خطبة عن (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)
أغسطس 18, 2025الخطبة الأولى (أكمل الله الدين وأتم النعمة)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3.
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع هذه الآية من كتاب الله العزيز، نتلوها، ونتفهم معانيها، ونتبين مراميها، ونرتوي من نبعها الصافي، ونرتشف من رحيقها المختوم، فقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة:3]، فهذه من أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل الله تعالى لها دينها، فهم لا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، وأكمل الله الدين، فلا حلال إلا ما أحله الله ورسوله، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا دين إلا ما شرعه الله تعالى، وبينه رسوله، لأن الله أكمل الدين، وأتم النعمة، وكل شيء أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خلف، فقد قال تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ) [الأنعام:115] أي صدقا في الأخبار، وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين، تمت عليهم النعمة، ولهذا قال تعالى: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة:3]، أي: فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه، وبعث به أفضل رسله، وأنزل به أشرف كتبه.
ولمنزلة هذه الآية الكريمة وشرفها، وارتفاع مكانتها، فقد أنزلها الله تعالى على رسوله في أشرف الأماكن، وأفضل الأيام، وأجل المواقف، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم: (قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْيَهُودِ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ وَأَيُّ آيَةٍ قَالَ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ وَالْمَكَانَ الَّذِى نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ)، وفي رواية للترمذي: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَيَوْمِ عَرَفَةَ). وقال ابن جرير في “تفسيره”: (لما نزلت ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾، وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنَّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذْ أكمل؛ فإنه لم يكمل شيء إلا نقص، فقال: صدقت)، وقال العلامة السعدي في “تفسيره”: قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه، فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره؛ فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم)،
وقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي): فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا يقربنا إلى الله إلا وأمرنا به, وما ترك شيئا يبعدنا عن الله، ويقربنا إلى النار، إلا ونهانا عنه، ولذلك جاء عن حذيفة بن اليمان أنه قال: “كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها” أي فلا تتعبدوا بها,”، وقال الامام مالك رحمه الله تعالى: “من ابتدع بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة, اقرأوا قول الله تبارك وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3. قال مالك: فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا, ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ” هذه الكلمة من إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى, هي كافية, لأنها وضحت لنا المقصود من هذه الآية, التي تمنى ذلك اليهودي أنها لو نزلت عليهم.
أيها المسلمون
وقوله تعالى: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3، فالدخول في الإسلام أمر لجميع البشرية؛ ولكن الهدى هدى الله، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران:19، وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (85) آل عمران، فلا دين مقبول عند رب العالمين إلا دين الإسلام، يقول الله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران:83]؛ يقول السعدي رحمه الله: “أي: أيطلب الطالبون ويرغب الراغبون في غير دين الله؛ لا يحسن هذا، ولا يليق؛ لأنه لا أحسن دينا من دين الله)،
وماذا يريد ذلك الذي أراد أن ينصرف عن دين الإسلام إلى دين غيره؟، وأراد أن يترك دين الأنبياء إلى دين سواه؟، ألا ينظر هذا إلى ما جعل الله لهذا الدين من حسن وكمال؛ فلا يستوي المسلم وغير المسلم أبداً، قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:35]، فلا يمكن أن تحصل المساواة أبدا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، قال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر:22-23]. فنعمة الإسلام التي أنعم الله عز وجل على المسلمين؛ هي أعظم نعمة وأجل فضل، وقد سماها ابن القيم رحمه الله تعالى (النعمة المطلقة)، ثم بين الفرق بين (أكملت) و(أتممت)؛ يقول -رحمه الله تعالى-: “والنعمة نعمتان: نعمة مطلقة، ونعمة مقيدة؛ فالنعمة المطلقة هي المتصلة بسعادة الأبد، وهي نعمة الإسلام والسنة؛ وهي التي أمرنا الله -سبحانه وتعالى- أن نسأله في صلواتنا أن يهدينا صراط أهلها، ومن خصهم بها، وجعلهم أهل الرفيق الأعلى؛ حيث يقول تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]؛ فهؤلاء الأصناف الأربعة هم أهل هذه النعمة المطلقة، وأصحابها –أيضاً- هم المعنيون بقول الله –تعالى- {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3]؛ فأضاف الدين إليهم؛ إذ هم المختصون بهذا الدين القيم دون سائر الأمم.
أفلا نقابل هذه النعمة بالشكر لله صباح مساء؛ فللأسف الشديد، تجد أن الكثير ممن تسمى بالإسلام ،لا يملك من الإسلام إلا الاسم، فصار الحال كما قال الله عز وجل: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ:13، فالكثير منهم قد شغلتهم أنفسهم ودنياهم عن شكر الله تعالى، وليس الشكر بالأمر السهل إن لم يوفقك الله سبحانه وتعالى إليه؛ فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يدعوا الله تعالى أن يعينهم على ذكره وشكره؛ ففي سنن أبي داود وغيره: (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ «يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ». فَقَالَ «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
ولما كانت نعمة الاسلام من أجل النعم، كانت وصية الأنبياء لأبنائهم، قال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [البقرة: 132]، وقال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133]، وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يثبته الله تعالى على الإسلام حتى الممات، ففي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ فَقَالَ «إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا»،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أكمل الله الدين وأتم النعمة)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة/3، فالمراد بذلك كمال الشرائع، من الأوامر والنواهي، والحلال والحرام، فكمل الدين بفرائضه وأركانه وحلاله وحرامه، والمراد أيضا: أن كمال الدين هو نصره على أعدائه، حيث فتح الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانقمع أعداء الدين، حتى حج الرسول صلى الله عليه وسلم في العام العاشر، ولم يحج معه مشرك، فإكمال الدين: نصره على أعدائه، وإكمال الشرائع، والدين مبني على أصلين: الكتاب والسنة، ولا يمكن لمسلم أن يعبد الله تعالى حق عبادته إلا بالتمسك بالكتاب والسنة، فالسنة تفسر القرآن وتبينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وَدِينُ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، وَعَلَى أَنْ يُعْبَدَ بِمَا شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَانِ هُمَا حَقِيقَةُ قَوْلِنَا: ” أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ”. فَالْإِلَهُ هُوَ الَّذِي تَأْلَهُهُ الْقُلُوبُ عِبَادَةً وَاسْتِعَانَةً وَمَحَبَّةً وَتَعْظِيمًا وَخَوْفًا وَرَجَاءً وَإِجْلَالًا وَإِكْرَامًا. وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ حَقٌّ لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، فَلَا يُعْبَدُ إلَّا اللَّهُ، وَلَا يُدْعَى إلَّا اللَّهُ، وَلَا يُخَافُ إلَّا اللَّهُ، وَلَا يُطَاعُ إلَّا اللَّهُ. وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُبَلِّغُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَتَحْلِيلَهُ وَتَحْرِيمَهُ، فَالْحَلَالُ مَا حَلَّلَهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ، وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ؛ وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي تَبْلِيغِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَتَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ؛ وَسَائِرِ مَا بَلَّغَهُ مِنْ كَلَامِهِ” وقال ابن القيم: “فقد بين الله سبحانه على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمر به، وجميع ما نهى عنه، وجميع ما أحله، وجميع ما حرمه، وجميع ما عفا عنه، وبهذا يكون دينه كاملا، كما قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة:3.
الدعاء