خطبة عن( أسباب التعامل بالربا )
يناير 30, 2016خطبة عن (الربا: أقسامه وصوره وحرمته)
يناير 30, 2016الخطبة الأولى ( عقوبة آكل الربا )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ) (278)،(279) البقرة ،
إخوة الإسلام
واليوم إن شاء الله نتعرف على عقوبة التعامل بالربا في الدنيا والاخرة ، فأقول إن عقوبة التعامل بالربا هي من أشد العقوبات لأن المرابي أغضب رب الأرض والسموات ، وأول هذه العقوبات : أن الله توعد من تعامل بالربا في الدنيا أن يمحق بركة ماله قال الله تعالى ( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )، قال أبو جعفر: :”يمحق الله الربا”، اي ينقُصُ الله مال المرابي فيذْهبه إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه، أو يَحْرمَه بركة ماله فلا ينتفع به، بل يعذبه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة ،وجاء في تفسير فخر الدين الرازي لهذه الآية ( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) ، قوله 🙁 المرابي وإن كثر ماله فأنه تؤول عاقبته إلى الفقر ، وتزول البركة عن ماله ، وفي مسند أحمد (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ » ، وثانيها : إن لم ينقص ماله فإن عاقبته الذم ، والنقص ، وسقوط العدالة ، وزوال الأمانة ، وحصول اسم الفسق والقسوة والغلظة ، وثالثها : أن الفقراء الذين يشاهدون أنه أخذ أموالهم بسبب الربا يلعنونه ويبغضونه ويدعون عليه ، وذلك يكون سبباً لزوال الخير والبركة عنه في نفسه وماله ورابعها : أنه متى اشتهر بين الخلق أنه إنما جمع ماله من الربا توجهت إليه الأطماع ، وقصده كل ظالم ومارق وطماع ، و قال ابن عباس رضي الله عنهما : معنى (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا ) : أن الله تعالى لا يقبل منه صدقة ولا جهاداً ، ولا حجاً ، ولا صلة رحم وذلك هو الخسار الأكبر ،وثانيها : إن مال الدنيا لا يبقى عند الموت ، ويبقى التبعة والعقوبة ، وذلك هو الخسار الأكبر وثالثها : أنه ثبت في الحديث أن الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة عام ، فإذا كان الغني من الوجه الحلال كذلك ، فما ظنك بالغني من الوجه الحرام المقطوع بحرمته كيف يكون ، فذلك هو المحق والنقصان . والواقع بيننا يؤكد ان التعامل بالربا نهايته المحققة الخسران فأنتم ترون وتشاهدون أن فئة الأغنياء الذين تعاملوا بالربا مع البنوك وغيرها أصبح حالهم لا يخفي عليكم فالديون تحاصرهم والبنوك تهددهم وفي النهاية وعما قريب سوف يبيعون أرضهم وممتلكاتهم ويخسرون كل شيء بسبب التعامل بالربا ، ثانيا: أن المرابي آذنه الله بالحرب و أوعده الله بالقتل قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) ، نعم آذنهم الله بحرب منه ومن رسوله، ومن حاربه الله ورسوله فهو مهزوم مغلوب، ؟؟ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ) القمر، ثالثا توعد الله تعالى من تعامل بالربا علي مستوى الأفراد والشعوب والأمم أن ينزل بهم الفقر والقحط وشدة المؤنة ، ففي مسند الإمام أحمد (عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ الرِّبَا إِلاَّ أُخِذُوا بِالسَّنَةِ وَمَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ الرُّشَا إِلاَّ أُخِذُوا بِالرُّعْبِ ». وقوله (ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله (أحمد ، وابن جرير عن ابن مسعود)، رابعا أن المرابي عند قيامه من قبره يوم القيامة للحشر يقوم من قبره كالمجنون قال تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ )، قال ابن عباس في تفسيرها (: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يُخْنَق ) ، وقيل من مات وهو يأكل الربا، بعث يوم القيامة متخبِّطًا، كالذي يتخبطه الشيطان من المسّ. ، خامسا أن المرابي ملعون مطرود من رحمة الله إذا مات ولم يتب إلي الله قبل موته ففي صحيح مسلم ( – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ. ، سادسا : أن المتعامل بالربا قد ارتكب أكبر الكبائر من الذنوب المهلكة فقد روى مسلم : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ « الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا والتولي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ ». رواه مسلم ، سابعا : أن الذي يتعامل بالربا يلقى أشد العذاب يوم القيامة ففي صحيح البخاري : عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – : « رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي ، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهْرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الذي في النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى في فِيهِ بِحَجَرٍ ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ ، فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالَ الذي رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا » . ، وقد رأى عليه الصلاة والسلام عقوبة رهيبة لآكلة الربا وهو في رحلة الإسراء والمعراج فقال: كما في مسند أحمد: ( فَأَتَيْتُ عَلَى قَوْمٍ بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ فِيهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ قُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلاَءِ أَكَلَةُ الرِّبَا )).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عقوبة آكل الربا ) 3
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
واعلم أيها المسلم أنك تغضب ربك إذا أكلت الربا أو تعاملت به أو كتبته أو شهدت عليه فقد صح عن رسول الله من حديث جابر( عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ. ))، رواه مسلم ، ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ) وقوله كما رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والحاكم ، والبيهقى ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقَى أَحَدٌ إِلاَّ أَكَلَ الرِّبَا فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ بُخَارِهِ ». قَالَ ابْنُ عِيسَى « أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ ».ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء