خطبة عن (تلوث البيئة .أسباب.نتائج.حلول) (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)
يناير 16, 2017خطبة عن (عناية الإسلام بالأيتام والمعوقين والضعفاء)
يناير 17, 2017الخطبة الأولى ( وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران :103]، وقال سبحانه: {إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]، وقال سبحانه: {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون : 52]، وروى البخاري ومسلم – واللفظ له – من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.
إخوة الإسلام
إن من أهداف الدين الإسلامي توحيد الأمة، وتوحيد كلمتها، وتوحيد صفها، وتوحيد تصوراتها، وتأليف القلوب وجمع الشمل على كلمة سواء… هذا ما أوجبه الإسلام في كثير من الأوامر والنواهي في الذكر الحكيم. وهذا الدين العظيم هو الذي جمع الأوس والخزرج، وجمع بين بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وعمر القرشي، وهذا الدين هو الذي جعل الأنصار يقتسمون البيت والمال، بل وكل شيء بينهم وبين إخوانهم من المهاجرين… ولهذا فلن تتوحد أمتنا بغير ذلك. ولن تجتمع كلمتنا وتتوحد صفوفنا وتلتئم جراحاتنا إلا بالتمسك بهذا الدين ، والعودة إلى ما كان عليه سيد المرسلين ،ولا يخفى علينا ما يدور حولنا من أحداث جسام، ولا يغيب عنا ما يقع في بلادنا من أخطار, ولا يختلف اثنان من عقلاء الناس على أن الاجتماع والائتلاف مطلب ضروري لا غنى عنه لأمة تريد لنفسها الرفعة.
قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا) (آل عمران: 102 – 103). فقوله تعالى : (وَلا تَفَرَّقُوا) أمَرَهُم بالجماعة ونهاهم عن التفرقة، وقد وردت الأحاديثُ المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضى لَكُمْ: أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وأنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاهُ اللهُ أمْرَكُمْ؛ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإِضَاعَةَ الْمَالِ) (رواه مسلم ) ، ” وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ” هو التمسك بعهده واتباع كتابه ،” وَلا تَفَرَّقُوا “هو أمر بلزوم جماعة المسلمين وهذه الخصال الثلاث، إخلاص العمل للّه، ومناصحة أولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين . تجمع أصول الدين وقواعده، وتجمع الحقوق التي للّه ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة. وقال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء: 92) أي: هؤلاء الرسل المذكورون هم أمتكم وأئمتكم الذين بهم تأتمون، وبهديهم تقتدون، وكلهم على دين واحد، وصراط واحد، والرب أيضًا واحد. وقال تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون: 52)، فقوله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) أي : دينكم – يا معشر الأنبياء- دين واحد، وملة واحدة، وهو الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له؛ ولهذا قال: (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ،وروى أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه -، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ”. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (… عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثنين أَبَعْدُ) (رواه الترمذي واحمد )
وعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْبَرَكَةُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي الْجَمَاعَةِ، وَالثَّرِيدِ، وَالسُّحُورِ) (رواه الطبراني ) ، وأسباب وحدة المسلمين قائمة ومتكاثرة: – فهي أمة تعبد رباً واحداً، وتعتمد منهجاً واحداً وهو القرآن ، وتهتدى برسالة واحدة وهي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتتجه إلى قبلة واحدة .
أيها المسلمون
إننا في حاجة ماسة إلى مفهوم الجسد الواحد، الذي يتألم إذا اشتكى منه عضو، والبنيان الواحد الذي يشد بعضه بعضًا. فبالدين تتوحد النفوس، وبالدين تزول الفوارق بين أبناء الوطن الواحد، وبالدين يتساوى الجميع حتى لا يفخر أحد على أحد، وبالدين تزول الضغائن ، وبالدين نستطيع أن نرفع روح التسامح وروح التعايش. فوحدة المسلمين واجتماعهم كما أنها مطلب ديني وأمر إلهي ، فلها أيضا ثمار وفوائد جمة ، ففي الوحدة يكون الأمن والأمان، وفي الوحدة يكون النصر على العدو الحقيقي الذي نسيناه في زحمة خلافاتنا، وفي الوحدة تعود إلينا قوتنا، وعزتنا، ويشهد التاريخ على قوة المسلمين، وانتصارهم في كافة الميادين وقت وحدتهم، لقد انتصر الإسلام في جميع عهوده التي كان المسلمون فيها متحدين متآخين، ولم يتمكن المسلمون من القضاء على أعدائهم إلا بوحدة الصف وتوحيد الهدف، كما في معركة اليرموك ، وفي حرب المغول والتتار, وعين جالوت، وحطين ،وطرد الصليبيين من بلاد المشرق ، وفتح بيت المقدس ، وكما في العاشر من رمضان عندما انتصرت مصر، بتحالف وتعاون أشقائها العرب ضد الكيان الصهيوني. ومنذ أن انساح الصحابة – رضي الله عنهم -، يفتحون أقطار الأرض، وينشرون دين الله تعالى في الآفاق، ويدخلون الناس في دين الله أفواجًا، وشعور الأمة الواحدة مُتَجَذِّرٌ في أعماق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. ذلك الشعور الذي لا يُوَهِّنه اختلاف الألسن واللهجات، وتَبايُن العادات والطباع؛ فإن آثار ما مضى من الاختلاف والتباين لا تَعْدو إيجاد بعض صعوبات في المُخالَطة.
أيها المسلمون
والإسلام يحذر أتباعه من الفرقة ، وينهاهم عن التحزب والتعصب والاختلاف ، قال سبحانه وتعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ*وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (آل عمران 105 – 107).. وقال عز وجل: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال:46)، وقد روى الإمام مسلم عن ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا)
فالحديث يحمل بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمة الإسلام أن أعداء الله لن يستطيعوا استئصالها ولو اجتمعوا عليها من جميع أقطار الأرض.. ولكن الهلاك الحقيقي في أن يتفرقوا فيقضي بعضهم على بعض ويهلك بعضهم بعضًا، فالفرقة تجعل هلاك الأمة بيد أبنائها، كما أن الإسلام يعتبر الفرقة قرينة للكفر، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) (آل عمران:100).. أي بعد وحدتكم متفرقين ،وفي صحيح البخاري : (عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ « اسْتَنْصِتِ النَّاسَ » فَقَالَ « لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ » ،فعبر بكلمة الكفر وأريد منها الفرقة والخلاف، وهذا في الحقيقة يجعل التفرق محنة حقيقية إذا نحن لم نقرر جديًا التخلص منه.. بل يجعل التفريق مصيبة نرجو الله عز وجل أن يرفعها عنا، لأنها ستهلك الأخضر واليابس، ولن تبقى ولن تذر ما لم نتدارك الأمر. ومن مآسي التفرق الإسلامي ونتائجه : احتلال بلاد المسلمين وإذلال شعوبها. وضياع الأقليات الإسلامية في أطراف العالم الإسلامي. والتجرؤ على عقيدة المسلمين وثوابتهم ومقدساتهم. وكذا الفتن الداخلية بين المسلمين وإراقة دماء المسلمين بأيدي المسلمين ، والتناقض التام بين الغنى الفاحش والفقر المدقع في البلدان الإسلامية . وبالجملة ضياع الهيبة وسقوط المكانة للأمة الإسلامية، كما حذر الله تعالى : (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم…. ) (الأنفال:46) ، وكما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم : « يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأُكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ». قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهَنُ قَالَ « حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ » رواه احمد وأبو داود
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن عوامل الاتحاد ودعائم الوحدة والتي يمكن للمسلمين أن يسلكوا طريقها على مستوى الفرد والجماعة والدول والمنظمات : إعادة بناء الأسرة المسلمة باعتبارها اللبنة الأولى لمجتمع متماسك. وصلة الرحم التي أمر الله بها أن توصل، فواصلها موصول من الله وقاطعها مقطوع من الله. ومن عوامل الوحدة :إزالة أسباب التقاطع والتباغض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَقَاطَعُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ » رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم : « تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا » رواه مسلم .ومن عوامل الوحدة :إصلاح ذات البين ،ورد كل تنازع إلى حكم الله ورسوله ، هو الذى يرفع التنازع ويشفى الصدور ،قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات : 10)، وقال سبحانه: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء: 59). ومن عوامل الوحدة :التزام حسن الظن وتبادل الثقة، بتوجيه وسائل الإعلام إلى تنمية روح التآلف وإشاعة أخلاقيات الحوار واحتمال الآراء الاجتهادية. والعمل على نشر ثقافة المشاركة المجتمعية، والتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد. وترسيخ مبدأ الحب ، ومن عوامل الوحدة :إفشاء السلام بين المسلمين . فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ». ومن عوامل الوحدة بين المسلمين : التحذير من التهاون بتكفير المسلم وتفسيقه وتبديعه ففي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ . فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا » ،ومن عوامل الوحدة : إحياء مبدأ الأخوة الإسلامية العامة التي تتجاوز البلاد واللغات والألوان لتؤلف بين الجميع فهي مفتاح النصر والقوة، قال تعالى : (… هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال 62 :63)، وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (….الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ». ومن عوامل الوحدة : دفن العصبيات القبلية والوطنية والقومية ، ففي سنن أبي داود : (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ». وفي صحيح مسلم : (وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِي لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ ». وفي سنن البيهقي : (عَنِ ابْنَةِ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا يَقُولُ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ :« أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ ». ومن عوامل الوحدة : تجاوز النـزاعات التاريخية، فإن إثارتها لا تعود على الأمة إلا بإذكاء الضغائن وتعميق الفرقة. ومن عوامل الوحدة : الاستفادة من القضايا المصيرية التي توحد الأمة الإسلامية وفي مقدمتها قضية القدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لدرء الأخطار التي تهدد إسلاميتها، والتأكيد على أنها قضية المسلمين. ومن عوامل الوحدة : الاهتمام بالآليات المطروحة التي لها أولوية في تحقيق الوحدة الإسلامية مرحليًا ومن أهمها: إعداد المناهج التعليمية على أسس إسلامية. ووضع الاستراتيجية الإعلامية الإسلامية . وإنشاء السوق الإسلامية المشتركة. والتعاون والتكامل العربي والإسلامي. وإقامة محكمة العدل الإسلامية المشتركة. وجيش عربي إسلامي موحد للتصدي لأعداء الأمة. وإخلاص الولاء لله وحده وتقديمه على الجماعة أو المذهب أو الطائفة قال تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ..) (المائدة: 55 )
وقال: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71). إعلاء قيمة التكافل الإسلامي ، وفي صحيح مسلم ) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ». وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا » . وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ) ،ولا ننسى قبل ذلك كله الدعاء والتضرع إلى الله تعالى،فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه
أيها المسلمون
ولا يخفى على أحد أن عصرنا هذا هو عصر التكتلات التي لها تطبيقاتها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية تحت شعارات العولمة والعلمانية والحداثة ،وبسبب الانفتاح الإعلامي دون أي قيود أو ضوابط، مما يجعل العالم الإسلامي مستهدفا لإزالة خصوصياته وتذويب مقوماته ومعالم حضارته الروحية والفكرية، ولا تتم حماية أمتنا من هذه الأخطار إلا باتحادها وإزالة أسباب التفرق والتي ذكتها سابقا ولا سيما أن أمتنا تملك العديد من مقومات الوحدة التي تشمل الوحدة الاعتقادية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية والثقافية.
الدعاء