خطبة عن ( احذر الدين )
مارس 14, 2017خطبة عن (أمي يا نبع الحنان) (فضل الأم والوالدة على ولدها)
مارس 15, 2017الخطبة الأولى ( أبي يا نهر العطاء ) (فضل الأب والوالد على ولده )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) (24) الاسراء ،وقال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (15) لقمان
وقال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ) العنكبوت 8 ،وقال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ) الاحقاف 15، وفي الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ « أُمُّكَ » . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « أُمُّكَ » . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « أُمُّكَ » . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ « ثُمَّ أَبُوكَ » . وروى مسلم في صحيحه 🙁 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ». قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ». وفي الصحيحين :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ « أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ».
إخوة الإسلام
إن الحديث عن بر الوالدين حديث مشوق ، وفيه ذكرى للمتقين ، وتنبيه للمقصرين والغافلين .فالإحسان الي الوالدين عبادة عظيمة ، وقد قرنها الله تعالى مع عبادته ، وهذا يدل على فضلهما العظيم . فقد جعل الله للوالدين المكانة العالية ، ورفع من شأنهما، فمن الواجب علينا : برهما والإحسان إليهما ،وأن نترحم عليهما كما ربونا صغارا. وحديثي اليوم -إن شاء الله- عن فضل الأب ، والوالد الحنون ، وبداية تعالوا بنا نبعث بتلك الرسالة ،التي تحمل إليه الحب والاحترام والتبجيل ، إلى كل والد حنون ، ونقول له : والـدنا العـزيـز: أيها الشيخ الجليل … أيها الإنسان العظيم ..أيها المربي الفاضل ،وصاحب القلب الكبير، يا من كنت رمزا من رموز التضحية والفداء … ويا من صنعت منا المخلصين من الرجال والنساء … والدنا العزيز : يا مهجة الروح .. ويا عنوانا للمحبة والارتقاء … ياقطعة من فؤادي ،ويا قدوة يحلو بها الاقتداء .. يا من غرست فينا عظيم الأخلاق ،وغذيتنا على حب الفضائل ،ومكارم الأخلاق …يا نبعا من العطاء لا ينضب ..تفوح من مياهه رائحة عبق الريحان ..وعلى ضفافه نمت شجيرات من الحناء …والدنا العزيز: يا صاحب النفس الكريمة ..والقلب الكبير ..والحس المنير ، يا من علمتنا معنى المحبة والتسامح والإخاء… والـدنا العــزيـز: فما زرعته على مر تلك السنين قد أثمر ،وكان نتاج محصوله بحول الله ثمرا يانعا حلو المذاق.. يحق لك التباهي به أيًما بهاء … ورغم تقدم العمر ، تأبى والدي العزيز إلا أن تتابع العطاء … فلك والدي العزيز في عمل الخير وإصلاح ذات البين صولات وجولات … ولم تتأخر والدي العزيز يوما عن إغاثة الملهوف ،ومد يد العون للغريب قبل القريب … وللمسجد معك والدي العزيز حكاية أخرى ، فأنت من السباقين دائما إلى الطاعات .. والـدنا الـعــزيــز : أيها الطيب الحنون … يا صاحب البسمة التي لا تفارق الجفون .. يا من سكنت القلب منا قبل العيون … يا من بلطفك غمرتنا وضممتنا إلى صدرك وقلبك الحنون …اسمح لنا والدنا الحبيب أن نقبل منك القدم قبل الأيادي وقبل الجبين … فأنت نعم الأب ونعم المربي ونعم الموجه الأمين .
أيها المسلمون
إن الأب هو عماد البيت ، فإن صح العماد فقد صح أساس الأسرة بأكملها ،فإذا كانت الأم هي منبع الحنان ، فإن الأب هو منبع الأخلاق ، وإذا كانت الأم هي روح البيت ، فالأب هو عماد البيت ، وإذا كانت الأم مدرسة التربية للأبناء ، فالأب مدير هذه المدرسة ، وإذا كانت النساء أمهات الرجال، فإن الرجال آباء للنساء ، والأب هو ذلك الظهر الذي يستند عليه جميع الأبناء ، وهو تلك الشمعة التي تحترق لتنير للآخرين الطريق ، إن الأب يستحق منّا كل احترام وتقدير وإجلال وكل محبة وود ، ونحن لا نستطيع أن نجازي الآباء مهما فعلنا ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَجْزِى وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ». وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ أَبِى شَيْبَةَ « وَلَدٌ وَالِدَهُ ». ولنعلم أن الأب له فضائل كثيرة على أبنائه : فهو من يقوم بالإنفاق عليهم من مأكل ومشرب وملبس وإقامة حتى يشتد عود أبنائه ، وتكون لهم القدرة على تحمل المسئولية ، وأما من الناحية الدينية : فهو يقوم بتعليم أبنائه الصلاة عندما يبلغوا سن السابعة ،ويعودهم على الذهاب إلى المسجد لإقامة الصلاة فيه ، ويحفظهم القرآن ، أو يعينهم على حفظ آيات منه ، ويخلقهم بأخلاق الدين ، وأما من الناحية الاجتماعية : فهو من يشارك أبناءه تكوين حياتهم كما في اختيار الزوجة الصالحة ، والمسكن المناسب وغيرها ، فالأب هو الذي يتعب ويكافح من أجل تحقيق حياة آمنة حافلة بالاطمئنان والاستقرار لأبنائه، وهو خبرة الحياة التي يحتاجها الأبناء ،لحل ما يواجهونه من صعاب وأحداث جمة في معترك الحياة .
أيها المسلمون
وللأب حق البر والتكريم ، وخاصة عند الكبر والشيخوخة ، وله حق الإحسان والطاعة، واللطف معه، والحنان عليه، وتحقيق كل ما يتمناه، وله الصحبة والعشرة الطيبة ومرافقته في اليسر والعسر. وحسن المعاملة، والنفقة عليه في حالة الاحتياج، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُخَاصِمُ أَبَاهُ ،فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدِ اجْتَاحَ إِلَى مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ » . وفي سنن ابن ماجة : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ».
والأب هو السند والصاحب في الحياة الدنيا، وهو أمان العائلة، وفسحة الأمل فيها، وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بآبائنا، وجعل برهم واجب علينا، والإحسان إليهم تقربٌ إلى الله سبحانه وتعالى، وجعل رضاه مقروناً برضاهم، وقد ورد في الكتاب والسنة، العديد من الآيات والأحاديث التي تحث على بر الآباء وإكرامهم، فطاعتهم فرض على الأبناء
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) (24) الاسراء ، فالأب وحده من يمنح بلا حساب، ووحده من يسهر ويتعب ويكد ليجعل من حياة أبنائه جنة، فما من شخصٍ يحمل همّ أبنائه في صحوه ومنامه مثله، ولا أحد ينصحهم ويرشدهم للخير كما يفعل هو، فالأب سورٌ عالٍ من الأمان الذي يلف العائلة، وهو عمود البيت، وسر استقراره.
أيها المسلمون
ولا أحد يعلم قيمة الأب تماماً إلا من فقده، ولا يعرف الأبناء عظم التعب والجهد الذي يبذله آباؤهم إلا بعد أن يصبحوا آباءً وأمهات، فعندها يستشعرون القدر الهائل من الحب في قلب أبيهم، ويعذرون خوفه وحرصه، ويقدّرون تشديده عليهم احيانا ، ويلتمسون له الأعذار، فكما يقولون “أبٌ واحد خيرٌ من ألف معلم” لأنّ الأب تخرج النصيحة من قلبه، ويمنح عصارة خبراته وتجاربه لأبنائه وبناته، لأنه يريدهم أن يصبحوا أفضل منه، وأن يصلوا لمراتب أعلى مما وصلها. فمهما تكلمنا عن فضل الأب ومكانته، فلن نوفّيه القليل من حقه، ولن ندرك حق الجزاء الذي علينا أن نقوم به تجاهه، فالأب أكبر من كل الكلمات، وأعظم من جميع العبارات، وأروع الهدايا من الله هو حب الأب، فمن كان له أبٌ على قيد الحياة، فليحسن صحبته، ويتقرب منه، ويطلب رضاه، ويضعه تاجاً على رأسه، لأن الأب لا يعوّض، ومن كان له أبٌ تحت التراب، فليكثر من الدعاء له، وليبرّه في موته مثلما كان في حياته، وليكثر من الصدقات على روحه، ويدخل الفرح له لينال بره في موته أيضاً. ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ بَدْرِيًّا وَكَانَ مَوْلاَهُمْ قَالَ قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ َيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ َا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِىَ عَلَىَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَبَرُّهُمَا بِهِ قَالَ « نَعَمْ خِصَالٌ أَرْبَعَةٌ الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لاَ رَحِمَ لَكَ إِلاَّ مِنْ قِبَلِهِمَا فَهُوَ الَّذِى بَقِىَ عَلَيْكَ مِنْ بِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا » ، واعلموا أن من كبائر الذنوب معصية الوالدين ،حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) الاسراء (23)، وفي الصحيحين 🙁 عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ الْكَبَائِرِ قَالَ « الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فضل الأب والوالد الحنون )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإلى كل أب نقدم هذه الأبيات :
لم تكتبِ الشّــــعرَ يوماً ما ولا الأدبــــا وما ســــــــــهرتَ الليالـــــــــ ي تقرأُ الكُتُبا
ولم تكنْ من ذوي الأمــــوال تجمعُهــا. لــــــم تكنِـــــزِ الدُّرَّ والياقـــوتَ والذهبـــــا
لكــــــــنْ كنزتَ لنا مجداً نعيــــشُ بـــه فنحمدُ اللهَ مَن للخيـــــــــــ ـر قد وَهبـــــــــا
أضحــــى فؤاديَ سِـــــفراً ضَـمَّ قافيتي ودمعُ عينـــي على الأوراق قد سُـــــــــكِبـ ا
ســـأنظم الشـــــــعرَ عِرفاناً بفضلك يـا مَن عشـْـــــــتَ دهرَك تجني الهمَّ والنّصَــبا
سأنظم الشــــــــــعر مدحاً فيكَ منطلِـقاً يجاوز البدرَ والأفــــــــــ لاكَ والشّـــــــهُب ـا
إن غاضَ حِبري بأرض الشّعر, وآ لهفي! ما غاض نبعُ الوفا في القلب أو نضبــــــــا
قالوا : تغالي فمَن تعني بشـــــعرك ذا؟ فقلت : أعنـــــــــي أبــي ,أنْعِــــــمْ بذاك أبا
كم سابقَ الفجرَ يسعى في الصباح ولا يعودُ إلا وضوءُ الشــــــمـــــ ـس قد حُجبـــا
تقول أمي : صغارُ البيــــــت قد رقدوا ولم يَرَوْك , أنُمضــــــي عمرَنــــا تعَبــــا؟
يجيب : إني سأســــــعى دائمــــاً لأرى يوماَ صغـــاريْ بدوراً تزدهــــــي أدبــــــا
ما شــعريَ اليومَ إلا من وميـــضِ أبي لولاه مــــــا كان هذا الشــــــــــــ عرُ قد كُتبا
فأنتَ أولُ من للعلــــم أرشـــــــدنـــ ــي في حمصَ طفــلاً ولمّا كنـــتُ في حلبـا
في الشام في مصر طيف منك في خلدي أرنو إليه, فقلبــــــي ينتـــــشــــي طرَبــــــا
ولــــــم تكـــــن أبتي في المال ذا نسب لكنْ بخيــــــــرِ نكــــونُ الســـــادةَ النّجُبَـــــا
فالمالُ لن يُعــــلِيَ الإنســــــــانَ منزلةً إنْ لم يكـــــنْ بالمـــــزايا يرتقــي السّــــــحُبا
لقد نُســـــــــبتَ أبــــــي للخير في كرم يا منبعَ النبـــــــــــ ـــــل فلْتَهْنأ بذا نســـــــــبا
نصحْتنا ما أُحيلى النّصْـــــــــ حَ يا أبتي فأنت مدرســــــــــةٌ في النصــــــح لا عَجَبـا
حماك ربي من الحُسَّــــــــ ـــــاد يا أبتي قد ارتقيتَ ,وكـــم من حاســـــــدٍ غَضبــــــا
فاحفظ لنا ربَّنا دينــــــــــــ اً نَديـــــنُ به قد شرَّف العُجمَ طولَ الدهــــــــرِ والعَــــربا
واحفظ لنا والدي والأمَّ يا ســـــــــــندي وإخوتـــــــي وأناســــــاً حبّــــــهُم وجَبـــــــا
إخوة الإسلام
ويحكي أن ولدا كان بارا بأبيه ، وكان يبذل جهده لينال رضا الله فيه، ويكتسب محبة والده. وفي يوم من الأيام أعجبه بره بوالده، واغتر بكثرة إحسانه إليه، وجميل فضله عليه، فقال لأبيه: إني أريد أن أصنع بك من البر والخير أضعاف ما فعلته بي في صغري من الجميل، والاحسان ، ووالله لا تطلب شيئا مهما كان عسيرا إلا يسرته لك ، أو بعيدا إلا قربته منك. وكان الوالد رجلا حكيما مجربا ، فلم يشأ أن يصدم ابنه في مشاعره أو يجرح احساسه ووجدانه. فقال له : يا بني لست أشتهي شيئا في هذه الحياة إلا رطلا من التفاح ، فأسرع الابن وأحضر له أرطالا من التفاح ، ووضعها بين يديه، وقال خذ منها حاجتك، أو خذها كلها ، فاذا فرغت من تناوله أحضرت لك أضعاف أضعافه، فأنا أقدر علي كل شيء تطلبه. وقال الأب : إن في هذا القدر من التفاح كفاية لنفسي، وسدا لحاجتي ، ولكني لا أريد أن آكله هنا، ولا تطيب نفسي إلا بتناوله فوق قمة هذا الجبل ، فاحملني إليه يا بني إن كنت بارا بي ، فهش الابن لمطلبه ،وقال: لك هذا يا أبي ، ثم وضع التفاح في حجره ، وحمله علي كتفه ، وصعد به الجبل ، حتي وصل إلي أعلاه ، وأجلسه في مكان مريح، ووضع التفاح بين يديه ، وقال له: ( يا أبتاه خذ حاجتك منه ، فإن نفسي طيبة بذلك)، فجعل الوالد يأخذ التفاح لا ليأكله، ولكن ليرمي به الي أسفل الجبل ، فاذا فرغ منه ، أمر ابنه أن ينزل فيجمعه له ، وتكرر ذلك ثلاث مرات، وكلما قذف به الأب، يعيده الابن، وفي المرة الرابعة ،نفذ صبر الولد ،وضاق صدره ،وأخذ يغمغم مغتاظا، ففطن الأب الي الغضب في وجهه ، فروح عن نفسه ، وربت علي كتفه ، وقال له : ( لا تغضب يا بني ، ففي نفس هذا المكان، ومن فوق هذا الجبل ، كنت ترمي بكرتك التي تلعب بها ، فأنزل مسرعا لأعيدها، ما أخذني الملل ،ولا أجهدني التعب، حرصا علي إرضائك وأنت صغير) … فهذه القصة : تبين لنا أننا لا نستطيع أن نقدم لآبائنا ما قدموه لنا ، فلنبر بهم ، وندعو لهم، ونستغفر لهم ، أحياء وأمواتا.
وقصة أخرى أقدمها لك أيها الابن البار : أنه كان رجل له أربعة بنين ،فمرض ،فقال أحدهم: أما أن تمرضوه، وليس لكم من ميراثه شيء، وأما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء ، قالوا : بل تمرضه أنت ، وليس لك من ميراثه شيء، فمرضه حتي مات ، ولم يأخذ من ميراثه شيئا. قال: فأتي في النوم فقيل له: ائت مكان كذا وكذا، فخذ منه مائة دينار. فقال : أفيها بركة ؟ قالوا: لا ، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته: فقالت: خذها، فان من بركتها ان نكتسي منها ، ونعيش بها. فأبي أن يأخذها. فلما أمسي ، أتي في النوم ، فقيل له: ائت مكان كذا وكذا ، فخذ منه عشرة دنانير فقال: أفيها بركة؟ قالوا: لا ، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته، فقالت له مثل قولها السابق، فأبي أن يأخذها. فلما أمسي ،أتي في النوم فقيل له: ائت مكان كذا وكذا، فخذ منه دينار. فقال : أفيه بركة ؟ قالوا: نعم ، قال: فذهب، فأخذ الدينار، ثم خرج به الي السوق، فاذ هو برجل يحمل حوتين فقال: بكم هما ؟ ،قال : بدينار ،فأخذهما منه ، وانطلق بهما الي بيته، فلما شقهما، وجد في بطن كل منهما درة ، لم ير الناس مثلها، فبعث الملك يطلب درة يشتريها ،لم توجد الا عنده ،فباعها بثلاثين وقرا ذهبا. فلما رآها الملك قال: ما تصلح هذه الا بأخت ،فاطلبوا أختها ،ولو ضعفتم الثمن ،فجاءوا ،فقالوا: أعندك أختها؟ ونعطيك ضعف ما أعطيناك؟ قال: نعم ،فأعطاهم الثانية بضعف ما باع به الأولي، وهذا جزاء من أحسن الي أبيه .
الدعاء