خطبة عن (أخلاق الصائمين) مختصرة 3
مارس 9, 2024خطبة عن (أخلاق الصائمين) مختصرة1
مارس 9, 2024الخطبة الأولى (أخلاق الصائمين) مختصرة 2
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين: (جاء في الحديث القدسي: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)
إخوة الإسلام
ونستكمل ما بدأناه في اللقاء السابق عن أخلاق الصائمين: فمن أخلاق الصائمين: الصبر: وتجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة: وهي: الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقداره. فالصوم صبرٌ على طاعة الله: لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها. وهو صبر عن معصية الله سبحانه: لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم. وهو صبر على أقدار الله تعالى: لأن الصائم يصيبه ألمٌ العطش والجوع وغيرها؛ ولهذا كان صوم رمضان من أعلى أنواع الصبر؛ وسمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم شهر الصبر، ففي سنن النسائي: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «شَهْرُ الصَّبْرِ وَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ». فسمي الصوم صبرًا؛ لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاح”، وفي مسند أحمد: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ». ومن أخلاق الصائمين: الصدق: فأولى ما يُعلِّمه الصوم للصائم هو صدقه مع الله؛ لأن الصيام عملٌ سريٌّ بين العبد وربه، فبإمكان المرء أن يدعي الصيام ثم يأكل خفيةً فيما بينه وبين نفسه. وفي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».
ومن أخلاق الصائمين: الكرم والجود والبذل والسخاء: فحريٌّ بالمسلم الصائم، الذي امتنع عن المباحات، وابتعد عن جميع المحرمات، أن يكون متحليا بخلق الكرم والبذل والعطاء، ومن ذلك تفطير الصائمين. فعند الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»، فينبغي للصائم أن يحرص على تفطير الصائمين بقدر المستطاع، لاسيما إذا كان الصائم فقيرًا محتاجًا، أو عاجزًا. ويكون ذلك ببعض التمر، أو بالشراب والطعام، ومن أخلاق الصائمين: العفة: فالصائم يتربى بالصيام على العفاف، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، في الصحيحين : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصوم وسيلةٌ للعفة عن الحرام؛ وذلك لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ والصوم يضيق تلك المجاري؛ فيضعف سلطان الشيطان؛ ويقوى سلطان الإيمان. ومن أخلاق الصائمين: الحلم وكظم الغيظ والعفو والصفح: فينبغي للصائم إن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله، أن يقول له جهرًا: (إني صائم) ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أخلاق الصائمين)2
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن أخلاق الصائمين: سلامة الصدر: ففي سنن النسائي وغيره: (قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ». ووَحَرَ الصدر: غشه، وحقده، وغيظه، ونفاقه، ومن أخلاق الصائمين: العزم وقوة الإرادة: فالصوم يربي في الصائم قوة الإرادة، ويدرِّبه على ضبط النفس، والسيطرة عليها، حتى تنقاد -بإذن الله- إلى ما فيه خيرها وسعادتها، ومن أخلاق الصائمين: السكينة: فيُعَدُّ الصوم طريقًا للخلاص من القلق النفسي، والشعور بالسعادة الروحية. فالصوم باعثً للسكينة في قلب الصائم: بتكفيره للذنوب والخطايا التي تورث قسوة القلب، وقلق الفؤاد، والاضطراب النفسي. ومن أخلاق الصائمين :ترك الغيبة والكذب والنميمة: فالصائم الحق يتأثر سلوكه بالصيام في تعامله مع الآخرين وفي الصحيحين: (قَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ »،
ومن أخلاق الصائمين: تقوية خلق المراقبة: فالصيام يكسب صاحبه خلق المراقبة لله تعالى، فهو يستطيع أن يأكل ويشرب، ولكنه لا يفعل ذلك طاعة لله، ولذلك فالصيام لا يدخله الرياء، وإذا راقب الإنسان الله في عباداته ومعاملاته، وأخذه وعطائه، وعلم أن الله لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، كان من المتقين.
ومن أخلاق الصائمين: تقوية الارتباط بالجماعة: فالمسلمون يصومون جميعا عند رؤية الهلال، ويفطرون عن رؤيته، ويمسكون عند أذان الفجر، ويفطرون عند أذان المغرب، ولسان حالهم يردد قول الله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92). ومن أخلاق الصائم: تنمية احترام الوقت: فالصيام يعودنا على احترام الوقت والنظام، فتأخير الإفطار بعد الأذان مكروه، والإفطار قبل المغرب يبطل الصيام، وتأخير السحور من السنة، فللوقت أهميته، والناس يفطرون في وقت واحد، ويمسكون في وقت واحد.
ونستكمل في لقاء قادم إن شاء لله تعالى
الدعاء