خطبة عن ( من آداب الزيارة والاستئذان )
فبراير 8, 2016خطبة عن (فضائل الاستغفار ،وأحوال المستغفرين )
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى ( آداب الزيارة والاستئذان ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- :« أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لاَ غَيْرَ أَنِّى أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ».
إخوة الاسلام
الزيارة وسيلةٌ من وسائلِ المخالطة، وهي تُفضي إلى التواصل ، بها تشيع المودَّة، وتتآلف القلوب، وتقوى الروابط، ويتذكر الناسي، وينبّه الغافل، ويّعلم الجاهل، ويروح بها عن النفوس، وتخفف المصائب والأحزان، ومصالح أخرى لا تخفى عليكم ، ومن المعلوم أن زيارة الأخ لأخيه مستحبة لتقوية رابطة الأخوة ، وتتأكد إن كانت معها مجاملة في فرح أو عيادة في مرض أو عزاء في موت. وقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي: كما في مسند أحمد (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ». أما عن زيارة المريض ففي سنن الترمذي وحسنه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً ». وفي صحيح مسلم (عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ قَالَ « جَنَاهَا » ، والزيارات منها ما هو واجب ، ومنها المستحب ، ومن الزيارات الواجبة زيارة الوالدين وبرهما ، وتفقد أحوالهما ومساعدتهما والتلطف معهما، ومهما بلغت المشاغل فلا عذر للأبناء في تجاهل الوالدين، أو تحول برّهما إلى مجرد مغريات عابرة، وقد جعل الله حقهما عظيمًا وتكليمهما واجبًا، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. ومن الزيارات الواجبة زيارة الأرحام بنية صلة الرحم، ودوام الترابط، وتفقد أحوالهم، ومساندتهم ماديًا ومعنويًا، وقد جعل الله صلة الرحم من صلته، فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهَا مَهْ . قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ . قَالَ أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ . قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ فَذَاكِ لَكِ » . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) [محمد:22] ، ومن الزيارات المستحبة زيارة الجيران لتفقد أحوالهم ومساعدتهم ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، ولعظم حق الجار ومكانته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كما في البخاري « مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ » ، وأيضا من الزيارات المستحبة وقد تكون واجبة زيارة المرضى فهي من حق المسلم على أخيه المسلم، ولها آثار طيبة على المريض، فهي تُطَمْئن قلبه، وتشرح صدره، وتنسيه مرضه، وتخفف عنه آلامه، خاصة إذا قارنها ذكرٌ ودعاءٌ، وإن التكاسل عن زيارة المريض تفريطٌ في حقٍّ من حقوق الله، فقد روى مسلم في (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي . قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِى فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي » ، ومن الزيارة زيارة أهل الميّت لتعزيتهم، لما روى ابن ماجه عن عمرو بن حرام مرفوعًا: « مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّى أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلاَّ كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». ومن الزيارات المستحبة ، زيارة الأيتام، والعطف عليهم، وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: كما في البخاري (النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا » . وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) ، قال النووي رحمه الله: «كافل اليتيم القائم بأموره». ومن الزيارات المثمرة أيضا زيارة العلماء وأهل الصلاح والتقى، يقتبس فيها من عبادتهم وزهدهم ووقارهم وخشيتهم، قال ابن المبارك: «كنت إذا نظرت إلى الفضيل جدد لي الحزن، ومقت نفسي»، ثم بكى.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( آداب الزيارة والاستئذان ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن الشريعة الإسلامية اعتنت بالزيارة وبينت فضلها وأجرها، واعتنت ببيان آدابها وأحكامها، فللزيارة سنن وآداب ، فعلى المسلم أن يتعلمها ، وأن يراعيها عند زياراته للآخرين ، والهدف من اتباع هذه الآداب أنها تجعل المخالطة تقوم على أساسٍ سليم، وتتحقق بها أهداف الزيارة، من بث روح المودة والمحبة، وحسن الأجر والفائدة ، ومن أبرز آداب الزيارة: اختيار وتحين الوقت المناسب للزيارة: ، فتكون الزيارة في غير الأوقات الثلاثة التي في آية الاستئذان : كما قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) النور 58 ، وهي: من قبل صلاة الفجر، ووقت القيلولة، ومن بعد صلاة العشاء. والعلة في ذلك أن هذه الأوقات مظنة النوم، والإخلاد إلى الراحة، والإفضاء إلى الأهل، فلذلك حصل المنع من الدخول في هذه الأوقات إلا بإذن. والزيارة في أحد هذه الأوقات الثلاثة لا شك أنها تعكر على أهل البيت صفوهم، وتقلق راحتهم، وتسبب لهم الحرج لأن الناس في الغالب لا يكونون مستعدين لاستقبال أحد في هذه الأوقات.ويخرج من ذلك ما لو كان الإنسان مدعوًا لوليمة طعام الغداء أو العشاء ولكن لا يمكث طويلا بعد أن يتناول طعامه ، لأن ذلك يؤذيهم ، وقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه – قَالَ لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعَا النَّاسَ طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ – قَالَ – فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ ، فَلَمَّا قَامَ ، قَامَ مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَبَقِىَ ثَلاَثَةٌ ، وَإِنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا – قَالَ – فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا ، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ ، فَأَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ) ، أما وقد يسر الله لنا في هذا الزمان سبل الاتصال والتواصل ، فمن الأفضل أن تكون الزيارة مسبوقة بموعد محدد وذلك من خلال الاتصال قبل الزيارة و الاطمئنان على استعداد المزور لهذه الزيارة ، وتواجده أثناء الزيارة وعدم وجود موانع لها وحتى يستعد لها المزور، بتنظيم مواعيد عمله، وإعداد ما يلزم للمقابلة
ونستكمل آداب الزيارة والاستئذان في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء