خطبة عن (ما بعد غزوة بدر ،وموقف يهود المدينة من المسلمين)
يوليو 13, 2016خطبة عن ( نتائج غزوة بدر والنصر المبين)
يوليو 13, 2016الخطبة الاولى ( القرآن يسجل أحداث غزوة بدر)
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لَمّا انْقَضَى أَمْرُ بَدْرٍ .أَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ سورة الْأَنْفَالَ .وسوف أتناول معكم الآيات التي وصفت أحداث معركة بدر.وذلك ليس بترتيب الآيات في السورة.ولكن .بحسب سير أحداث المعركة . بداية ذَكَرَ القرآن الْقَوْمَ وَمَسِيرَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ عَرَفَ الْقَوْمُ أَنّ قُرَيْشًا قَدْ سَارُوا إلَيْهِمْ .وَإِنّمَا كانوا قد خَرَجُوا يُرِيدُونَ الْعِيرَ والمال .طَمَعًا فِي الْغَنِيمَةِ. فَقَالَ تعالى : { كَمَا أَخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقّ وَإِنّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ. يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقّ بَعْدَمَا تَبَيّنَ .كَأَنّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } الانفال 5 .أَيْ كَرَاهِيَةً لِلِقَاءِ قُرَيْشٍ . ثم قال تعالى: { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ أَنّهَا لَكُمْ. وَتَوَدّونَ أَنّ غَيْرَ ذَاتِ الشّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } أَيْ الْغَنِيمَةَ دُونَ الْحَرْبِ : { وَيُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُحِقّ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ. وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } الانفال 7 ، أَيّ يريد الله أن تكون معركة بينكم وبينهم لينصر الإسلام والمسلمين .وذلك بقتل صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ وَقَادَتِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبّكُمْ } أَيْ تطلبون في دعائكم الغوث والمدد والنصر من الله. حِينَ نظرتم إلَى كَثْرَةِ عَدُوّكمْ وَقِلّةِ عَدَدِكمْ : { فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } بِدُعَاءِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدُعَائِكُمْ : { أَنّي مُمِدّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ }. ثم ذكرهم الله بنعمته عليهم ليلة المعركة فقال تعالى{ إِذْ يُغَشّيكُمُ النّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ } أَيْ أَنْزَلْت عَلَيْكُمْ الْأَمَنَةَ حِينَ نِمْتُمْ .ونزعت الخوف من قلوبكم. :{وَيُنَزّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السّمَاءِ مَاءً } وفي هذه الليلة أنزل الله عليكم المطر فَحَبَسَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَسْبِقُوكم إلَى الْمَاءِ .وَخَلّى سَبِيلَ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ { لِيُطَهّرَكُمْ بِهِ. وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيْطَانِ. وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ } أَيّ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ شَكّ الشّيْطَانِ وتَخْوِيفِهِ إيّاكمْ. ويثبت بهذا المطر أقدامكم على أرض المعركة. فتتمكنوا من قتل أعدائكم .ثُمّ قَالَ تَعَالَى: { إِذْ يُوحِي رَبّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ .فَثَبّتُوا الّذِينَ آمَنُوا }. ثُمّ قَالَ تَعَالَى :{ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الّذِينَ كَفَرُوا الرّعْبَ.فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ.وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلّ بَنَانٍ.ذَلِكَ بِأَنّهُمْ شَاقّوا اللّهَ وَرَسُولَهُ.وَمَنْ يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ .فَإِنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }. ثُمّ قَالَ : { يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا. فَلَا تُوَلّوهُمُ الْأَدْبَارَ.وَمَنْ يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ .إِلّا مُتَحَرّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزًا إِلَى فِئَةٍ. فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ. وَمَأْوَاهُ جَهَنّمُ. وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ،وذلك تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى عَدُوّهِمْ .ثُمّ قَالَ تَعَالَى فِي رَمْيِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إيّاهُمْ بِالْحَصْبَاءِ مِنْ يَدِهِ حِينَ رَمَاهُمْ : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنّ اللّهَ رَمَى } أَيْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الذي أصاب الكفار بِرَمْيَتِك ، لَوْلَا الّذِي جَعَلَ اللّهُ فِيهَا مِنْ نَصْرِك ، وَمَا أَلْقَى فِي صُدُورِ عَدُوّك مِنْهَا حِينَ هَزَمَهُمْ اللّهُ :{ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا } أَيْ لِيُعَرّفَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ .فِي إظْهَارِهِمْ عَلَى عَدُوّهِمْ مع َقِلّةِ عَدَدِهِمْ .لِيَعْرِفُوا بِذَلِكَ حَقّهُ وَيَشْكُرُوا بِذَلِكَ نِعْمَتَهُ .ثُمّ قَالَ : { إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ }.والِاسْتِفْتَاحُ. هو الْإِنْصَافُ فِي الدّعَاءِ..وذلك أن أبا جهل زعيم المشركين وقائدهم .دعا الله قائلا : اللّهُمّ أَقْطَعَنَا لِلرّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَا يُعْرَفُ فَأَحِنْهُ الْغَدَاةَ .أي اهزمه في هذا اليوم ، فرد الله عليه بقوله : { إِنْ تَسْتَفْتِحُوا. فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ) .أي استجاب الله الدعاء. ونصرمن أمر بصلة الرحم .وهزم من قطع الأرحام. وكفر بالرحمن. ثم يَقُولُ اللّهُ جَلّ ثَنَاؤُهُ { وَإِنْ تَنْتَهُوا } أَيْ لِقُرَيْشِ{ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) .(وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ } أَيْ إذا عدتم لقتال الرسول والمسلمين مرة أخرى. نعد بهزيمتكم بِمِثْلِ الّتِي أَصَبْنَاكُمْ بِهَا يَوْمَ بَدْرٍ .{ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ .وَأَنّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } أَيْ أَنّ عَدَدَكُمْ وَكَثْرَتَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ شَيْئًا ، وَإِنّي مَعَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْصُرهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ ..ثم تبين لنا الآيات موقع الفريقين في أرض المعركة فقال تعالى{ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدّنْيَا } مِنْ الْوَادِي { وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى } مِنْ الْوَادِي إلَى مَكّةَ { وَالرّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ } أَيْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ الّتِي خَرَجْتُمْ لِتَأْخُذُوهَا وَخَرَجُوا لِيَمْنَعُوهَا عَنْ غَيْرِ مِيعَادٍ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ { وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ } أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ مِيعَادٍ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ ثُمّ بَلَغَكُمْ كَثْرَةُ عَدَدِهِمْ وَقِلّةُ عَدَدِكُمْ مَا لَقِيتُمُوهُمْ { وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا } أَيْ لِيَقْضِيَ الله مَا أَرَادَ بِقُدْرَتِهِ مِنْ إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ عَنْ غَيْرِ بَلَاءٍ مِنْكُمْ فَفَعَلَ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِلُطْفِهِ ثُمّ قَالَ { لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيّنَةٍ. وَيَحْيَا مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ وَإِنّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }.أي ليهلك من الكفار من هلك بعدما تبينت له قدرة الله وآياته .وَيُؤْمِنُ مَنْ آمَنَ عَلَى مِثْلِ ذلك . ثُمّ ذَكَر َسبحانه لُطْفَهُ بِهِ وَكَيْدَهُ لَهُ. ثُمّ قَالَ { إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنّ اللّهَ سَلّمَ إِنّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ } ، فَكَانَ مَا أَرَاك مِنْ ذَلِكَ. نِعْمَةً مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ. شَجّعَهُمْ بِهَا عَلَى عَدُوّهِمْ. وَكَفّ بِهَا عَنْهُمْ مَا تُخُوّفَ عَلَيْهِمْ مِنْ ضَعْفِهِمْ لِعِلْمِهِ بِمَا فِيهِمْ . ثم قال تعالى { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا .وَيُقَلّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ .لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا } أَيْ لِيُؤَلّفَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْحَرْبِ لِلنّقْمَةِ مِمّنْ أَرَادَ الِانْتِقَامَ مِنْهُ.. وَالْإِنْعَامَ عَلَى مَنْ أَرَادَ إتْمَامَ النّعْمَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ .ثُمّ وَعَظَهُمْ وَفَهّمَهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ الّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا بِهِ فِي حَرْبِهِمْ ونستكمل
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية: ( القرآن يسجل أحداث غزوة بدر)
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
َقَالَ تَعَالَى{ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً) اي جماعة تُقَاتِلُونَهُمْ فِي سَبِيل اللّهِ عَزّ وَجَلّ { فَاثْبُتُوا ..وَاذْكُرُوا اللّهَ كَثِيرًا }أي لا تنسوا ذكر الله الّذِي لَهُ بَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ..وَالْوَفَاءَ لَهُ بِمَا أَعْطَيْتُمُوهُ مِنْ بَيْعَتِكُمْ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ . ثم قال تعالى{ وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا } أَيْ لَا تَخْتَلِفُوا فَيَتَفَرّقَ أَمْرُكُمْ { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } أَيْ وَتَذْهَبَ قوتكم وحِدّتُكُمْ { وَاصْبِرُوا إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ } أَيْ إنّي مَعَكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ { وَلَا تَكُونُوا كَالّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النّاسِ } أَيْ لَا تَكُونُوا كَأَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ من كفار قريش الّذِينَ قَالُوا : لَا نَرْجِعُ حَتّى نَأْتِيَ بَدْرًا فَنَنْحَرَ بِهَا و لَا يَكُونُ أَمْرُكُمْ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا الْتِمَاسَ مَا عِنْدَ النّاسِ وَأَخْلِصُوا لِلّهِ النّيّةَ وَالْحِسْبَةَ فِي نَصْرِ دِينِكُمْ وَمُوَازَرَةِ نَبِيّكُمْ لَا تَعْمَلُوا إلّا لِذَلِك وَلَا تَطْلُبُوا غَيْرَهُ . ثُمّ قَالَ تَعَالَى{ وَإِذْ زَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ. وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ. وَإِنّي جَارٌ لَكُمْ }..فقد ظهر إبْلِيسُ لأهل مكة قبل المعركة فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ فَقَالَ لَهُمْ إبليس. أَنَا لَكُمْ جَارٌ مِنْ أَنْ تَأْتِيَكُمْ كِنَانَةُ مِنْ خَلْفِكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ ..فلما سمعوا قوله خَرَجُوا سِرَاعًا ..فذكرهم الله بذلك ..وأن ابليس لا يملك لهم نصرا. .بل ينكص بعهده عند اللقاء ..فقال تعالى (فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ. وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ. إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ. إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ. وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ). ثم قال تعالى{ فَإِمّا تَثْقَفَنّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلّهُمْ يَذّكّرُونَ } أَيْ فَنَكّلْ بِهِمْ مِنْ وَرَائِهِمْ لَعَلّهُمْ يَعْقِلُونَ { وَأَعِدّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوّ اللّهِ وَعَدُوّكُمْ } ثم قال تَعَالَى : { وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ } أَيْ لَا يَضِيعُ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَجْرُهُ فِي الْآخِرَةِ وَعَاجِلٌ خِلَفَهُ فِي الدّنْيَا ثُمّ قَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا } أَيْ إنْ دَعَوْك إلَى السّلْمِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَصَالِحْهُمْ عَلَيْهِ { وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ } إنّ اللّهَ كَافِيك{ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ }. ثُمّ عَاتَبَ اللّهُ تَعَالَى رسوله فِي الْأُسَارَى ، وَأَخْذِ الْمَغَانِمِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَأْكُلُ مَغْنَمًا ، مِنْ عَدُوّ لَهُ .قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نُصِرْت بِالرّعْبِ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، وَأُعْطِيت جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَأُحِلّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تُحْلَلْ لِنَبِيّ كَانَ قَبْلِي ، وَأُعْطِيت الشّفَاعَةَ).فَقَالَ تعالى { مَا كَانَ لِنَبِيّ } أَيْ قَبْلَك يا محمد أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى مِنْ عَدُوّهِ حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ أَيْ يُثْخِنَ عَدُوّهُ ويقتله حَتّى يَنْفِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدّنْيَا } أَيْ الْمَتَاعَ من الْفِدَاءَ بِأَخْذِ الرّجَالِ { وَاللّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ } أَيْ والله يريد قَتْلَهُمْ .لِظُهُورِ الدّينِ الّذِي يُرِيدُ إظْهَارَهُ .ثم قال تعالى { لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ } أَيْ مِنْ الْأُسَارَى وَالْمَغَانِمِ { عَذَابٌ عَظِيمٌ } أَيْ لَوْلَا أَنّهُ سَبَقَ مِنّي أَنّي لَا أُعَذّبُ إلّا بَعْدَ النّهْيِ .وَلَمْ يَكُ نَهَاهُمْ.. لَعَذّبْتُكُمْ فِيمَا صَنَعْتُمْ .ثُمّ أَحَلّهَا لَهُ وَلَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ. فَقَالَ{ فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيّبًا. وَاتّقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . ثم قال تعالى{ يَا أَيّهَا النّبِيّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }.ثُمّ أَعْلَمَهُمْ مَقَاسِمَ الْفَيْءِ وَحُكْمَهُ فِيهِ حِينَ أَحَلّهُ لَهُمْ فَقَالَ { وَاعْلَمُوا أَنّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أَيْ يَوْمَ فَرّقْتُ فِيهِ بَيْنَ الْحَقّ وَالْبَاطِل
الدعاء