خطبة عن (من فضائل الرسول محمد وأمته)
نوفمبر 10, 2018خطبة عن حديث (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)
نوفمبر 17, 2018الخطبة الأولى ( أبشروا ، فأنتم من أمة أحمد )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)(56) ،(57) الاحزاب ، وفي مسند الامام احمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ )،
أيها المسلمون
أبشروا ، أبشروا ، فأنتم من أمة أحمد ، ولكي تدركوا معنى هذه البشرى ، فموعدنا اليوم إن شاء الله ،مع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنزلته عند ربه ، لتعلم أيها المسلم ، كم هي نعمة عظمى ،وكم هي منحة وعطية كبرى ،أن جعلك الله تعالى من أمة رسوله ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنك كنت ممن اصطفاهم الله على سائر خلقه ، بالانتساب إلى أمة هذا الرسول الكريم ، وكيف لا ، وقد قال الله تعالى في شأن أتباعه وأمته : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) (32)،(33) فاطر ، وقال الله تعالى أيضا في شأن أمته : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (110) آل عمران ،
إخوتي في الله
فما هو مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند به ؟ ، وما هي منزلته عند خالقه؟ ، ففي كتاب ربنا يقول الله تعالى في وصف عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم 🙁وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4 ،فهذه أعظم شهادة ، لأعظم رسول ، بأن كل أخلاقه عظيمة ، وأن كل تصرفاته سديدة ،وأن كل أحكامه عادلة ، ويقول الله سبحانه في وصف نبيه ومجتباه ، ورسوله ومصطفاه : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة 128 ، بل ويذكرنا المولى تبارك وتعالى بأن بعثته صلى الله عليه وسلم ،إنما هي منة ومنحة ،وعطية ونعمة من الله جل وعلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) آل عمران 164 ، ويقول الله تعالى في حقه : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الانبياء 107،
أيها المسلمون
ويوم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أعداؤه : ( إن رب محمد قد قلاه ) ،فأنزل الله قرآنا يتلى ، دفاعا عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبيانا لمنزلته عند ربه ،فقال الله وقوله الحق : (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) الضحى من 4:1 ، نعم ، فهو صلى الله عليه وسلم الذي أظهر الله على يديه المعجزات ،ففلق له القمر ، وكلمته الحيوانات ، وسبح الطعام بين يديه ، وسلم عليه الحجر والشجر ،وتكاثر له الطعام ، ونبع الماء من بين أصابعه ، فهو صلى الله عليه وسلم قد رفع الله له ذكره ، وأعلا شأنه فقال الله تعالى (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) الشرح 4 ، قال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة ،إلا يقول :(أشهد أن لا إله إلا الله ،وأشهد أن محمدا رسول الله ) ، ومن عظيم فضله عند ربه صلى الله عليه وسلم ، أن جعل الله وجوده بين أصحابه أمنة من العذاب ، فقال الله تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) الانفال 33 ، ومن عظيم فضله صلى الله عليه وسلم ، أن أخذ الله العهد والميثاق على جميع الأنبياء من قبله ،على الإيمان به ،ونصرته ،والبشارة به ،فقال وقوله الحق : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران 81 ، ومن دلائل عظيم قدره عند ربه صلى الله عليه وسلم ، أنه انفرد عن إخوانه من الأنبياء والرسل أجمعين ،بخصائص في الدنيا والآخرة لم تكن لغيره من الرسل ،وذلك كرامة وتشريفا له ،ومنها : كما في صحيح البخاري (جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي ،وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ،وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً » ، وفي البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ » ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية(أبشر، فأنت من أمة أحمد)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وما زال حديثنا موصولا عن مقام رسول الله ومنزلته عند ربه : فكل الأنباء والرسل خاطبهم الله بأسمائهم مجردة ،إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد خاطبه الله بوصف النبوة والرسالة ، فقال الله تعالى : (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ) البقرة 33، وقال تعالى : (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) هود ( 46) ،وقال تعالى : (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (104) ،(105) الصافات ، وقال تعالى : (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (144) الاعراف ، وقال تعالى : (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ) المائدة 110، ولكن عندما خاطب الله عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، خاطبه بوصف النبوة والرسالة ،فقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (45) ،(46)الاحزاب ، وقال تعالى 🙁يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) المائدة ( 41) ، ومما خص الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم عن باقي الأنبياء والرسل : أن أعطاه القرآن كما في مسند احمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ قَدْ أُعْطِىَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُهُ وَحْياً أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، فمعجزته باقية الى يوم القيامة ،ولعظيم قدره ومنزلته عند ربه ،فقد أقسم الله بعمره ،فقال الله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر 72 ، كما خص الله رسوله بالإسراء والمعراج ، حتى أدناه منه وقربه ، وأراه من آياته الكبرى ، فقال الله تعالى : (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) (17)، (18) النجم ، ووعده بالمقام المحمود ،فقال الله تعالى: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) الاسراء 79 ، ومقامه المحمود هو مقام الشفاعة عند ربه في يوم القيامة ،ونستكمل الحديث عن منزلته عند ربه ومقامه المحمود في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء