خطبة عن (صفات الرسول وشمائله الخلقية والخُلقية)
سبتمبر 1, 2024خطبة عن (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)
سبتمبر 1, 2024الخطبة الأولى ( أحبك يا رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » ، وروى البخاري في صحيحه : (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ » . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « الآنَ يَا عُمَرُ » . وفي سنن أبي داود ومسند أحمد : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَعْلَمْتَهُ ». قَالَ لاَ قَالَ « أَعْلِمْهُ ». قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ.فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِى أَحْبَبْتَنِي لَهُ ).
إخوة الإسلام
لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا في الحديث السابق إلى أن من أحب إنسانا فليعلمه بحبه إياه ، فها نحن نعلنها اليوم جميعا : (إني أحبك يا رسول الله) ..أحبك يا رسول الله ، لأن الله تعالى أحبك واصطفاك ، وقربك إليه واجتباك ، فأنت القائل: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي ) رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح ، وأنت القائل : (أَلاَ وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلاَ فَخْرَ ،وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ ،وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ ،وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِيَ فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِى فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلاَ فَخْرَ ،وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَلاَ فَخْرَ » رواه الترمذي،..أحبك يا رسول الله : لأنك خليل الله ، وصفوته من خلقه ومجتباه ، فأنت القائل :« لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ خَلِيلاً ، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ » رواه مسلم… أحبك يا رسول الله ، وأكثر من الصلاة عليك، لأكون قريبا منك يوما القيامة ، فأنت القائل : « أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً »… أحبك يا رسول الله :لأنك علَّمتنا الإسلام، وعلَّمتنا كلَّ خير وسعادة ووئام. ، أحبك يا رسول الله : يا صفي الله- يا علم الرشاد ****** ويا خير المرسلين إلى العباد …يا رفيع القدر – يا نجم الثريا******يا شفيع الخلق في يوم التنادي … تعالى الله من أحذاك فضلا******فكنت المصطفى يا خير هاد … أحبك يا رسول الله حبا**** تغلغل في الجوانح والفؤاد … أحبك صادقا حتى كأني*****فريدٌ في المشاعر والوداد ،… أحبك يا رسول الله .. أحبك يا رسول الله لأن حبك قربة إلى الله تعالى ،وعبادة لله من أفضل العبادات .. أحبك يا رسول الله : لأني دعوة الله أن أراك ولو في منامي ، فامتع النظر برؤياك .. أحبك يا رسول الله لأن حياتك دين ، فمن تبعك أعزه الله ، ومن خالفك خذله الله .. أحبك يا رسول الله ،لأن أقوالك وأفعالك مليئة بالهدى والخير والنور .. أحبك يا رسول الله ، لأنك أجهدت نفسك ، وتحملت كل المشاق والتعب ، لكي نسعد ونرتاح ، فإليك يرجع كل فضل علينا بعد فضل الله ، فقد بلغت الرسالة ،وأديت الأمانة ،ونصحت الأمة ،وكشف الله بك الغمة.. أحبك يا رسول الله لأن الله تعالى قد جعلك لنا نوراً ، وجعلك بنا رؤوفاً رحيماً .. أحبك يا رسول الله : لأنك شافعنا يوم الزحام، يوم نلقى الله ، وقد جعلك الله شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .. أحبك يا رسول الله : لأنه في حبك وفاء لك ، وإكراما وتقديرا .. أحبك يا رسول الله : لأنك لم تترك خيراً إلا ودللتنا عليه ، ولم تترك شراً إلا وحذرتنا منه .. أحبك يا رسول الله ، لأنك كنت أرفع وأرقى وأسمى نموذج حي في الحياة ، كنت أرقى صورة للمعلم المربي الفاضل ، وللزوج المثالي ، وللحاكم العادل ، وللقائد المحنك ، وللأب الحاني .. أحبك يا رسول الله : فمن أخلاقك علمتني الأخلاق ، ومن عبادتك علمتني كيف أعبد الله ، ومن شجاعتك علمتني الشجاعة وعدم الخوف إلا من الله ، ومن كرمك علمتني الكرم ، ومن عفوك وصفحك علمتني العفو ، ومن رحمتك علمتني الرحمة والرأفة ، والود والعطف والحنان .. أحبك يا رسول الله ، وأكثر من الصلاة عليك ، فأنت القائل : (« إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ » .. أحبك يا رسول الله : لكي أشرب من يدك الشريفة شربةً هنيئةً مريئةً لا أظمأ بعدها أبداً ، وأحبك لكي أنظر إلى وجهك الأنور وإلى جبينك الأزهر .. وأحبك يا رسول الله لكي أجلس بجوارك ، وأهنأ برفقتك ،فأنت الطاهر الأطهر، في جنات ونهر، عند مليك مقتدر .
أيها المسلمون
وكيف لا نحب رسول الله ؟ ، وهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأول شافع وأول مشفع، وأول من يستفتح باب الجنة، وله المقام المحمود، والحوض المورود، وهو المذكور في التوراة والإنجيل، وصاحب الغرّة والتحجيل، والمؤيَّد بـجبريل ،وهو أكثر الأنبياء واردا، وقد شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وهو وأمته أول من يجوز الصراط ، وله الوسيلة ، وهي أعلى درجة في الجنة .. وكيف لا نحبك يا رسول الله؟ : وأنت القائل : «أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا، لواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم على ربي ولا فخر.» . وأنت القائل «إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم، غير فخر» . وأنت القائل : «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي» ، فهنيئا للعيون المؤمنة التي رأت وجهك البهي ؛ وهنيئا للآذان المؤمنة التي سمعت حديثك الندي ، وصوتك الشجي ، وهنيئا ثم هنيئا لمن شم عبق رائحتك وريحك الزكي ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين ، وهو سيد المرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس في يوم القيامة إلا بشفاعته، ولا تدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته، فهو صاحب لواء الحمد، والمقام المحمود والحوض المورود ، وهو إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم، وقد أرسله بالهدى ودين الحق إلى كافة الناس، وفضله بعموم الرسالة وخلودها، وهدى به من الضلالة ،وفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وترك الأمة على مثل البيضاء، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك. نعم .. أحبك يا رسول الله ، حباً فيك ، واشتياقاً إليك ، وقرباً منك ، وإحساساً بك ، وعاطفةً مؤججةً تجاهك ،وأسأل الله تعالى أن يجمع بيننا وبينك في الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم آمين آمين .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إني أحبك يا رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد جاءت صفات رسول الله وخصاله الكريمة صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب نفسها قبل تحريفها ؛ ففي صحيح البخاري : (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي التَّوْرَاةِ . قَالَ أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا)
فهو الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق، و كلامه صلى الله عليه وسلم كله حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادًّا أو مازحًا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وكل قوله وعمله وحاله صلى الله عليه وسلم مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقًا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، ففي فتح مكة أهدر رسول الله دم بعض الكفار المعاندين ، ومنهم (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ ، فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ فَقَالُوا وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ قَالَ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ) رواه أبو داود والنسائي .
الدعاء