خطبة عن قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ )
يناير 30, 2016خطبة عن ( عقوبة آكل الربا والتعامل به )
يناير 30, 2016الخطبة الأولى ( من أسباب التعامل بالربا )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( إِنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَكَسْبِ الْبَغِىِّ ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْمُصَوِّرَ )
إخوة الإسلام
إن انتشار التعامل بالربا في مجتمعات المسلمين في هذا الزمان يرجع إلى أمرين : أولهما أن الناس يتداينون لا من أجل الضروريات كعلاج مريض أو إجراء عملية أو لإطعام جوعى أو لكسوة عرايا وإلى غير ذلك من الأمور الضرورية في حياة الإنسان والتي يهلك بدونها ولكن يتداينون من أجل الكماليات أو للشهوات أو المظهريات ،وكل هذه الأمور ليست من الضروريات و يمكن الاقتصاد فيها أو الانتظار حتى يتيسر له ثمنها وبالتالي لا يجوز الاقتراض لها لأ نه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وأيضا يرمز التعامل بالربا إلى بخل الأغنياء عن اقراض الفقراء في حالات الضرورة مما يضطرهم إلى الاقتراض بالربا ونسي هؤلاء الأغنياء ان الرسول صلي الله عليه وسلم قال كما في صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ)) ، يقول : كما عند مسلم : (أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَقَالَ إِنِّى مُعْسِرٌ. فَقَالَ آللَّهِ قَالَ آللَّهِ. قَالَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ ». وفي البخاري (أَنَّ حُذَيْفَةَ – رضى الله عنه – حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم –: « تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالُوا أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِى أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ ) ، وفي مسند أحمد (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ ». قَالَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ». قُلْتُ سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ : « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ ». ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ». قَالَ « لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ »)) . ، ومن أسباب التعامل بالربا تماطل بعض المقترضين في سداد الدين مما يجعل الكثير من أصحاب الأموال من الأغنياء متخوف من الإقراض خشية عدم السداد أو المماطلة في السداد
أيها المسلمون:
فقد يقول بعض إني مضطر للقرض بالربا كي أكمل عمارتي أو أوسع تجارتي، أو ما شابه ذلك والضرورات تبيح المحظورات، فاعلموا أن ذلك ليس من الضرورات التي تبيح المحظورات. وقد يقول بعضهم كيف أعطي أموالي للآخرين وأعطلها عن العمل ولا أستفيد منها. ونسي هؤلاء أن القرض يجب أن يكون منزها عن هذه المنفعة المادية ولا يراد به إلا وجه الله والأجر والثواب يوم القيامة فقد روى الطبراني في الاوسط عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم رأيت ليلة أسري بي مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر قلت يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة فقال إن السائل يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة ) ، هذا هو الربا وتلك هي عواقبه وعقوبته في الدنيا والآخرة ، وكانت هذه بعض أسبابه ، فيا ويحهم – إن لم يتوبوا – يوم يعرضون لا تخفى منهم خافية، فيسألون عما ارتكبوه في هذه الدنيا الفانية، فلزم الجواب، وزال الارتياب قال تعالى (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [سورة الحجر:92-93].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من أسباب التعامل بالربا ) 3
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
اجتنبوا الربا وكل كسب حرام؛ فإنه يمنع إجابة الدعاء، ويورث الشقاء، ويجلب أنواع البلاء، ويقسي القلوب، ويغريها بالإثم والفحشاء، لا تسمع من صاحبه الدعوات، ولا تقبل منه الصدقات، ولا يبارك الله له في التجارات، ولا يثاب على النفقات، . فاتقوا الله يا أهل الإسلام، واجتنبوا الحرام، واحذروا الآثام ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن استغنى عن شيء أغناه الله عنه، ومن يستعفف يعفه الله ومن يتق الله يرزقه الله: قال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) [سورة الطلاق:2-3]. وقال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ) [سورة الطلاق:4-5]. ألا فتوبوا وارجعوا إلى ربكم وقولوا سمعنا وأطعنا وابتعدوا من التعامل بالربا ومن يتق الله يجعل له مخرجا وأحذكم ونفسي من الدين إلا للضرورة فلا يجوز للإنسان أن يستدين بالربا أو بغيره للكماليات أو لغير الضروريات
الدعاء