خطبة عن ( من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في التغيير )
أكتوبر 23, 2020خطبة عن ( إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس ، فتذكر قدرة الله عليك)
أكتوبر 31, 2020الخطبة الأولى (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسنه ،وَأَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الحديث النبوي الكريم ، والذي يرشدنا فيه صلى الله عليه وسلم إلى أداء الأمانة ، ويحذرنا فيه من الخيانة ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم : (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ) ، فالأمانة هي ضد الخيانة ، وأداء الأمانة، والوفاء بالوعد، وحفظ العهد، وصدق الحديث، وخفض الجانب، ونحوها من الشمائل المحمودة، والأخلاق الكريمة، التي جاء الإسلام لترسيخها في النفوس، وتأصيلها في القلوب، لتزكو بها أحوال المؤمنين، ويشيع الود والإخاء في مجتمع المسلمين، في حين أن خلو الإنسان من هذه المكارم ،يفسح المجال لنقيضها ،من الخيانة والغدر والكذب والكبر ،ونحوها من الرذائل والقبائح ،التي تدنس النفوس، وتفتح باب المعاصي والقطيعة ، واختلال الأمن في المجتمع . وأداء الأمانة، هي من أول المبادئ التي دعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ) ، وروى الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا حِفْظُ أَمَانَةٍ وَصَدْقُ حَدِيثٍ وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ »، وفيه أيضا : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ قَالَ :« لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ »، وقال عمر رضي الله عنه: «لا يغرنك صلاة امرئ ولا صيامه، من شاء صلى ،ومن شاء صام، ولكن لا دين لمن لا أمانة له ».
والأمانة مكانها قلوب المؤمنين ففي الصحيحين : (حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ حَدَّثَنَا :« أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ » . وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ « يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْمَجْلِ ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا . وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ ، وَمَا أَظْرَفَهُ ، وَمَا أَجْلَدَهُ ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ )، وفي سنن البيهقي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الأَمَانَةُ وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلاَةُ وَسَيُصَلِّى أَقْوَامٌ لاَ دِينَ لَهُمْ.
أيها المسلمون
والأمانة كلمة واسعة المفهوم ، يدخل فيها أنواع كثيرة ، ومنها : أولا : الأمانة العظمى ، وهي الدين والتمسك به ، قال الله تعالى : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) 72 الأحزاب .وتبليغ هذا الدين أمانة أيضاً ، فالرسل أمناء الله على وحيه ، ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : « أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً » ، وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين . ثانيا : كل ما أعطاك الله من نعمة فهي أمانة لديك ، يجب حفظها ،واستعمالها وفق ما أراد منك المؤتمن ، وهو الله جل وعلا ، فالبصر أمانة ، والسمع أمانة، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، واللسان أمانة ، والمال أمانة أيضاً ، فلا ينفق إلا فيما يرضي الله . ثالثا : العرض أمانة ، فيجب عليك أن تحفظ عرضك ولا تضيعه ، فتحفظ نفسك من الفاحشة ، وكذلك كل من تحت يدك ، وتحفظهم عن الوقوع فيها ، قال أبي كعب رضي الله عنه : (من الأمانة أن المرأة أؤتمنت على حفظ فرجها ) رابعا : الولد أمانة ، فحفظه أمانة ، ورعايته أمانة ، وتربيته أمانة . خامسا : العمل الذي توكل به أمانة ، وتضييعه خيانة ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ » رواه البخاري وعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِى ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ فِيهَا ». رواه مسلم ، سادسا : السر أمانة ، وإفشاؤه خيانة ، ولو حصل بينك وبين صاحبك خصام فهذا لا يدفعك لإفشاء سره ، فإنه من لؤم الطباع ، ودناءة النفوس ، ففي سنن البيهقي : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ » ، ومن أشد ذلك إفشاء السر بين الزوجين ،ففي صحيح مسلم : ( أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا ». سابعا : الأمانة ، بمعنى الوديعة ، وهذه يجب المحافظة عليها ، ثم أداؤها كما كانت .
أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) أي : لا تعامل الخائن بمعاملته ، ولا تقابل خيانته بخيانتك له ، فإذا كنت تستنكر عليه أنه خانك ، فكيف ترتكب ما تنكره عليه؟! ، وفي ذلك دليل على أن المسلم لا يجازى بالإساءة من أساء إليه ، فلا تخن من خانك ، لأن الخيانة ليست من صفات المؤمنين ، فالمسلم لا يخون من خانه ، أو أن يغدر به، ولا يُفهم من هذا الحديث أن الشخص لا يستوفي حقه، لا، للإنسان أن يستوفي حقه بالطرق المشروعة، فإذا كان قد ظُلم بأخذ شيء من ماله ،أو اقتطاع جزء من راتبه ، أو بخس شيء من حقه ، فله أن يأخذه بالطرق المشروعة، وهنا قد يسأل سائل فيقول : إذَا كَانَ لِرَجُلِ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ . فَهَلْ يَأْخُذُهُ أَوْ نَظِيرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “مجموع الفتاوى” إجابة على مثل هذا السؤال بقوله : “وَأَمَّا إذَا كَانَ لِرَجُلِ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ . فَهَلْ يَأْخُذُهُ أَوْ نَظِيرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ فَهَذَا نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا لا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ مِثْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، وَاسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَاسْتِحْقَاقِ الضَّيْفِ الضِّيَافَةَ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ ، فَهُنَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِلَا رَيْبٍ ; كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ :( أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ . فَقَالَ : خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ ) . فَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ ، وَهَكَذَا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ غُصِبَ مِنْهُ مَالُهُ غَصْبًا ظَاهِرًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ فَأَخَذَ الْمَغْصُوبَ أَوْ نَظِيرَهُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ . وَنَحْوُ ذَلِكَ .وَالثَّانِي : أَلا يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا : مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَحَدَ دَيْنَهُ أَوْ جَحَدَ الْغَصْبَ وَلا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي ، فَهَذَا فِيهِ قَوْلانِ : أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد . وَالثَّانِي : لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .ومَنْ مَنَعَ الأَخْذَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) ، وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الخصاصية أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ ؟ قَالَ : ( لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ أَنَّ حَقَّ الْمَظْلُومِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ لَيْسَ ظَاهِرًا وأَخْذُهُ خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَقْصِدُ أَخْذَ نَظِيرِ حَقِّهِ ; لَكِنَّهُ خَانَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ ، فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ فَأَخَذَ بَعْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ ظَاهِرًا كَانَ خَائِنًا .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فالخيانة من أقبح الصفات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منها ، ففي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ ». ولا يخفى أن الخيانة من خصال النفاق وصفات المنافقين: (فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ » متفق عليه. فحري بالمسلم الحق أن يكون صادق الوعد، كريم العهد، وثيق الذمة، يحفظ الأمانة، ويؤدي الحقوق، ويقوم بالمواثيق، ويرعى الحرمات، قال بعض العلماء: «خلق الله الدنيا كالبستان، وزينها بخمسة أشياء : بعلم العلماء، وعدل الأمراء، وعبادة الصالحين، ونصيحة المستشار، وأداء الأمانة، فقرن إبليس مع العلم الكتمان، ومع العدل الجور، ومع العبادة الرياء، ومع النصيحة الغش، ومع الأمانة الخيانة»
الدعاء