خطبة عن (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
أكتوبر 26, 2016خطبة عن ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)
أكتوبر 29, 2016الخطبة الأولى ( شكرُ الله تعالى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (66) الزمر . وقال تعالى : (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (40) النمل ،وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ« مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ »
إخوة الإسلام
لقد وهبنا الله سبحانه وتعالى النعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فهو الذي سخر لنا كل ما في هذا الكون من النعم والعطايا من أجل عبادته ولكي تعين الإنسان علي معرفته و القرب منه تبارك وتعالي، وقد أمرنا الله عز وجل بأداء شكر هذه النعم فقال تعالى : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ) (البقرة: 152) . ومن الواجب علي المسلم أن يستشعر فضل الله ونعمه عليه في كل وقت وحين والحرص علي ذلك ، فالله سبحانه وتعالى وعد الشاكرين بالجزاء العظيم وجعله سببا للحفاظ على النعم وزيادة العطاء كما أخبرنا ربنا تبارك وتعالى بذلك حينما قال ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) (إبراهيم:7)، فنعم الله علينا عديده وأعظمها نعمة الهداية للإسلام والإيمان فهو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة. واعلموا أن الشكر شطر الدين لأن العبد تكون حاله إما ضراء فيصبر وإما سراء فيشكر الله كما جاء في الحديث: (عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ».رواه مسلم. والشكر سببه حصول النعم واندفاع النقم فإذا وقع ذلك شرع في مقابل ذلك شكر العبد لله تعالى كما قال تعالى: (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (114) النحل). ولذلك يشرع للعبد سجود الشكر إذا حصلت له نعمه أو تجددت كما ثبت في السنة. كما روى الطبراني في معجمه 🙁 قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أحبو الله لما يغدوكم من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي ) ،فالشكر هو المجازاة على الإحسان بالثناء على المحسن وحقيقة الشكر شرعا هي اعتراف المؤمن بحصول النعمة من المنعم واقراره بذلك باللسان واستعمال النعمة في طاعة الله ،قال ابن القيم: (وكذلك حقيقته في العبودية وهو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده: ثناء واعترافا وعلى قلبه شهودا ومحبة وعلى جوارحه انقيادا وطاعة).
أيها المسلمون
والشكر له ثلاثة أركان لا تصح إلا بها: الأول: أن يشهد بقلبه بنسبة النعمة للمنعم الحق مع المحبة والخضوع له. قال تعالى: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ) النحل 53. الثاني: أن يثني على الله بلسانه وينسب الفضل لله وحده ويتبرأ من حوله وقوته قال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الضحى . الثالث: أن يستعمل النعمة ويسخرها في طاعة الله ولا يستعملها في سخط الله قال تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ 13. واعلموا أن الشكر سبب عظيم لثبوت النعم وزيادتها قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ابراهيم 7. وقال عمر بن عبد العزيز: (قيدوا نعم الله بشكر الله). فكلما شكر العبد زاده الله في نعمته وأحدث له نعمة أخرى حسية أو معنوية. أما إذا جحد العبد النعمة بقلبه ولم يعترف بأنها من الله أو أنكر بلسانه أو استعملها واستعان بها في معصيته لم يكن شاكرا لله بل كان كافرا بنعمة الله واقعا في الكفر الاصغر قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) البقرة 152.
وكفر النعم وجحودها سبب عظيم لزوال النعم كما قال تعالى: (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ابراهيم 7. وقال تعالى مبينا حال تلك القرية العظيمة التي كانت ترفل بالنعم والأمن ثم كفرت بنعم الله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون) النحل 112. وكم زالت النعم والأمن وحل الهلاك والخوف والجوع ووقع التشرذم والتفرق وسقطت الدول في كثير من بلدان المسلمين عبر التاريخ لما كفروا بالنعم وأظهروا الفواحش وبدلوا شرع الله وأمنوا مكر الله وفرحوا بطرا، فإن الناس الذين ينسبون نجاحهم وتفوقهم لذكائهم وجهدهم أو تجارتهم لحذقهم وصبرهم وكذلك الذين يستعملون نعم الله في المعاصي والمنكرات في شرب الخمور والفواحش والربا وقتل الأبرياء واستعباد الأحرار ، كل هؤلاء ليسوا من الشاكرين للنعم بل داخلون في كفر النعم وجحودها ويشملهم الوعيد وفعلهم مذموم شرعا.
أيها المسلمون
ومن كمال شكر الله شكر المخلوق إذا أسدى نعمة لغيره فيشكره ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ » . ولكن الشكر المطلق يكون لله وحده ، لأنه سبحانه هو المنعم حقيقة ، وهو الذي سخر المعطي لخدمة أخيه المؤمن ووهبه النعم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (172) البقرة ،ومن أعظم المخلوقين الذين يسدى لهم الشكر الوالدين قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) لقمان 14. قال سفيان بن عيينة : (من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما). وذلك لعظيم حقهما بما بذلاه من الإحسان والعناء وتحملهما المشاق الكثيرة في سبيل تربية الولد، ومن ترك شكرهما كان جاحدا كافرا بنعمة الله ولو أحسن لجميع الناس. وإذا داوم العبد على الفرائض، وأقبل على الله بالنوافل وكثرة الذكر والدعاء والمناجاة ، واستعمل جوارحه فيما يرضي الله، وحمد الله في السراء والضراء ، كان عبدا محققا لكمال الشكر، موصوفا بالعبد الشاكر ،وداخل في نصوص الشكر وفي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ « أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا » .
أيها المسلمون يقول الله تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) (13) سبأ ونأتي إلى سؤال ، ما هي أسباب تقصير العباد في شكر الله المنعم المتفضل عليهم ؟ فنقول : أسباب تقصير العبد في شكر المنعم كثيرة من أهمها الغفلة عن إدراك النعم التي يرفل فيها وعدم التأمل في تغير أحواله السابقة إلى الأفضل والغرور والإعجاب بقدراته الخاصة وجاهه وأخطر أمر على المؤمن أن يرفع بصره ويتطلع بقلبه إلى من فضله الله عليه في الدنيا ووسع عليه فيؤدي ذلك إلى ازدراء النعمة التي هو فيها ويشتغل قلبه بالطمع عن القيام بشكر الله وهذا هو حال كثير من الناس اليوم ،لذلك نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ ». قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ « عَلَيْكُمْ ».. رواه مسلم.
ومن أسماء الله الشاكر قال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) البقرة 158 . ومن اسمائه الشكور قال تعالى: (وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) التغابن 17 . فالله عز وجل من عظيم كرمه يعطي الكثير من الأجر على العمل اليسير ويغفر الكثير من الذنب ويضاعف الأجور أضعاف مضاعفه ولذلك شكر للزانية على سقيها الكلب فأدخلها الجنة وشكر للرجل الذي أزال عن الطريق الغصن وغفر له فإحسانه عظيم ، وفضله عميم ، وكرمه كبير .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( شكرُ الله تعالى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإذا كان شكر الله أمرا واجبا على العبد ، فما الذي يعين العبد عليه ؟ ونقول : من أعظم ما يعين العبد على أداء الشكر لله أمور ، ومنها : 1- الدعاء كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا كما في مسند الإمام أحمد (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بِيَدِهِ يَوْماً ثُمَّ قَالَ « يَا مُعَاذُ إِنِّي لأُحِبُّكَ ». فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أُحِبُّكَ. قَالَ « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ » فيحسن بالمؤمن أن يكثر الدعاء بتيسير الشكر في كل حال. 2- ومما يعين العبد على شكر الله : استحضار كمال قدرة الله وغناه المطلق وكمال رحمته ولطفه بالعباد وكمال حلمه وأنه يتفضل على عباده بالنعم ويغمرهم برحمته ويجود عليهم رغم تقصيرهم معه قال تعالى: (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) لقمان 12.
3- ومما يعين العبد على شكر الله : أن يتفكر العبد في كثرة النعم التي لا يستطيع أن يحصيها من إيمان وأمن وسلامة في البدن والمال والأهل والولد وغير ذلك فكل نعمة يتولد منها نعم كثيرة قال تعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) النحل 18 . 4- ومما يعين العبد على شكر الله : أن يتفكر المؤمن أنه لا يستطيع أن يعبد الله حق عبادته ولا يقوم بحقوقه لعجزه وغفلته وجهله فيجتهد في تحقيق الشكر على حسب وسعه. 5- ومما يعين العبد على شكر الله : أن يتأمل في عظيم جزاء الشكر في الآخرة وثوابه العاجل في الدنيا ويتأمل في عذاب كفر النعم في الآخرة ومحق النعم في الدنيا. 6- ومما يعين العبد على شكر الله ، أن يتفكر المؤمن في عظم السؤال والوقوف بين يدي الله عن شكر النعم التي أسداها الله إليه كما قال تعالى: (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) التكاثر 8. قال ابن عباس في تفسير النعيم: (النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم). وقال مجاهد: (عن كل لذة من لذات الدنيا). 7- ومما يعين العبد على شكر الله : النظر إلى أحوال الفقراء والمساكين والمتضررين الذين هم أقل منه ودونه فيدرك قلبه وعقله عظيم النعم التي هو فيها فيحدث ذلك شكرها لتثبت وتزيد.
أيها المؤمنون
والمؤمن إذا شاهد نعمة تذكر حق المولى عليه وأحدث ذلك في نفسه شكر عظيم لمولاه كما حصل للنبي سليمان عليه الصلاة والسلام لما سمع كلام النملة فاستشعر عظيم نعمة الله عليه بسعة ملكه وتسخير البهائم له ومعرفته منطقهم فشكر الله في الحال وخضع قلبه لله ،قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (19) النمل . وقد أدرك السلف الصالح فضل الشكر وحقيقته ومنزلته في الدين وتنوعت عباراتهم في هذا المقام. قال مطرف بن عبد الله: (لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أبتلى فأصبر). وقال الحسن البصري: (إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا). وقال عمر بن عبد العزيز: (تذاكروا النعم فإن ذكرها شكر). وقال مخلد ابن الحسين: (كان يقال الشكر ترك المعاصي). وقال عون بن عبد الله: (قال بعض الفقهاء: (إني نظرت في أمري لم أرى خيرا إلا شرا معه إلا المعافاة والشكر فرب شاكر في بلائه ورب معافى غير شاكر فإذا سألتموهما فاسألوهما جميعا).
الدعاء