خطبة عن حديث (طُوبى لمن ملَك لسانَه، ووسِعَه بيتُه )
ديسمبر 12, 2022خطبة عن ( احذر الكسل ( وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى )
ديسمبر 17, 2022الخطبة الأولى ( أعداء النجاح، وطريق التميز )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } [النساء : 54]
إخوة الإسلام
يقال: إنَّ الشجر المثمر يُقذف بالحجارة دونًا عن غيره، وما رميه بالحجر إلا لامتلائه بالثمار النافعة المفيدة، أما الشجر الخالي من الثمر فلا يقذفه ولا يهتم به أحد، وهكذا هم أهل النجاح والمثابرة والتميز، فالناجحون قومٌ اكتشفوا ذواتهم، وعرفوا قدراتهم؛ فأحسنوا توظيفَها، وشمَّروا عن سواعد الجدِّ، ونبذوا التسويفَ والكسل، وأخذوا يفكِّرون ويُخطِّطون حتى وصلوا الى قمم المجد، ولكن – ومن المؤسف – أن بعض البشر يحاربون كل ناجح، حتى ولو لم يكن له علاقة به، لا من قريب ولا من بعيد، ومجتمعاتنا مليئة بتلكم النماذج التي امتلأت صدورها بوابل من الحنق والغيظ، ونار الحسد والأنانية، وهؤلاء هم من يصح أن نطلق عليهم :(أعداء النجاح)، فما من ناجح إلا ويحوم حوله أعداء النجاح، الذين يكرهون النجاح، ويهاجمون الإبداع، ويحاولون بسعيهم المريض تثبيط الهمم، فإذا علمت ذلك أخي الوفق للنجاح، فلا يجب أن تلتفت إليهم، لأنهم أناس ليسوا بموفقين، ولا تزيدنا عداواتهم إلا كل تميز، ورغبة في البحث عما هو أفضل، لنصل بطموحنا إلى الثريا، فطريق النجاح مساره واحد: وهو الصبر والمصابرة، والإيمان والثقة بالله، والثقة بالنفس، وكن أخي الناجح الموفق على علم بأن الناس لا ترفس بقدمها كلبا ميتا ،والجالس على الأرض لا يسقط ، والقافلة تسير ولا تكف الكلاب عن النباح، فلا تهتم، ولا تيأس، أمام قبح أعداء النجاح، واعلم أن الإنسان الناجح يتمتع بالتواضع، والأخلاق الحسنة، والإخلاص في العمل، فينال نجاح الدنيا، وثواب الله في الآخرة، وأما أعداء النجاح، فينالوا خسارة الدنيا والآخرة، يقول الله تعالي” تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ” القصص (83)
أيها المسلمون
إننا نستطيع القول: إنه كلما ضربت بسهم وافر في الحياة، كلما قل أصدقاؤك، وأحاط بك أعداؤك، فهذه سنة من سنن الحياة، وعقبة تعتري كل ناجح، بل هي الشهادة التي تجتاز بها سلم النجاح، وتبرهن لك أنك تسير في الطريق الصحيح، فوجود أعداء النجاح في حياتنا يجعلنا نسارع الخطى نحو التفوق، وبمستوى عالٍ من الثقة، ورباطة الجأش، وحينها سنجد أنفسنا في أماكن لم نكن نتوقعها، وسنجد من يُسمعهم صوت تصفيق الأيادي فرحا بنجاحنا. وأعداء النجاح لا يحملون أسلحة بين يديهم ،ولا فأساً يحطمون به نجاحات الآخرين، إنما أسلحتهم أشد فتكاً ،وأمضى جرحاً، فهي أشبه بسهام تصيب القلوب مباشرة، وتحبطها وتدخل الشكوك في الأنفس، سلاحهم : كلمة ،أو إلماحة، أو همز ولمز في الخفاء، أو نظرة اشمئزاز لكل من حقق نجاحا في منحى من مناحي الحياة، فعدو النجاح تراه يعترف بنجاحك في قرارة نفسه، ولكن قلبه امتلأ غلاً وحقداً، فهو لا يستطيع الحديث بنجاحك بين أقرانه، ولا حتى الإشادة بتفوقك، وهذا يعتبر أخف ضررا ممن يقلب الحقائق، ويحول نجاحك إلى فشل و انتكاسة، وأعداء النجاح وهم كثيرون ، ويعيشون معنا وحولنا ، وهم يتواجدون في كل زمان ومكان، ولهم صفات من أهمها: السلبية، والفشل، والانهزامية، والغيرة، والحقد، والعدوانية، وذلك لعدم قدرتهم على تحقيق أي نجاح أو تطوير الذات، فهؤلاء لا يتميزون ،ولا يزكون غيرهم .
أيها المسلمون
إن النجاح والتفوق والتميز لا يموت عند أهل العزم والإرادة الراسخة، والغرس الذي تغرسه بإخلاص للقيم الأخلاقية لن ينطفئ، فكل الأشياء التي يضعها لك أعداء النجاح لعرقلة مسيرك نحو بلوغ قمم النجاح، إنما هي تصنع منك إنسانا ناجحا، له صلابة قوية عندما يواجه الأزمات والشدائد، في حين أن الذي يركن إلى واقعه السلبي، سيصبح أسيرا في ذلك الواقع، أما الشخص الطَموح فهو يعمل بشكل دائم ،ويجاهد بتفان، لكي يحلق عاليا في سماء النجاح، ويتابع مسيره نحو بلوغه بثبات، ولا يعطي أية قيمة لمن خانوا أخلاقهم لإرضاء شيطانهم، فمهما حاولوا تغطية تميز الناجح، سيسطع نور اجتهاده رغم كيدهم وحقدهم وحسدهم الدفين، فالنجاح يعلو ولى يُعلى عليه، واعلم أيها المجتهد المثابر: أن أعداء النجاح لا يهاجمون إلا الإنسان الذي يمتلك مواصفات الناجح ،لهذا، فهم دائما يشككون في إمكانياته ومهاراته، ولكنهم بالرغم من كل ذلك يبقون غير قادرين على إخفاء ما يقوم به من إنجازات وأعمال ناجحة، ومهما حاولوا حرمان الناجح من تميزه، فلن يتمكنوا من سلب النجاح منه، لكونه صناعة ذاتية، وحق منشود، لا يمكن أن يأخذه منه أحد، فيتحتم على الذي يرى نفسه ناجحا ألا ينتظر الاعتراف من غيره بذلك، فالزمان والوقت كفيلان بإثبات حقيقة إبداعاته وإنجازاته المتميزة، وقد تكون قوة نجاحك مستمدة من كل ما واجهت من تحديات وعوائق، لذا فإن ما يجعلك إنسانا ناجحا هو إدراكك لفكرة واحدة، إيمانك أنه ما من شيء أبدا بوسعه أن يحطم نجاحك ويخفي أثاره، بل على النقيض فكلما حاولوا منعك من الارتقاء في درجات النجاح إلا وصار نجاحك أكثر سطوعا وبروزا، ولهذا كله ينبغي أن تقول: شكرا لكل أولئك الذين لا يكفون عن محاولاتهم الخبيثة لإﺟﻬﺎض نجاحاتك، وﺳﺮﻗﺔ اﻧﺘﺼﺎراتك، ﻟﺼﺎﻟﺢ اشباع رغباتهم الشيطانية، فامض في نجاحاتك، واستمر في تميزك، غير آبه بكل من يحاول عرقلة مشوارك نحو المجد الذي لا يصل إليه سوى العظماء، ولتكن من الذين يملكون إصرارا جبارا، وقلوبا أوسع من أي فعل لاأخلاقي يمارسه الآخرون اتجاههم، فنجاحك أكبر من أن تلتفت لكل من يحاول النيل منه، فوجود الأعداء في حياتنا يجعلنا في تحفيز دائم إذ لا يتوقف هذا التحفيز إلا بغيابهم عن حياتنا وهذا محال. ووجود الأعداء في حياتنا ولفترة طويلة يكسبنا مهارة إدارة الغضب وتحويل هذا الغضب إلى طاقة جبارة نتائجها الإنجاز.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أعداء النجاح، وطريق التميز )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن النجاح أمنية كل إنسان، وهو يأتي بالعمل والجد والاجتهاد؛ وهو محصلة لاجتهادات صغيرة تتزايد يوماً بعد يوم، وإذا علمنا أن للنجاح أعداء، فعلينا دائما التأمل في سيرة النبي صلي الله عليه وسلم في التعامل مع خصومه وأعدائه، فمنهم من تم احتواؤه، ومنهم من تم تجاهله، ومنهم من تمت مواجهته إذا لزم الأمر لحسم الصراع. قال الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه: “إن استطعت فكن عالمًا، فإن لم تستطع فكن مُتعلِّمًا، فإن لم تَستطع فأحبَّهم (العلماء) ، فإن لم تستطع فلا تبغضهم”، ومعنى ذلك أن نوطن أنفسنا على محبة الخير للآخرين، وأن نحرص على إيصال النفع لهم، وعدم الإضرار بهم؛ فالإسلام يدعو ويحث علي نشر الخير والصفاء والنقاء والمحبة والسلام بين أبناء المجتمع.
الدعاء