خطبة عن (نعمة الأمن والعافية والقوت )
يناير 8, 2023خطبة حول حديث ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ )
يناير 10, 2023الخطبة الأولى ( أعمال أغضبت رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «اللَّهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ وَإِنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وفيه أيضا: (قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْيَتِيمَةَ فَقَالَ «آنْتِ هِيَهْ لَقَدْ كَبِرْتِ لاَ كَبِرَ سِنُّكِ». فَرَجَعَتِ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَا لَكِ يَا بُنَيَّةُ قَالَتِ الْجَارِيَةُ دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ لاَ يَكْبَرَ سِنِّي فَالآنَ لاَ يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا – أَوْ قَالَتْ قَرْنِي – فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ». فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي قَالَ «وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ». قَالَتْ زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لاَ يَكْبَرَ سِنُّهَا وَلاَ يَكْبَرَ قَرْنُهَا – قَالَ – فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّى اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
إخوة الإسلام
يقول الله تعالى في محكم آياته: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (128) التوبة. وقال تعالى في وصف رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم (4)، فبديهياً لمن اصطفاه الله تعالى لحمل أعظم رسالة للناس، وفضله على العالمين، أن يجمع مكارم الأخلاق، وأن يكون النموذج المثالي الحي للإنسان الكامل، ولا غرابة في ذلك، فالرسول – صلى الله عليه وسلم- الكريم منحة السماء إلى الأرض، ورحمة الله للعالمين، ربَّاه الله فأحسن تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وفي مسند أحمد وغيره: (عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يتحلى ويتجمل بأخلاق عظيمة، فيمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، كما عرف بقلة التكلف، وأُوتي جوامع الكلم، ومع هذه الأخلاق العظيمة فالرسول صلى الله عليه وسلم هو بشر، يجري عليه ما يجري على البشر ،من: وزواج، ومرض، وأكل، وشرب، وموت، ورضا ،وغضب، إلى آخر ما هو معروف في دنيا البشر.
وسوف أتناول معكم اليوم -إن شاء الله تعالى- بعض الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بغرض اجتنابها، والابتعاد عنها، وبداية: فالغضب طبيعة وفطرة بشرية، فطرها الله سبحانه تعالى في بني آدم, وقد حذر منه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في كثير من الأحاديث الشريفة, ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَوْصِنِي . قَالَ «لاَ تَغْضَبْ». فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ «لاَ تَغْضَبْ»، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رجل لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – دلني على عمل يدخلني الجنة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (لا تغضب ولك الجنة) (رواه الطبراني)، ومن المعلوم أن الغضب ينقسم إلى قسمين: غضب مذموم، وغضب ممدوح، أما الغَضَب المذموم: فهو الغضب الذي نُهي عنه، وذُمَّ في الأحاديث التي وردت، وهو خلق سيئ؛ لأنه يخرج العقل والدين من سياستهما، فلا يبقى للإنسان مع الغضب نظرٌ، ولا فكرٌ، ولا اختيار، وأما الغَضَب المحمود: فهو الغضب لله عزَّ وجلَّ عند ما تنتهك حرماته، وكذا الغَضَب على أعدائه؛ من الكفَّار، والمنافقين، والطَّغاة، والمتجبِّرين ،وفي صحيح البخاري: (عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ)، وكان إذا غَضِبَ- صلى الله عليه وسلم- اسْتَدَرَّ عِرْقٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وأحمر وجهه،
ومن أهم الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يمس العقيدة: وهو من أشد ما يغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أمثال ذلك: الخوض في القدر: ففي سنن الترمذي بسند حسن: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي الْقَدَرِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ فَقَالَ «أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تَتَنَازَعُوا فِيهِ»، وفي سنن الترمذي بسند صححه: (عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»،
ومن الأعمال والأقوال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشك في عدله صلى الله عليه وسلم والظن به ظن السوء: ففي صحيح البخاري: (أن أَبَا وَائِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ – رضي الله عنه – قَالَ قَسَمَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ»، وروى البخاري: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ – رضي الله عنهما – أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لِلزُّبَيْرِ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاء إِلَى جَارِكَ». فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ . فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ثُمَّ قَالَ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)، وفي موطإ الامام مالك: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنْ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ إِبِلاً مِنَ الصَّدَقَةِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ – وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ – ثُمَّ قَالَ « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَلُنِي مَا لاَ يَصْلُحُ لِي وَلاَ لَهُ فَإِنْ مَنَعْتُهُ كَرِهْتُ الْمَنْعَ وَإِنْ أَعْطَيْتُهُ أَعْطَيْتُهُ مَا لاَ يَصْلُحُ لِي وَلاَ لَهُ ». فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ أَسْأَلُكَ مِنْهَا شَيْئًا أَبَدًا). وفي سنن الترمذي: (أن أَبَا بَرْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِأُذُنِي وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنِي أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَالٍ فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْ عَنْ شِمَالِهِ وَلَمْ يُعْطِ مَنْ وَرَاءَهُ شَيْئًا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا عَدَلْتَ فِي الْقِسْمَةِ. رَجُلٌ أَسْوَدُ مَطْمُومُ الشَّعْرِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ « وَاللَّهِ لاَ تَجِدُونَ بَعْدِي رَجُلاً هُوَ أَعْدَلُ مِنِّي ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أعمال أغضبت رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الابتعاد عن هديه، ومفارقة سنته وطريقته، والتشدد في الدين، وعدم الأخذ بالرخصة: ففي صحيح مسلم: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَمْرٍ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً». وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ كَيْفَ تَصُومُ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ – رضي الله عنه – غَضَبَهُ قَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ. فَجَعَلَ عُمَرُ – رضي الله عنه – يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلاَمَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ «لاَ صَامَ وَلاَ أَفْطَرَ – أَوْ قَالَ – لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ». قَالَ كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ «وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ». قَالَ كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا قَالَ « ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ». قَالَ كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ قَالَ «وَدِدْتُ أَنِّى طُوِّقْتُ ذَلِكَ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «ثَلاَثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الْفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيهَا .فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». في سنن أبي داود: (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ». فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّبِعُ ».
ومن الأعمال التي أغضبت رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفضيل الناس الأنبياء بعضهم على بعض: فقد روى البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ . فَقَالَ لاَ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَامَ، فَلَطَمَ وَجْهَهُ ،وَقَالَ تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَالنَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلاَنٍ لَطَمَ وَجْهِي . فَقَالَ «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ». فَذَكَرَهُ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ «لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِي» وللموضوع بقية
الدعاء