خطبة عن ( خلق الإيثار )
فبراير 8, 2017خطبة عن (الصلاة على النبي وفضائلها)
فبراير 8, 2017الخطبة الأولى (أدب الحوار في الإسلام)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) الكهف
إخوة الإسلام
كلمة الحوار كلمة جميلة ورقيقة ،فهي تدل على التفاهم. والتفاوض. والتجانس، وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم ،فقال تعالى: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) الكهف 34 ،وقال تعالى : (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) الكهف 37 ، وقال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) المجادلة 1 ونحن ( المسلمين ) بحاجة إلى الحوار؛ ليفهم بعضنا بعضاً, ويقترب بعضنا من بعض. فنحاور أبناءنا وبناتنا. ،ونحاور أزواجنا وزوجاتنا ،ونحاور آباءنا وأمهاتنا. و نحاور أصدقاءنا ومخالفينا ..نحاور رؤساءنا ومرؤوسينا. نحاور طلابنا ومعلمينا .وهكذا .ولكن. ما هو الحوار؟ وما هو الهدف والغاية منه ؟ وماهي آداب الحوارالتي يجب أن نتحلى بها في حواراتنا ؟ ذلك وغيره سوف أحاول الإجابة عليه إن شاء الله تعالى . أما مفهوم الحوار : كما في مصطلح الناس : فهو مناقشة بين طرفين أو أطراف ، يُقصد بها تصحيح كلامٍ ، أو إظهار حجَّةٍ ، أو إثبات حقٍ ، أو دفع شبهةٍ ، أو ردُّ الفاسد من القول والرأي . وهكذا يتبين لنا من معنى الحوار الغاية منه. فالهدف من الحوار. هو إقامةُ الحجة، ودفعُ الشبهة وبيان الفاسد من القول والرأي ،وهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها. ولتظل العلاقة بينهما على أحسن حال. ويزول الخلاف . والاختلاف بين الناس أمر طبيعي وفطري. وهو سنَّة الله في خلقه فهم مختلفون في ألوانهم. وألسنتهم وطباعهم. ومُدركاتهم ومعارفهم وعقولهم ، وكل ذلك آية من آيات الله نبَّه عليها القرآن الكريم في قوله تعالى :{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } الروم 22، وإن كان من طبيعتنا الخلاف ، لكن. عن طريق الحوار يمكننا أن نتوصل للتوافق .أو على الأقل نضيق حجم الاختلاف . وعلينا أن نعلم أن للحوار آدابا يجب علينا أن نتعلمها ونعمل بها حتى يكون الحوار محققا للغاية والهدف منه وحتى يكون المرء ملتزمًا بحدود الله عاملاً على مرضاته، متجنبًا مساخطه. فما أكثر عثرات اللسان حين يتكلم الإنسان، فكم من حوار بين زوج وزوجته لم يراع فيه أصول الحوار وآدابه كانت نهايته الطلاق؟ وكم من حوار نزغ الشيطان فيه بين المرء وصاحبه فكانت عاقبته الفراق؟. وكم من حوار بين الولد ووالديه كانت نهايته العقوق. وكم حوار بين شريك وشريكه انتهى إلى الانفصال . وكم من حوار بين رئيس ومرؤوسه انتهى إلى العقاب ، وهكذا. ولا أخفي عليكم سرا .فنحن في هذا الزمان نعاني كثيرا وكثيرا وكثيرا من سوء الأدب في الحوار ،وعدم الالتزام بآداب الحوار. على مستوى الأفراد والأسر ، والقبائل والدول . وإذا أردتم مشاهدة ذلك فانظروا إلى ما يحدث بين المتحاورين أثناء المناقشات في المجالس (المنتخبة ) بل وفي أغلب الجلسات والمحاورات ، وفي وسائل الإعلام. فسوف ترى وتسمع ما لا يسرك .كل ذلك بسبب أننا لم نتعلم آداب الحوار، ولم نتربى عليها ، ولم نطبقها في حياتنا. فما هي آداب الحوار في الإسلام ؟ نتعرف عليها بعد جلسة الاستراحة إن شاء الله تعالى
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أدب الحوار في الاسلام )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث عن أدب الحوار في الإسلام : وتوقفت معكم عند هذا السؤال، ماهي آداب الحوار في الاسلام؟ فأقول: أولها وأهمها الإخلاص وحسن القصد : نعم إخلاص النية لله تعالى أن يكون الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق. سواء أكان الحق لي أو علي ، أكان الصواب معي أو مع غيري. المهم أن نصل إلى الحق والصواب ، متبعا في ذلك قاعدة : (قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ) ، فالحق ضالة المؤمن أنى وجده فهو أحق به، فيلزم من الحوار أن يكون حسن المقصد، وليس المقصود منه الانتصار للنفس ، أو الرياء وحب الظهور ،إنما يكون المقصود منه الوصول إلى الحق . وعليك أن تسأل نفسك قبل كل حوار هذا السؤال : ( ما هو هدفك ، وما قصدك ، وما هي نيتك من هذا الحوار؟) ،كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول : (ما ناظرت أحداً إلا وددت أن الله تعالى أجرى الحق على لسانه). وليس المقصود من الحوار العلو في الأرض، ولا الفساد ولا الانتصار للنفس أو تغيير الحقائق ،أما الأدب الثاني من آداب الحوار فهو: التواضع للمحاور ،وحسن الاستماع له ،الإصغاء إليه ،وترك مقاطعته والتشاغل عنه: ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .ففي صحيح مسلم قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: (انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لاَ يَدْرِى مَا دِينُهُ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَىَّ فَأُتِىَ بِكُرْسِىٍّ حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا قَالَ فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِى مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا). وقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى عتبة بن ربيعة يستمع إليه، وهو يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم حطاماً من الدنيا، ويطلب منه التخلي عن دعوته ودينه “حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال: (أقد فرغت يا أبا الوليد؟) قال: نعم.قال(فاسمع مني) قال:أفعل ” هكذا يكون الأدب في الحوار ولو كان مع الكافر . ونستكمل أدب الحوار في اللقاء القادم إن شاء الله
الدعاء