خطبة عن (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )
أبريل 13, 2016خطبة عن ( فضائل نبي الله يعقوب )
أبريل 13, 2016الخطبة الأولى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ) (46) الفرقان
إخوة الإسلام
آيات الله في كونه كثيرة ونعمه علينا سبحانه وتعالى متعددة . فكل ما حولنا يذكرنا بقدرته وجميل صنعه وابداعه . ولكن الكثير من الناس في غفلة فلا يلتفت إلى دلائل القدرة ولا يعتبر بالآيات البينات . لذلك يقول سبحانه (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) يوسف (105) . واليوم إن شاء الله أتناول معكم آية من آيات الله جل وعلا. ودليلا من دلائل قدرته سبحانه وتعالى. كثيرا ما نمر عليه ولا نعتبر به . وبداية أسألكم . هل مرت بك لحظة أن مشيت في وقت الظهيرة في فصل الصيف فاشتدت عليك حرارة الشمس ولهيبها فأخذت تنظر هنا وهناك تبحث عن ظل يحميك من حرارة الشمس ولفحتها ولهيبها ؟ فلما وجدته أسرعت إليه .وجففت عرقك وأحسست بنعمة الظل ؟ ،فهل سألت نفسك. ماذا لو لم يكن هناك ظل وهل شكرت من أنعم عليك بهذه النعمة .نعمة الظل ؟. هذا هو موضوع لقائنا اليوم إن شاء الله. مع الظل ، مع قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ. وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا. ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا) (46) الفرقان . والظل؟ إنَّما هو ضوء شعاع الشَّمس دون الشُّعاع، فإذا لَم يكن ضوءٌ فهو ظلمة، وليس بظل ، فالظِّلَّ: أمر متوسِّط بين الضَّوء الخالص والظُّلمة الخالصة، وهو أفضل الأحوال؛ لأنَّ الظُّلمة الخالصة يكرهها الطَّبع، وينفر منها الحسّ، والضَّوء الكامل يؤْذِي العين ويضر الجسم
أيها المؤمنون
الظلُّ آيةٌ من الآيات الدَّالَّة على وجود الله تعالى. وقدرتِه سبحانه وتعالى على خلْق الأشياء المختلِفة والمتضادَّة ، قال تعالى : (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا. وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُون) النحل 82 ، وبين سبحانه أن الظل نعمة من نعمه على عباده قال تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ .وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) فاطر 19 : 22. والظل واحدٌ من مَخلوقات الله تبارك وتعالى .والتي دعانا إلى مشاهدتِها. لتزكية النَّفس وإيقاظها من غفلتِها؛ لذلك بادر سبحانه رسولَه الكريم بقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) وهذا الاستفهام لبيانً جمال فعلِه، وكمال نعمِه، وعظمة قيوميَّته ، فأخبر سبحانه أنَّه بسط الظِّلَّ ومدَّه، وأنَّه جعله متحرِّكًا تبعًا لحركة الشَّمس، ولو شاء الله لجعله ساكنًا لا يتحرَّك، ثمَّ أخبر سبحانه أنَّه قبضَه بعد بسْطِه قبضًا يسيرًا – وهو شيء بعد شيء.أي تدريجياً – فلَم يقبضه مرة واحدة، وهذا من أعظم آياتِه الدَّالَّة على عظيم قدرتِه وكمال حكمته . فلو قبضه مرة واحدة لتفاجأ الإنسان بحرارة الشمس .فالظِّل نعمة جليلة من نِعم المولى تبارك وتعالى على عباده، مؤمِنِهم وكافِرِهم؛ فهو من آثار رحمانيَّته سبحانه، وفيه من المصالح والمنافع ما لا يُحصيه العدُّ؛ ،ولذلك وصفَ الله سبحانَه وتعالى الجنَّة بالظِّل مثل قولِه سبحانه : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُود. وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) الواقعة 28 : 30 وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا وَقَالَ ذَلِكَ الظِّلُّ الْمَمْدُودُ » رواه الترمذي
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون.
ونستكمل الحديث عن الظل. فالظلُّ من الجزاء الحسَن لأهل الجنَّة؛ كقوله تعالى : (لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) النساء (57) ، ومن فوائد الظِّل الدَّالَّة على إعجاز الله في خلقه: أنَّه دليل على أوْقات الصَّلوات فوقْت الظُّهْر مثلاً: عندما يكون ظلُّ الشَّيء أقصر ما يُمكن، وكان ظلُّ الرَّجُل كطوله.ووقت العصر: يدخُل عندما يبلغ ظل الشَّيء مثله، أو مثليْه ووقت المغرب: عندما يَزول ظلُّ الشَّيء نتيجة لاختفاء أشعَّة الشَّمس بالغروب. ويوم القيامة تدنو الشمس من الرؤوس ولا ظل إلا ظل عرش الرحمن يحتمي به المؤمنون كما يبيِّن الحديث الَّذي أخرجه البخاري عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه : (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم اللَّهُ في ظِلِّه يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه ) .. والظل في الرؤيا دليل خير فها هي هند بنت عتبة رضِي الله عنْها تقولُ “لقد كنت أرى فى النَّوم أنِّي في الشَّمس أبدًا قائمة، والظِّل منِّي قريب لا أقْدِر عليْه، فلمَّا أسلمتُ، رأيتُ كأنِّي دخلت الظِّلَّ، فالحمد للَّه الَّذي هدانا للإسلام“. .ومن الأحكام المتعلِّقة بالظِّلِّ: النَّهي الوارد في الجلوس بين الظِّلِّ والشَّمس فعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُقْعَدَ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ. وعن أبي هُرَيْرة قال: قال أبو القاسم:صلى الله عليه وسلم « إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِى الشَّمْسِ « فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ وَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ في الظِّلِّ فَلْيَقُمْ ». عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ وَأَنَا فِى الشَّمْسِ فَأَمَرَ بِي فَحَوَّلْتُ إِلَى الظِّلِّ. هذه هي آية الظل ألا فاشكروا من أنعم بها عليكم ولا تكونوا من المعرضين
الدعاء