيكم ذكراً إذا اشتهيتم، وأنثى إذا أردتم، وعمراً كما تحددون، واللون الذي تريدون، والطول الذي تشتهون، ولون العينين، وشكل وسمك الشفتين، سنعطيكم ولداً مفصلاً على ما تريدون، إذن فالمسألة الآن صارت تحدي لله عز وجل، في قضية الروح والموت والحياة، ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء ذكوراً، فالمسألة أيها الإخوة تنطوي على أبعاد خطيرة تتعلق بالعقيدة، ما يلحق بهذه الأشياء من الحرمة -ومنها قشر الجلد لتظهر الطبقة التي تحته وهي ناعمة ناصعة اللون، واستعمال بعض الدهانات لقشر جلد الوجه بالذات حتى تبدو المرأة أكثر شبابًا ونعومة، ولا شك أن هذا من الزور الذي نهى عنه الشرع. – ومنها ما استحدث من رموش صناعية وأظفار، وأنواع الطلاء التي صنعت لمثل ذلك، – ومنها شد جلد الوجه بإجراء عملية جراحية أو بمواد كيميائية تؤدي إلى ظهور المرأة بأنها أصغر سنًا وأكثر شبابًا، وهذا أيضًا نوع من التزوير والخداع والغش وعدم الرضا بما خلق الله الخلق عليه وفطره عليه. – ومنها ما يلحق بذلك أيضًا مثل (زراعة الشعر بالرأس)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( شرح حديث (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحتى لا ينظر البعض إلى أن الإسلام يحرم الزينة والتزين فنقول : لقد أباح الإسلام للمرأة أن تتزين لزوجها بكل ما تستطيعه من أنواع الزينة المباحة التي لم يرد نص بمنعها وتحريمها، ومن ذلك: – الخضاب بالحناء، روى الإمام أحمد في المسند عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: “كانت امرأة عثمان بن مظعون تخضب وتَطَيَّبُ، فتركته فدخلت عليَّ، فقلت: أمشهدٌ أم مغيبٌ؟ قالت: مَشْهَد.ٌ قالت: عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء”، قالت عائشة: فدخل عليَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بذلك فلقي عثمان، فقال: ((يا عثمان، تؤمن بما نؤمن به؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: فأسوة مالك بنا؟)). وأخرج أبو داود عن كريمة بنت همام قالت: “دخلت المسجد الحرام فأخلوه لعائشة –رضي الله عنها-، فسألتها امرأة: ما تقولين يا أم المؤمنين في الحناء؟ فقالت: كان حبيبي يعجبه لونه ويكره ريحه، وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين أو عند كل حيضة”. – ومن الزينة المباحة : الكحل وكذلك البودرة والحمرة، وضابط ذلك كما قال بعض العلماء: أن ما يزول ولا يثبت ولا يستديم يجوز استعماله لكونه ظاهرًا في أنه ليس من طبيعة بشرة المرأة. – ومنها استعمال الشريط الملون، وعلى ذلك فليس فيه غش ولا تدليس وأمثاله على ضفائر البنات الصغيرات، وذلك لظهوره، ومعرفة أنه ليس من الشعر. -ومنها وضع أنواع الزينة على اختلافها على رؤوس النساء، فيما يبدو أنه ليس من الشعر في شيء، ولا يراد به الغش والخداع، كالورود الصناعية والأشرطة الملونة والنصوص ونحوها مما تضعه النساء على شعورهن. أما إذا كان للمرأة سن طويل أو أصبع زائدة أو أي عضو زائد، فإنه لا يجوز قطعه وإزالته؛ لأنه داخل في تغيير خلق الله – تعالى -، أما إذا كان هذا السن أو الأصبع أو العضو يتسبب في أذى أو إعاقة في الأكل أو الكلام أو نحوهما، فيجوز للمرأة وكذا للرجل أن يزيل هذا العضو الزائد
ومما يدخل في دائرة المباح أيضا: 1- ما كان للعلاج وإزالة الداء ، لما روى أبو داود والترمذي والنسائي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ ( أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ [فضة] فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود . وروى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود . وروى أحمد عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ ) وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح . قال الشوكاني رحمه الله : ” قوله : ( إلا من داء ) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداء وعلة ، فإنه ليس بمحرم ” “نيل الأوطار” ، 2- ما كان لإزالة عيب طارئ ، ويدخل في ذلك إزالة الكلف ، وحبة الخال ونحوها ؛ لأن هذا رد لما خلق الله وليس تغييرا لخلق الله . قال ابن الجوزي رحمه الله : ” وأما الأدوية التي تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج فلا أرى بها بأسا ” .
أيها المسلمون
فالجراحات التي يقصد منها إزالة عيب يسبب إيذاء نفسياً، أو بدنياً؛ كإزالة الإصبع السادسة الزائدة، أو تعديل الأسنان، أو لصق الشفة المنشقة، فهناك من يولد وله شفة مشقوقة كشفة الأرنب، فهذا لو عمل عملية للحم قطعتي الشفة فلا بأس بذلك؛ لأنه في الحقيقة لا يطلب مزيداً من الحسن، ليس الأمر طبيعياً وهو يطلب مزيداً من الحسن، وإنما يريد إزالة هذا العيب الذي يؤثر في نطقه، وربما في تنفسه، وفي أكله وشربه، يسبب مشكلة، وكذلك إزالة آثار الحروق والتشوهات الناتجة عن الحوادث، وهكذا تتميم الأذن الناقصة، ومعالجة الصدر الكبير الذي ينتج عنه خطراً على العمود الفقري، وإزالة البقع المشوهة في الوجه، ومعالجة آثار البهاق والبرص، فهذا كله لا بأس به؛ لأنه ليس تغييراً للخلقة الطبيعية التي يريد صاحبها من ورائها تجملاً وتحسيناً، وإنما يريد إزالة ضرر، إزالة عيب قد يمنعه من النكاح، قد يمنعها من الخطَّاب، والشريعة رحيمة تسمح بإزالة الضرر، بل تقول: لا ضرر، بل إنها تحث على كل ما فيه منفعة للإنسان.
أيها المسلمون
ولقد تلاعب الشيطان بالبشر فعلاً، فخرق السرة وجعل الحلق المعدنية فيها، بل الوجنتين وأطراف الوجه والجبهة،
ومن كان يظن أنه سيأتي أوباش من البشر يضعون حلقاً معدنية في طرف الأنف الذي يخرقونه؟ تغيير خلق الله، والتجمل بالرموش الصناعية، والأظافر المستعارة،: “فلا يجوز استخدام الأظافر الصناعية، والرموش المستعارة؛ لما فيها من الغش والخداع وتغيير خلق الله”، بل قد شهد بعض الأطباء بأن الرموش الصناعية المكونة من أملاح النيكل، وأنواع من المطاط الصناعي تسبب التهاب الجفون، وتساقط الرموش التي خلقها الله عز وجل.
أيها المسلمون
وقد يسأل سائل : ما هي الحكمة في هذا التحريم؟ ، فنقول : أولاً : إذا نظرنا في جميع الأشياء الواردة في الشريعة فإنها تدور على أمور: أولاً: ما فيها من الغش والخداع، وقد يظهر بأقل من سنه فيخدع ويتشبع بما لم يعط.
ثانياً: التسخط من خلقة الله، والقدح في حكمته، وعدم الرضا بتقديره وتدبيره، واعتقاد أن ما يصنعونه بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن. ثالثاً: فتح الباب للنساء فيؤدي ذلك إلى ارتمائهن في أحضان الغرائز الشهوانية، وتقليد الكفار، وتتبع الموضات، والانغماس في قضاء الأوقات في هذه التراهات، وإنفاق الأموال التي سيحاسبهن الله عليها، ويقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) ، وقال تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات13.
الدعاء